مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

انور ابو الخير يكتب : عالم بلا حب

ا

قد يهمك ايضاً:

أحمد سلام يكتب وفاة قاض مصري … كل هذه الشماتة

غزة تحتضر جوعاً..سلاح التجويع

ما نشهده اليوم في عالمنا من تجويف للقيم الخلقية في عالم مادي لا روحاني في عالم تتصاعد فيه الدوافع والمصالح الإقتصادية والنرجسية و تغزو فيه القيم المادية الإستهلاكية والتنافس لجلب أقصى ما يمكن من الشهوات لإشباع الملذات والنزوات ولا سيما العالم الخارجي الذي فتح لهم باب الاستهلاك من نافذة وسائل الإعلام على تزيين ما طاب ولذ لما تبثه في الأفلام والمسلسلات من دناسة بل لم تحترم قداسة البراءة للطفل لما تنشره من قيم عبر مختلف القنوات المبرمجة للأطفال (الرسوم المتحركة ) التي تشجع على الصراع والفوضى والعنف والهمجية لا على المحبة والتسامح والتراحم وكان المآل طبعا عالم لا يعرف إلا الحروب و القتل والتدمير والفساد والإرهاب ويجهل الحياة والفرح والحب والشرف والضمير.
نحن بحاجة إلى حب يسري في عالمنا ولا يمكن اختزال الحب للعلاقة بين الرجل والمرأة أو ما نقرأه سوى في الروايات بل الحب كقيمة روحية تروم للإصلاح الجذري والداخلي للأذهان والقلوب نحو اتحاد مجتمع عالمي بقلوب متآلفة متحابة لأن الحب جبلة في الخلق وفطرة في النفوس فكل قلب يخفق بحب ولكن شتان بين حب وحب فإن فتنة الحب اليوم ليشغل قلوب الإناث للإناث والذكور بالذكور تلك هي الطامة الكبرى …إلى أين نحن نسير؟ وما هي نهايتنا ؟ أصبحت قيمنا هشة متبعثرة فاقدة لمنهج وسطي
لقد شهدنا عولمات متعددة منها العولمة التقنية والعولمة الإقتصادية والعولمة الثقافية لكن لم نشهد عولمة روحية لتكن عولمة الحب تدعو إلى مشاعر الحب والعواطف في كيان الإنسان لأن الحب أشبه بالسراج المضيء في غرفة ظلماء وكان هذا الظلام في عالمنا اليوم يزداد ويزداد لكدورة المعاصي والخبث وكثرة الشهوات التي تراكمت على وجه القلب فإن ذلك يمنع صفاء القلب وجلاءه فيمنع ظهور الحق فيه لنبحث عن حب عالمي لايشوبه شهوة ولا مصلحة ولا أشواك دامية ولا ألام كاوية
إذ لم يكن في الإمكان كف المطامح والنهم التي تقود للربح والهمجية فإن المجتمع العالمي سيظل يغرق بالدم والوحشية ليصبح الصراع كينونة الإنسان صراع بين الزوج والزوجة وصراع بين الأب وابنه وبين الأم وابنتها هذا الصراع الأسري يرجع أيضا للثقافة التي تنشرها وسائل الإعلام من قيم التي تصدرها الأسرة الغربية تروم إلى فساد أخلاقي تحرر المرأة أو المساواة بين الجنسين أوالتقدم أو الاستهلاك المفرط وكانت نهاية هذه الحرية المفرطة الحرية في حق الزواج المثلى وهكذا تلوثت القيم بعدما كانت الأسرة هي الخلية للخلق والحب والأخوة والأمومة والأبوة انقلبت قيم الأسرة الغربية إلى رغبات وشهوات قصد المتعة لا غير فالسبيل لإصلاح البشرية سبيل داخلي روحي و أخلاقي والمقاربة الرؤية الإسلامية نجد مالك بن نبي في توصيفه للإنسان المادي في هذا العالم يقول يصبح هذا الإنسان المادي في عزلته وحيدا ينتابه شعور بالفراغ الكوني ويجيبنا عن طريقتان لملء هذا الفراغ إما أن ينظر المرء حول قدميه نحو الأرض لامتلاك الأشياء وإما أن يرفع بصره نحو السماء أي برؤية أخلاقية روحانية ليملأ هذا الفراغ
أن الحب ليس الذي يمثله الممثلون في أفلامهم بل يفقهون من الحب الذي يتسلل حيث عيون الشرف والدين غافلة ويختفي حيث تبدأ قداسة الشريعة وروح الزواج بل كان الحب سر من أسرار القلب يربى فيه فضائله ويحوط بالحفظ كمالاته ويغرس في النفس بذور الإنسانية بعد أن يقلع منها جذور الأثرة والأنانية فكان خير مهاد لبناء الأسرة وأفضل روح لتضامن الأمة وأقوى زناد لتفجير ينابيع الحكمة وإذكاء شعلة الأدب