مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

أحمد الشرقاوي يكتب: الرئيس السيسي ضمير الأمة في مواجهة الصمت العالمي

القمة العربية الأخيرة شكّلت لحظة فارقة في مسار العمل العربي المشترك، وفتحت الباب واسعًا أمام مرحلة جديدة من الحراك السياسي القائم على المصارحة، ووحدة الرؤية، وإدراك خطورة اللحظة التاريخية التي تمر بها المنطقة، خاصة مع تصاعد العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني.

ولعل من أبرز ما ميّز هذه القمة، هو التباين بين الخطاب التقليدي لبعض القادة، وبين خطاب القيادة المصرية، التي اختارت أن تقول الحقيقة كاملة بلا مواربة.

كلمات بعض القادة العرب خلال القمة اتسمت بالصراحة، ولكن كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي كانت الأكثر وضوحًا وقوة، حيث وضع النقاط فوق الحروف، وأعاد التذكير بالمبادئ الثابتة للموقف المصري والعربي من القضية الفلسطينية، وفي مقدمتها إنهاء الاحتلال، ووقف حمامات الدم، ورفض التهجير القسري، وضرورة قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

هذا الموقف لم يكن جديدًا على الرئيس السيسي، بل هو امتداد لنهج ثابت يؤمن بأن المواقف المبدئية لا تتجزأ. فالرئيس لم يكتفِ بتشخيص الأزمة، بل قدّم طرحًا عمليًا ورؤية استراتيجية لإنقاذ ما تبقى من شرعية دولية وحقوق إنسانية في ظل صمت عالمي مخزٍ. في كل موقف، يثبت أنه ليس مجرد رئيس دولة، بل قائد عربي بحجم الأمة، يحمل الهمّ العربي، ويتعامل مع القضايا المصيرية على أنها مسؤولية تاريخية، وليست ورقة تفاوض أو استعراض سياسي.

ومن هذا المنطلق، جاءت تحركات الدولة المصرية في الفترة الأخيرة لتترجم تلك الرؤية إلى أفعال، بدءًا من إطلاق المبادرات لوقف إطلاق النار، مرورًا بالتحركات الدبلوماسية مع القوى الدولية، وانتهاءً بفتح معبر رفح أمام المساعدات الإنسانية رغم العقبات والتحديات. كل ذلك يؤكد أن القاهرة لا تزال هي القلب النابض للعالم العربي، وأنها لا تساوم على دماء الأشقاء، ولا تسمح بتمرير مشاريع التصفية أو المساومات الرخيصة.

على الجانب الآخر، لا يمكن الحديث عن هذه المرحلة دون الإشارة إلى حجم الفجور الذي تمارسه آلة الحرب الصهيونية. ما نراه من الاحتلال الإسرائيلي تجاوز كل حدود الإجرام والوحشية.

قد يهمك ايضاً:

قبول الآخر (المواطنة)

وما زلتُ بشرًا

لم يعد الأمر يتعلق بمواجهات عسكرية، بل بإبادة جماعية مكتملة الأركان، فالكيان الصهيوني أصبح عبئًا أخلاقيًا على العالم، وكشف زيف ما يُسمى بحماية المدنيين وحقوق الإنسان في المنظومة الغربية.

وانطلاقًا من هذا الواقع المأساوي، فإن الرد العربي لا بد أن يتجاوز الإدانة اللفظية، ليصل إلى الفعل السياسي الموحد، والضغط الحقيقي عبر المؤسسات الدولية، والتلويح بالأوراق الاقتصادية.

ما طرحه الرئيس السيسي بهذا الخصوص يعكس رؤية استراتيجية شاملة تُعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية كقضية تحرر وطني، وليست مجرد صراع حدود أو هدنة مؤقتة.

أن الكيان الصهيوني لم يعد فقط قوة احتلال، بل بات نموذجًا فجًا للعنف المنظم، يمارس القتل بدم بارد تحت غطاء الصمت الدولي، ويستبيح الإنسان والأرض بلا رادع. ما يحدث اليوم في غزة ليس مجرد عدوان، بل جريمة مكتملة الأركان ضد الإنسانية، تُرتكب أمام عدسات الكاميرات وتُبرر بوقاحة في قاعات السياسة العالمية. لم يعد مقبولًا أن نُسمي الأشياء بغير أسمائها، فالعدو واضح، والضحايا معروفون، والحق لا يحتاج إلى تبرير.

وفي المقابل، وبينما تتوارى بعض العواصم خلف مواقف رمادية، تقف القيادة السياسية المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي موقفًا شريفًا وثابتًا، يعبر عن ضمير الأمة ويحمل على عاتقه مسؤولية الدفاع عن القيم والمبادئ والحق العربي. مصر، التي لم تتخل يومًا عن دورها، تعيد اليوم عبر السيسي تمركزها في قلب المعادلة، كدولة فاعلة، صاحبة كلمة، ومشروع وطني وقومي واضح.

في زمن التحولات الكبرى، تظل القاهرة منارة، ويظل السيسي قائدًا لا يحيد عن الثوابت، مهما اشتدت الضغوط أو تعددت المؤامرات.

في زمن التشرذم والانقسام، وفي لحظة فارقة تتطلب الشجاعة والمسؤولية، يبزغ دور الرئيس عبد الفتاح السيسي كقائد عربي يحمل على عاتقه مشروعًا وطنيًا وقوميًا، يؤمن بأن وحدة الصف ليست رفاهية، وأن بقاءنا كعرب مرهون بقدرتنا على الدفاع عن كرامتنا وحقوقنا، في وجه كيان غاصب لا يعرف إلا منطق القوة. ومثلما كانت مصر دومًا صوت العروبة، فإن الرئيس السيسي هو الامتداد الطبيعي لتاريخ من الزعماء الذين لم يرضخوا، ولم يساوموا مهما كانت التحديات.