بقلم: المتولي إبراهيم إبراهيم
ماجستير في الدراسات النفسية والاجتماعية في مجال الطفولة
استكمالًا للمقال السابق نتناول كيف يمكن بناء الصحة النفسية للطفل من خلال الأسرة والمدرسة ؟
الصحة النفسية في الأسرة : الأسرة تعتبر أهم عوامل التنشئة الإجتماعية . وللأسرة وظيفة اجتماعية ونفسية هامة فهى المدرسة الاجتماعية الأولى للطفل وهى المسئولة عن صبغ سلوك الطفل بصبغة إجتماعية وهي تعتبر النموذج الأمثل للجماعة الأولية التي يتفاعل الطفل مع اعضائها وجهاً لوجه ويتوحد مع اعضائها ويعتبر سلوكهم سلوكا نموذجيًا يحتذى به. وتستخدم الأسرة أساليب نفسية عديدة أثناء التنشئة الاجتماعية للطفل مثل الثواب ” المادى والمعنوى” والعقاب “المادى والمعنوى” ، والمشاركة فى المواقف والخبرات بقصد تعليم السلوك والاستجابات والتوجيه المباشر والتعلم.
إن توجيه الأزواج قبل الزواج وأثناءه عملية ضرورية وواجبة ضمانا للصحة النفسية لهما وللأسرة بأسرها.
وتؤثر العلاقات بين الوالدين على صحة الطفل النفسية على النحو التالى:
– السعادة الزوجية تؤدى إلى تماسك الأسرة بما يخلق جوا يساعد على نمو الطفل إلى شخصية متكاملة ومتزنة.
– الوفاق والعلاقات السوية بين الوالدين تؤدى إلى إشباع حاجه الطفل إلى الأمن النفس والى توافقه النفسي ، الاتجاهات الانفعالية السوية واتجاهات الوالدين الموجبة نحو الحياة الزوجية تؤدى إلى استقرار الأسرة والصحة النفسية لكافة افرادها ، والعكس صحيح من حيث التعاسة الزوجية والخلافات بين الوالدين والمشكلات النفسية لهما والسلوك الشاذ منهما يقومان بتهديد الاستقرار الأسرى وعدم الاتزان الانفعالى والصحه النفسية لكافة أفرادها.
– إن العلاقات والاتجاهات المشبعة بالحب والقبول والثقة تساعد الطفل فى أن ينمو إلي شخص يحب غيره ويتقبل الأخرين ويثق فيهم والعكس صحيح إذا كانت العلاقات السيئة والاتجاهات السلبية والعلاقات بين الأخوة القائمة على تفضيل طفل على طفل أو جنس على جنس، والعلاقات المشبعة بالتعاون والخالية من التنافس تؤدى إلى النمو النفسي السليم للطفل ويجب أن يعمل الوالدين حساب سيكولوجية الطفل الوحيد و الطفل الأكبر والطفل الأصغر و الطفل الأوسط .
– والعلاقات بين الأسرة والمدرسة مهمة للغاية وخاصة علاقات التعاون لتبادل المعلومات والتوجيهات فيما يتعلق بنمو الطفل وكذلك نجد أن العلاقات الاسرية والمدرسة ووسائل الإعلام ودور العبادة وجماعة الرفاق تؤثر في النمو النفسي للطفل.
-إن الجو الأسرى يحب أن يتسم بمايلي ليساعد الطفل على النمو النفسي السوى والصحة النفسية:
• اشباع الحاجات النفسية وخاصة الحاجات الضرورية من مأكل وملبس ونوم والحاجة إلى الانتماء والأمن والحب والأهمية والقبول والاستقرار .
• تنمية القدرات عن طريق اللعب والخبرات البناءة والممارسة الموجهة .
• تعليم التفاعل الاجتماعى واحترام حقوق الأخرين والتعاون والايثار .
• تعليم التوافق النفس (الشخصي والاجتماعى).
• تكوين الاتجاهات السليمة نحو الوالدين والأخوة الأخرين.
• تكوين العادات السليمة الخاصة بالتغذية والكلام والنوم … الخ.
• تكوين الافكار والمعتقدات السليمة.
الظروف غير المناسبة في الأسرة وآثارها على الصحة النفسية للطفل
الظروف غير المناسبة :
1- الرفض أو الأهمال ونقص الرعاية : آثارة على الصحة النفسية: الشعور بعدم الأمن، والشعور بالوحدة ، محاولة جذب إنتباه الآخرين ، السلبية والخضوع أو الشعور العدائى والتمرد، عدم القدرة على تبادل العواطف، الخجل، العصبية ، سوء التوافق.
2- الحماية الزائدة : أثارها على الصحة النفسية: عدم القدرة على مواجهة الضغوط البيئية ومواجهة الواقع، الخضوع ، القلق ، عدم الأمن ، كثرة المطالب ، عدم الاتزان الانفعالى، قصور النضج، الأنانية.
3- التدليل: آثاره على الصحة النفسية: الأنانية، رفض السلطة، عدم الشعور بالمسئولية، عدم التحمل، الافراط في الحاجة إلى إنتباه الآخرين.
4- التسلط أو السيطرة :آثارها على الصحة النفسية: الاستسلام والخضوع أو التمرد عدم الشعور بالكفاءة الاعتماد السلبي على الأخرين، قمع وكبت استجابات النمو السلبي، عدم التوافق مع متطلبات النضج.
5- المغالاة في المستويات الخلقية المطلوبة:آثارها على الصحة النفسية: الجمود، الصراع النفسي، الإحساس بالإثم، اتهام الذات، امتهان الذات .
6- فرض النظم الجامدة ( النقد): آثارها على الصحة النفسية: المغالاة في إتهام الذات، السلبية، عدم الانطلاق، التوتر، السلوك العدائي .
7- مشكلات النظام والتضارب في النظم المتبعة: آثارها على الصحة النفسية : عدم تماسك قيم الطفل وتضاربها، وعدم الثبات الانفعالي، التردد في اتخاذ القرارات .
8- الزواج غير السعيد: آثارة على الصحة النفسية: القلق، التوتر، الشعور بعدم الأمن، الحرمان الانفعالى، الميل نحو النظر إلى العالم كمكان غير آمن، ظهور اضطرابات نفسية جسيمة، الاكتئاب ، القلق
9- انفصال الوالدين أو الطلاق: آثاره على الصحة النفسية : عدم الشعور بالأمن، عدم الاستقرار، العزلة، عدو وجود من يتمثل قيمهم وأساليبهم السلوكية، الخوف من المستقبل
10- اضطرابات العلاقات بين الأخوة: آثاره على الصحة النفسية: العداء والكراهية، الشعور بعدم الأمن، عدم الثقة بالنفس
11- الوالدان العصبيان: آثارها على الصحة النفسية: الخوف، الشعور بعدم الأمن، استخدام الحيل العصابية التي يستخدمها الوالدان
12- المثالية وارتفاع مستوى الطموح : آثارها على الصحة النفسية: الاحباط، الشعور بالاثم، امتهان الذات – الشعور بالنقص
13- التدريب الخاطئ على عملية الإخراج : آثارها على الصحة النفسية: الشعور بالعجز والخوف، العناد، الشقاوة .
14- أخطاء التربية الجنسية: آثارها على الصحة النفسية: الخجل، الشعور بالذنب، اضطراب التوافق الجنسي، الانحرافات الجنسية.
أما عن الصحة النفسية في المدرسة : فالمدرسة هي المؤسسة الرسمية التى تقوم بعملية التربية، ونقل الثقافة المتطورة وتوفير الظروف المناسبة للنمو جسميا وعقليًا وانفعاليًا واجتماعيًا. والطفل يدخل المدرسة مزودًا بالكثير من المعلومات والمعايير الإجتماعية والقيم والاتجاهات من الأسرة، والمدرسة توسع دائرة هذه المعلومات والمعايير والقيم والاتجاهات في شكل منظم ، وفى المدرسة يتفاعل التلميذ مع مدرسيه وزملائه ويتأثر بالمنهج الدراسي بمعناه الواسع علما وثقافة وتنمو شخصية من كافة جوانبها.
وفيما يلي بعض مسئوليات المدرسة بالنسبة للنمو النفسي والصحة النفسية للتلميذ:
• تقديم الرعاية النفسية إلى كل طفل ومساعدته في حل مشكلاته والانتقال به من طفل يعتمد على غيره إلى راشد مستقل معتمدا على نفسه متوافقا نفسيا.
• تعليمه كيف يحقق أهدافه بطريقة ملائمة تتفق مع المعايير الإجتماعية مما يحقق توافقه الإجتماعي.
• مراعاة قدراته في كل ما يتعلق بعملية التربية والتعليم.
• الاهتمام بالتوجيه والارشاد النفسي والتربوي والمهني للتلميذ.
• الاهتمام بعملية التنشئة الاجتماعية في تعاون مع المؤسسات الاجتماعية الأخرى وخاصة الأسرة.
• مراعاة كل ما من شأنه ضمان نمو الطفل نمواً نفسيا سليما .
وتستخدم المدرسة أساليب نفسية عديدة اثناء تربية التلاميذ منها: دعم القيم الاجتماعية وتوجيه النشاط المدرسي وتقديم نماذج صالحة للسلوك السوي ، والعلاقات بين المدرس والتلاميذ، و بين التلاميذ بعضهم ببعض والعلاقات بين المدرسة والأسرة كل هذا يؤثر على الصحة النفسية للتلميذ والتوافق المدرسي بما فيها من التعاون والفهم المتبادل والاسلوب الديمقراطى والتوجيه والارشاد السليم والتكامل بين الاسرة والمدرسة في رعاية النمو النفس للتلاميذ . ونحن نعلم أن الصحة النفسية بالنسبة للتلاميذ تتأثر بشخصية المربي الذي يجب أن يكون قدوة صالحة للتلاميذ في سلوكه .
من الضروري أن نضع في حسابنا أهمية الصحة النفسية في المجتمع بمؤسساته المختلفة الطبية والاجتماعية والاقتصادية والدينية وأن نعمل على تحقيق التناسق بين هذه المؤسسات وبصفة خاصة بينها وبين الأسرة والمدرسة.
وعلى المجتمع تهيئة بيئة اجتماعية أمنة تسودها العلاقات الاجتماعية السليمة، وإقامة العدالة الاجتماعية وإقامة حياة ديمقراطية سليمة ورعاية الطفولة والشباب والكبار ، وحماية الأسرة الخلية الأولى للمجتمع، وتحقيق أقصى اشباع ممكن لحاجات الناس المختلفة واصدار التشريعات الخاصة بالفحص الطبي والنفسي قبل الزواج، وتوجيه الأزواج، والتشريعات الخاصة بحماية الأحداث والمراهقين من المؤثرات الفكرية والاجتماعية الضارة والتشريعات الخاصة بحماية الأسرة و الطفولة والمراهقين والكبار والطلاب والعاملين والفئات الخاصة ورعاية القيم والعادات والتقاليد والقيم الدينية ورفع مستوى الوعى النفسي والوقاية من الأمراض النفسية