مُنذ زمن بعيد كان هُناك شاب أقصى طموحه أن يعيش في هذه الدنيا بأمان بعيدًا عن الثرثرة والقيل والقال ! وكان يعتاد يومه بالإستقامة في العمل وتأدية الفرائض واللعب واللهو ؛؛ وأخر يومه يستجم في مكان هاديء وسط الزهور والخضرة يحلو له الجلوس بمفرده أما النيل مُتأملًا أمواجه الجارية في سُكون .
وذات يومٍ وهو مُتكيء على جانبيه ينظر للسماء متأملا جمال الطبيعة ، سمع بصوتُ يبدو عليه إستغاثة ! ومن هُنا بدأ ينتبه من أين يأتي هذا الصراخ المُنسجم بالرُقي ! وبعد البحث وُجد بكائن ثعباني وهو حيّة تنزُف الدم من فمها والبكاء يسيل من عينيها ؛؛ تُريد أن يُنقذها من هذا العناء وثُقل الصخرة التي فوق جسديها !! .
فماذا عنه وكيف يقوم بهذه المُهمة صاعبة المنال ! فهو مُتخوف من إنقاذها لأنها مخلوق سام بطبيعتها ! فنظر إليها وهو يُناجي نفسه وما بعد ؟! فتغلب عليه العاطفة والقلب تدخل وياله من تدخل الفؤاد فهو يُزهد العقل ويُبلكهُ ! فبدأ بمساعدتها وهو الساذج المُنطوي بعيدًا عن كل سراع ، ثم إتجه نحوها وقام بنجواها من الهلاك التي كانت عليه !! .
وأما بعد أحضر لها الماء والغذاء حتى تستعيد قوتها ؛؛ وقام لها ببناء جوغ صغير تأوى به حتى لا تتعرض للأذى مرة أخرى ، ويومًا بعد آخر كان يذهب لها للإطمئنان عليها ، وبدأت الكائنة السامة تستعيد نفسها كما الأول مع ظهور نيابها ولسانها المتشعب وتكوينها الأفعي .. !! .
وهو الساذج في روايتها وفي إحدى الأوقات كان يحضر لها الطعام فأقتربت منه تشتهي أن تلدغه فهو لها الفريسة المسمنة ؛؛ وتارة بعد أخرى أخذ الحذر منها بعدما أحس بغدرها وتركها وشأنها وعاد كما الأول لعالمه الإنطوائي محدثًا نفسه ماذا أنا بفاعل مع مخلوق سام ولماذا أنقذتها وهي تريد أن تلغدني عدة مرات ؛؛ وقرر أن يختار له مكان أخر ليستعيد مزاجيته الأولية .
وبعد مرور من الزمن لاحت عليه هذه الأفعى وهذه المرة أرادت أن تأتي به كفريسة مسمنة وواجبه شهية لها ؛؛ وإذن يُعاد المشهد مرة أخرى وهو جالس بمفرده يستعيد نفسه ورونقه كما الأول ، ثم يستمع أيضًا لهذا الصراخ تارة أخرى بصوتٍ مُختلف !! .
وهو الساذج دائمًا الذي لا يتعلم من قصته بشيء ! وإتجه مُسرعًا كعادته مع تكرار المشهد الاول في سيناريو مُختلف ؛؛ نفس الأفعى مع تغيير جلدها تُحاول أن تقنعه أنها ليست بغابرة وهي البريئة التي هُزمت ؛؛ وهي ضحية الكائنات الأخرى وتطلب النجاة مرة أخرى وهي على جمر من النيران ويبدو عليها السلام ؛؛ .
ثم وقع في الفخ مُجددًا بعدما نجا من أذاها وسُمها ؛؛ وقام بفعله كما الأول معها محدثًا نفسه هو من أساء بها الظن يومًا ؛؛ فهي من أساؤا لها العديد والكثير فأصبحت بهذا التكوين ؛؛ ولا يعلم أن هذا هو تكوينها فالأفعى تغيير لونها وجلدها ولا تُغير سُمها ؛؛ فهو الأمن في حضرتها حتى تمكنت هي منه وقامت بفعلتها ولدغتُه بفمها السام ولسانها المتشعب وتكوينها الأفعي ؛؛ وما زال يريد أن يجمع قدًرا من المال يكفي الأمراض التي أصابته أثناء جمعُه بها !! وللحديث بقية.