مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون
آخر الأخبار
محافظ كفرالشيخ يتفقد مدرسة بلطيم الثانوية الصناعية العسكرية الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا تنظم أول ندوة بحثية طلابية بالتعاون مع جامعة ويلكس الأمريكية داليا الحزاوي ترصد شكاوي أولياء الأمور  بعد إعلان جداول امتحانات الترم الثاني اختيار عشر مواهب غنائية للتنافس على لقب "مهرجان العقبة الغنائي الأول" مجلس الوزراء السعودي يشدد على رفضه الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية ويطالب بالوقف الفوري ل... مفتي الجمهورية :الأمراض النفسية من القضايا المعقدة التي تتطلَّب اجتهادًا جماعيًّا يجمع بين المعارف ا... مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي يفتح باب التقديم أمام الأفلام السينمائية لدورته الخامسة لعام 20... محافظ كفرالشيخ: تكثيف الجهود لسرعة إنهاء معاملات المواطنين في التصالح وتسهيل الإجراءات محافظ الإسكندرية يوجه بتنفيذ قرارات إزالة العقارات الآيلة للسقوط جامعة كفرالشيخ تواجه ظاهرة التنمر بالتوعية 

عبد العزيز حنفي يكتب : المداح …عندما يتحول الدجل الي مسلسل رمضاني

بين الحقيقة والخيال: هل يروج “المداح” للدجل أم يكشفه؟

منذ عرض الجزء الأول، حاول صنّاع المداح إقناع المشاهدين بأنه عمل يستند إلى صراعات الخير والشر في سياق روحاني، لكنه في الواقع يبدو أقرب إلى دعاية غير مباشرة للخرافات والمعتقدات الزائفة. فعوضًا عن تقديم حبكة نفسية تعتمد على التشويق الذكي، انغمس المسلسل في دوامة من الطقوس الغامضة والتعاويذ والطلاسم التي لا تمتّ للواقع بصلة، مما جعله أقرب إلى “كتيّب إرشادي في الشعوذة”، بدلاً من أن يكون دراما تناقش الظواهر الخارقة من منظور منطقي أو فلسفي.

النقطة الأهم أن المسلسل لا يطرح أسئلة عميقة حول هذه الظواهر، بل يقدّمها وكأنها “حقائق لا جدال فيها”. فصابر، بطل العمل، لا يبحث عن تفسير علمي أو منطقي لما يحدث له، بل يتعامل مع الأمور وكأن الجن والشياطين يتحكمون في مصير البشر بشكل مباشر، وهو ما يعكس توجهًا خطيرًا نحو تثبيت الأفكار المغلوطة في أذهان المشاهدين، خاصةً أولئك الذين يتأثرون بسهولة بهذه النوعية من القصص.

حبكة مكررة وشرير جديد كل موسم!

إذا نظرنا إلى تركيبة المواسم الخمسة من المداح، سنجد أنها تسير على نمط مكرر:

1. الشرير الخفي: في كل جزء، يظهر “كيان شرير” جديد، أقوى وأكثر خطورة من سابقه.

2. صابر الضحية: يظل يعاني من الكوابيس والرسائل الغامضة التي تلاحقه طوال الحلقات.

3. التحذيرات والنبوءات: دائمًا هناك شيخ حكيم أو كتاب قديم يكشف لصابر أن القادم أسوأ.

4. المواجهة النهائية: تنتهي الأحداث إما بانتصار مؤقت، أو بفتح باب جديد للشر في الموسم المقبل.

هذا التكرار جعل المسلسل يفقد عنصر المفاجأة، حيث أصبح الجمهور يتوقع ما سيحدث مسبقًا، مما أفقد القصة مصداقيتها وجاذبيتها. فبدلاً من التطور الدرامي الحقيقي، يكتفي العمل بإضافة أسماء جديدة إلى قائمة الشياطين والجن الذين يواجههم صابر، وكأن المسلسل دخل في “سباق مفتوح” لا ينتهي مع عالم الماورائيات.

قد يهمك ايضاً:

داليا الحزاوي ترصد شكاوي أولياء الأمور  بعد إعلان جداول…

اختيار عشر مواهب غنائية للتنافس على لقب “مهرجان العقبة…

هل نجح التسويق في خداع الجمهور؟

لا يمكن إنكار أن المداح استطاع تحقيق نسب مشاهدة عالية، ولكن السؤال هو: هل هذا دليل على جودته، أم أن النجاح مجرد نتيجة لحملة تسويقية قوية؟

الاعتماد على الإثارة الإعلامية: يتم الترويج للمسلسل قبل كل موسم بطريقة تثير الفضول، مثل الكشف عن شخصية الشرير الجديد، أو الإيحاء بأن هناك “أسرارًا لم تُكشف بعد”.

استغلال المعتقدات الشعبية: ينجح المسلسل في جذب الجمهور عبر اللعب على الموروث الثقافي المتعلق بالسحر والجن، مما يجعل الناس يرغبون في المتابعة، حتى لو كان الأمر مجرد خرافة.

استخدام أسماء كبيرة: انضمام نجوم مثل غادة عادل وخالد الصاوي أعطى انطباعًا بأن العمل سيحمل تطورًا دراميًا أعمق، لكنه في النهاية لم يقدّم سوى نفس القالب السابق بممثلين مختلفين.

التأثير السلبي على وعي المشاهد

بعيدًا عن كونه مسلسلًا ترفيهيًا، يثير المداح جدلًا حول تأثيره على الجمهور، خاصة في مجتمع لا يزال يؤمن بكثير من الخرافات المتعلقة بالسحر والجن. فبدلاً من تقديم قصة تناقش هذه الأمور من منظور علمي أو اجتماعي، يُرسّخ العمل فكرة أن الحل لكل المشاكل يكمن في اللجوء إلى القوى الروحانية، وليس إلى العقل والمنطق.

الخطير في الأمر أن هذه الأفكار قد تؤثر على فئات معينة من المشاهدين، خاصة الشباب وصغار السن، الذين قد يخرجون من المسلسل مقتنعين بأن هناك فعلًا “عالمًا سفليًا” يتحكم في البشر، وأن الحل الوحيد لمواجهة مشكلاتهم هو اللجوء إلى المشعوذين أو البحث عن “الأولياء الصالحين”، بدلًا من الاعتماد على التفكير العلمي والواقعي.

“المداح”.. دروشة درامية أم ضربة تجارية ناجحة؟

في النهاية، يمكن القول إن المداح ليس أكثر من “وصفة تجارية” ناجحة، تستغل حب الجمهور للغموض والماورائيات، لكنها لا تقدم أي قيمة درامية حقيقية. فبين التكرار المستمر، والمبالغات البصرية، والحوار المفتعل، لم يعد العمل سوى “فقاعة درامية” مليئة بالدجل والشعوذة، ستنتهي حتمًا عندما يملّ الجمهور من هذا الأسلوب الرخيص في سرد القصص.

 

 

فالسؤال الحقيقي ليس ما إذا كان هناك جزء سادس من المداح، بل إلى متى ستظل هذه “الدروشة الدرامية” تحقق النجاح قبل أن يكتشف المشاهد أنه كان مجرد “ضحك على الدقون”؟!