مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

التحول الرقمي في سلطنة عُمان .. نموذج متقدم لحكومة المستقبل

بسملة سمير:

تَمضي سلطنة عُمان بخُطًى ثابتة نَحْوَ التَّحوُّل الرَّقمي، في خطوة استراتيجيَّة تعكس رؤيةً طموحة، تستهدف تحسين جودة الحياة، وتعزيز كفاءة الخدمات الحكوميَّة المُقدَّمة للمواطن في كافَّة رُبوع الوطن.

 

من هذا المنطلَق فإنَّ إطلاق البوَّابة الإلكترونيَّة المُوَحَّدة للخدمات الحكوميَّة ليس مجرَّد مشروع تقني، بل هو نقلة نَوعيَّة في مفهوم الحوكمة الرَّقميَّة، حيثُ تسعَى السَّلطنة إلى تقديم خدمات حكوميَّة ميسَّرة وسريعة تُلبِّي احتياجات المواطنين والمُقِيمِين بفاعليَّة، وهذا التَّوَجُّه يأتي في إطار رؤية «عُمان 2040»، الَّتي تضع التَّحوُّل الرَّقمي في صُلب استراتيجيَّاتها لِتَحقيقِ اقتصادٍ قائمٍ على المعرفة، وحكومةٍ أكثر مرونةً وكفاءة، كما يؤكِّد هذا المشروع التزام السَّلطنة بالابتكار والتَّطوير المستمر، لِمواكبةِ المُتغيِّرات العالَميَّة وتحقيق التَّنمية المستدامة. يعكس إطلاق البوَّابة المُوَحَّدة للخدمات الحكوميَّة فهمًا عميقًا لحاجةِ المُجتمع إلى تجربة رقميَّة سلسة، حيث أصبحَ بالإمكان الوصول إلى العديد من الخدمات الحكوميَّة من خلال منصَّة واحدة، بدلًا من التنقُّل بَيْنَ مواقع وواجهات مختلفة، وهذا التَّطوُّر يختصر الوقت والجهد، ويقلِّل من التَّعقيدات البيروقراطيَّة الَّتي كانتْ تُشكِّل تحدِّيًا أمام المواطنين والمستثمِرِين على حدٍّ سواء، كما أنَّ دمجَ الأنظمةِ الحكوميَّة المختلفة في منظومة رقميَّة واحدة يُسهم في تعزيز الكفاءة التَّشغيليَّة، ويحدُّ من ازدواجيَّة الخدمات، ما يجعل العمل الحكومي أكثر انسجامًا وتكاملًا، لكنَّ النَّجاح الحقيقي لهذا التَّحوُّل يعتمد على استمراريَّة التَّطوير، وضمان استقرار الأنظمة الرَّقميَّة، وتقديم الدَّعم الفنِّي المستمرِّ للمستخدِمِين، وهي تحدِّيات تعمل الحكومة على مواجهتها من خلال التَّعاون الوثيق بَيْنَ مختلف الجهات المعنيَّة.

قد يهمك ايضاً:

لا يقتصر تأثير التَّحوُّل الرَّقمي على تحسين الخدمات الحكوميَّة فحسب، بل يمتدُّ إلى تعزيز الاقتصاد الوطني ودعم سياسة النُّموِّ الاقتصادي، وجذب الاستثمارات، فبفضل سهولة إنجاز المعاملات الحكوميَّة إلكترونيًّا، أصبحَ تأسيس الأعمال وإدارة المشاريع أكثر مرونةً، ما يخلقُ بيئةَ أعمالٍ مُحفِّزة تُسهم في دفعِ عجلةِ الاقتصاد، وتحقيق التَّنويع الاقتصادي المنشود، ويوفِّر فرص عمل جديدة، تؤثِّر على جودة حياة المواطن العُماني، كما أنَّ تحسين كفاءة الخدمات الحكوميَّة يرفع من مستوى ثقة المستثمِرِين، ويدعم ريادة الأعمال، ويقلِّل من تكاليف العمليَّات التَّشغيليَّة للجهات الحكوميَّة.. وبالإضافة إلى ذلك، فإنَّ التَّحوُّل الرَّقمي يُسهم في تقليل الاعتماد على المعاملات الورقيَّة، ما يدعم الجهود البيئيَّة نَحْوَ تحقيق الاستدامة وتقليل البصمة الكربونيَّة.

إنَّ ما تحقَّق حتَّى الآن في مجال التَّحوُّل الرَّقمي في سلطنة عُمان يُعَدُّ إنجازًا حقيقيًّا وكبيرًا يستحقُّ الإشادة، لكنَّه في الوقت نَفْسِه يَجِبُ أنْ ندركَ أنَّه ـ رغم القفزة الكبرى ـ فالأمْر مجرَّد بداية لمسارٍ طويلٍ من التَّطوير والابتكار، فالطُّموح يَجِبُ ألَّا ينحصرَ فقط في رقمنة الخدمات، بل يَجِبُ أنْ يسعَى إلى بناء حكومة رقميَّة متكاملة، تتمحور حَوْلَ احتياجات الأفراد والمؤسَّسات، وتقدِّم تجربة مستخدم متكاملة تُواكِبُ أحدَثَ التقنيَّات العالَميَّة.

 

ومع استمرار الجهود لِتَعزيزِ البنية الأساسيَّة الرَّقميَّة، وتحسين جودة الخدمات، وتعزيز التَّكامل بَيْنَ القِطاعات المختلفة، فإنَّ سلطنة عُمان تقترب من تحقيق نموذج حكومي ذكي ومَرِن، قادر على مُواكَبة المستقبل بقدرة تنافسيَّة عالية، تتناسبُ مع التَّسارع الحاصل على مستوى العالَم.