المغرب – بدر شاشا :
في قلب الجنوب الشرقي المغربي، تقف جبال طاطا شامخة بصمتها الجيولوجية الفريدة، وجمالها الطبيعي الخلاب، وكنوزها المخفية التي لم تُستثمر بعد بالشكل الذي تستحقه. وبين الصخور والمرتفعات، تشرق الشمس طيلة العام بسخاء قلّ نظيره، مانحة هذه الجبال طاقة هائلة غير مرئية، لكنها ثمينة، بل من بين الأثمن في العصر الحديث: الطاقة الشمسية.
إشراقة متجددة: المؤهلات الطبيعية لجبال طاطا
تُعد منطقة طاطا من أغنى المناطق المغربية بالإشعاع الشمسي، بمعدل يفوق 300 يوم مشمس في السنة. هذا يجعل منها فضاءً مثالياً لتركيب محطات للطاقة الشمسية، خصوصاً فوق الجبال والهضاب المرتفعة التي تتلقى الإشعاع بشكل مباشر ومن دون عوائق.
الطبوغرافيا الوعرة التي كانت تُعتبر عائقاً في الماضي، أصبحت اليوم ميزة نسبية في ظل تطور تقنيات تثبيت الألواح الشمسية على المنحدرات، وبناء شبكات ذكية لتخزين وتوزيع الطاقة.
الاستثمار الذكي: لماذا الآن؟
العالم يتجه بخطى متسارعة نحو التخلي عن الطاقات الأحفورية. المغرب بدوره أطلق مشاريع طموحة في هذا الاتجاه، أبرزها محطة “نور” في ورزازات، لكنه لا يزال في حاجة إلى توسيع هذه المبادرات لتشمل مناطق أخرى غنية بالإشعاع كطاطا. الاستثمار في جبال طاطا اليوم، هو بمثابة دخول مبكر إلى سوق مستقبلية واعدة، خصوصاً إذا أُرفق ذلك بأنظمة متطورة لتخزين الطاقة في بطاريات طويلة الأمد، مما يضمن الاستفادة منها حتى في ساعات الليل.
البُعد الاستراتيجي والاقتصادي
الاستثمار في الطاقة الشمسية بجبال طاطا لا يحقق فقط عوائد اقتصادية هائلة، بل يحمل أبعاداً استراتيجية. فهو يخلق فرص شغل مستدامة في منطقة تعاني نسبياً من العزلة الاقتصادية، ويسهم في تنمية البنية التحتية، ويجعل من الجنوب المغربي قطباً محورياً في الانتقال الطاقي العالمي.
دعوة للمستثمرين وصناع القرار
إن جبال طاطا ليست فقط مناظر طبيعية، بل هي منصات شمسية تنتظر من يوقظ إمكاناتها. إنها فرصة ذهبية لمستثمرين جريئين، ولمسؤولين طموحين يؤمنون بأن بناء مغرب المستقبل يمر عبر بوابة الطاقات النظيفة.
فلننظر إلى الشمس لا كمصدر ضوء فقط، بل كمحرك للاقتصاد، ورافعة للعدالة المجالية، ومفتاحٍ لأمننا الطاقي. جبال طاطا تمدّ لنا يدها، فلنجب النداء.