مصر تمتلك مفتاح الحل هذا ليس محل صُدفة ولا من فراغ، إنما لدورها التاريخى وثقلها السياسى والاستراتيجى، فمن ينكر دور مصر في مساندة العرب عبر التاريخ، ليس فقط بالشعارات كما يفعل البعض إنما بالدم والأوراح والشرف، فهى صانع السلام وقلب الدبلوماسية، ليس بالكلمات، وإنما أفعال تتجسد على أرض الواقع وتعكسها مشاهد واقعية وتحركات نزيهة ومكثفة، في ظل جهود يشهد بها القاصى والدانى، ولا يستطيع المزايدة عليها إلا مُغرض أو جاهل أو حاقد، فما يحدث على أرض العزة والكرامة من جهود لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب العدوانية على قطاع غزة لخير شاهد، ودليل قاطع على ما نتحدث عنه في وقت العالم كله يموج بالمتغيرات والإقليم يعيش على بركان من النيران..
لذلك، فإن الدور “المصرى – القطرى” في صياغة مقترح متوازن يتضمن، وقفًا مؤقتًا للعمليات العسكرية لمدة 60 يومًا قابلاً للتمديد، وإعادة انتشار القوات الإسرائيلية لضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، وفرض مسار سياسي واضح للوصول إلى اتفاق دائم يُنهي الأزمة، لخير نموذج على ما نتحدث عنه، فضلا عن تحمل مصر العبء الأكبر في الجانب الإنساني، حيث قدمت ما يقرب من 80% من المساعدات الموجهة لقطاع غزة، في إطار دورها الثابت والداعم للشعب الفلسطيني.
والجديد في المقترح المصرى، خلاف تضمن الإفراج عن نصف عدد المحتجزين، الأحياء والموتى، بواقع 10 أحياء و18 موتى، إنه يتضمن نقطة مهمة، وهو أن التفاوض سيدأ في اليوم الأول من الـ60 يوما – وهي المهلة المؤقتة – حول أوضاع الوقف الكامل والنهائي لوقف إطلاق النار، أي أن التفاوض لن يبدأ في نهاية المدة كما كان في الاقتراح السابق.
وفى اعتقادى ، زيارة وزير الخارجية ورئيس الوزراء الفلسطيني إلى معبر رفح، شاهد عملي على ما تبذله مصر للدفع تجاه وقف نزيف الدم الفلسطيني، وغلق الباب أمام المزايدين والكاذبين بشأن مصر هي من تغلق معبر رفح، لذلك فقد حملت الزيارة رسائل مباشرة إلى إسرائيل، من أمام معبر رفح الحدودي مع القطاع، رفضاً لمخططات تهجير الفلسطينيين، والطموحات الإسرائيلية التوسعية في القطاع والضفة.
لتبقى مصر حجر عثرة في وجه الكيان الغاشم فهى ليست مجرد دولة جوار فحسب، لكنها تملك من أدوات الحل الكثير، ما يجعلها الأقدر على رعاية الحل العادل، والوساطة المصرية لم تكن مجرد جهد دبلوماسي تقليدي، وإنما تحرك متكامل يجمع بين البعد الإنساني والسياسي والأمني، هدفه الأول حقن دماء الأبرياء ووقف دوامة العنف، وتهيئة الظروف لفتح أفق سياسي جاد يحقق الأمن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة.
لذا، فإن تحركات الدولة المصرية تضع المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي لدعم المبادرة المصرية، والضغط على الحكومة الإسرائيلية للقبول بها، باعتبارها الطرح الواقعي الوحيد القادر على إيقاف المأساة الإنسانية في غزة، ومنع انزلاق المنطقة إلى مرحلة أكثر خطورة، بل رسالة واضحة إلى العالم أجمع، بأن القاهرة كانت وستظل حاضنة القضية الفلسطينية وركيزة أساسية لتحقيق السلام العادل والشامل.
وأخيرا، نستطيع القول، إن ما تقوم به مصر حق وواجب تجاه القضية الفلسطينية، بل التزامٌ دينيٌّ وأخلاقيٌّ وتاريخيٌّ باعتبار أن القضية الفلسطينية رمز لكرامة الأمة العربية والإسلامية، لذا، فليس أمام الفلسطينيين والعرب والأمة الإسلامية إلا توحِّد صفوفَها، وتجاوز خلافاتها، لنصرة القضية ووضعها في الصدارة لتستعيد هويتها وعزتها
التعليقات مغلقة.