مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

رواية الناب الأزرق …معركة ضد الإرهاب …وأجاثا كريستي مصرية تأليف روضى الشريف

تحليل د.صبري زمزم

الناب الأزرق قصة اجتماعية بوليسيه واقعية هي العمل الأول للروائية الشابة روضى الشريف من دار زين للنشر، فيها الحب من طرف واحد .والحب الزائف والحب الحقيقي، وفيها الإخلاص وفيها الخيانة بأنواعها، خيانة الحبيب، خيانة الزوج، خيانة الوطن.
وفيها التضحية وفيها النذالة، والأثرة
وفيها التشويق والإمتاع والإثارة.

وفيها الرومانسية والأكشن ودأبت روضى الشريف على استخدام أسلوب بسيط في الكتابة ليس فيه تسطيح ولا تعقيد، وليس فيه استعراض بل الكلام فيه سلاسة ونعومة، تحدث بتلقائية مع العودة فى بعض المواضع إلى الفلاش باك، على سبيل تذكر الأبطال لبعض أمور ضرورية لتفسير بعض الأحداث، مثل الحوار الذي تذكره أنس بينه وبين شيرين، ليلقى لنا الضوء على طبيعة العلاقة بينهما قبل زواجهما، بما يفسر لنا بعض الأمور التي حدثت بعد زواجها من عاصم، والرواية فى مجملها بوليسية مشوقة ،وكونها من تأليف امرأة جاءت أجمل، لأنها أدهشتنا في موضوعها وفي تناولها. حيث غلب على القصة الجانب البوليسي، فذكرتنا بأجاثا كريستى وهو من المجالات التى تحجم عنها النساء فى بلادنا . ولكن روضى الشريف خاضت هذا المجال بتمكن، فأضافت بصمة جديدة على الرواية المصرية والعربية وقد جاء لحسن الحظ فى وقتها المناسب، نتيجة الظروف الراهنة التى نعيشها وفى ظل احتشاد الدولة بكل أجهزتها وقوتها الناعمة فى الحرب ضد الإرهاب، ولكن عاب الأحداث عدم إخفاء المفاجأة، فلم تكن مفاجأة اكتشافنا أن أنس هو الذي وراء انفجار سيارة عاصم، لأن قبل هذا الانفجار بسطور أفصح عاصم لأنس بمكان توجهه إلى العين السخنة، فضلا عن العلاقة بينهما على مستوى العمل أو على المستوى العاطفى الذى ظهر من أول مشهد فى الرواية.

وهو مشهد الفرح، ثم مشهد الاجتماع في العمل ونفوره من مدح زملائه لعاصم، وتمكنه من الوصول إلى الحلول بشكل سريع ومنطقي.

وقد جاءت الأحداث غير متكلفة والرساله غير مباشرة فقد جعلتنا المؤلفة نتعاطف وبشدة مع عاصم ذلك الضابط المثالي المخلص في عمله الذي يتعرض للمخاطر بتفان في عمله مما كلفه مستقبله الإنساني والمهني، في آن واحد، فقد ضاعت وسامته إثر تعرضه لانفجار سيارته من تدبير الإرهابيين فهو وإن لم يمت بالفعل فقد قتل فيه الحادث أشياء كثيرة، فقد تشوه وجهه وأصبح كما وصفته زوجته مسخا وفقد إحدى عينيه، بما يعني انتهاء مستقبله الوظيفي وإحالته إلى التقاعد وهو في سن الثلاثين من عمره وهذه القصة كما أرى أفضل بكثير من مسلسلات وأفلام عالجت الموضوع نفسه وبرغم ضخامه الإنتاج والتكاليف إلا أن المباشرة والمبالغة فيها أضعفت من مردودها وأثرها على المشاهدين، رغم أنها أحداث حقيقية أما مؤلفتنا روضى الشريف رغم أن روايتها أدبية وليست حقيقية إلا أنها بمفهوم الأدب واقعية، ولمست أوتارا مشدودة، عندنا جميعا فعزفت عليها ألحانا فيها كثير من الشجن والدموع.

قد يهمك ايضاً:

أما عن العنوان فعنوان (ناب أزرق) عنوان جذاب لأنه يوحي بمعان مختلفة يريد القارئ أن يتحقق منها فيقرأ الروايه ليتأكد له ارتباط معنى ناب أزرق بالانتقام والغدر.

أما الشخصيات فمتوازنه والتوازن ينطلق من التضاد بينها فبين شخصية سارة المحبة لعاصم والتي تفيض عذوبة ورومانسية في تعبيرها المكتوب عن حبها وكأنها تنظم الشعر في حب عاصم، واستمرارها في ذلك حتى بعد زواجه وإخلاصها له وتعاطفها معه بعد الإصابه على نقيض ذلك جاءت شيرين زوجته، فهي من أول وهلة فهي العروس التي تكيد لأنس برساله ليلة زفافها، وهي فيما بعد الزوجة عديمة الإحساس المستغلة التي استغلت الحادث الإرهابي الذي دمر زوجها لتصبح نجمة في الإعلام وضيفه دائمة عليه، ثم مذيعه بتوك شو شهير ثم هي الزوجة الخائنة التي تجدد عهد الهوى السابق مع أنس، ثم تبيع نفسها لمن يدفع أكثر وهو المليونير رجل الأعمال الذي الذي أبهرها بهداياه والسيارة والبرنامج المدعوم إعلانيا لتواصل الطفو على السطح الإعلامي، التلفزيوني والضد يظهر حسنه ضده ويظهر سوءه أيضا الضد، وهناك شخصيتان أخريان على النقيض من بعضهما، هما عاصم الضابط المثالي في عمله والمشهود له بالكفاءة من زملائه ورؤسائه وقدرته على استخلاص النتائج بسرعة والوصول إلى الهدف بشكل يثير الإعجاب وهو المتفاني في عمله من أجل تحقيق الأمن والأمان لملايين من أفراد الشعب المصري، وعلى النقيض منه جاء أنس ذلك الضابط المهمل الخائن الذي يبيع بلده واهله وزملاءه من اجل حفنة دولارات ولا يتورع عن أن يقتل أقرب الناس إليه، وهو زميله وصديق عاصم بل من حقده عليه يقيم علاقه مع زوجته ويختطف سارة للتشفي والانتقام منه، عندما أدرك أن عاصم كشفه والمفاجأة أنه هو أبو مصعب زعيم التنظيم الإرهابي الذي يطلع على أسرار الداخلية ويحاربهم بها في الوقت نفسه.

أما النهاية فقد جاءت ناعمة بمعنى أنها النهاية التي يتوقعها بل يتمناها القارئ كما يحدث في السينما، لتكون نهايه سعيدة ترضي القارئ، فداوت جراح عاصم ليعود كما كان ويخطب سارة ويصحح خطأه الذي ارتكبه بتجاهل حبها.

‏ اللغة: لغه السرد عربية فصحى جميلة والعرض ثالث وإن كان هناك بعض الأخطاء اللغويه لكنها ليست كثيرة، ولكن مما يعاب على الرواية كسر الحائط الرابع قبيل نهاية الرواية. وذلك أضعف نهايتها فكنت أتمنى أن تستمر الأحداث إلى نهايتها بنفس طريقه السرد حتى النهاية لمزيد من التشويق والإثارة والتأثير ولكن الكائبه أقحمت نفسها كمؤلفة في شخص سارة فصارت كانها سارة وكأن سارة هي روضه لتخرجنا من جو الرواية الى خارجها وتشعرنا في لحظة أننا نقرأ رواية مجرد رواية، وليست حقيقيه حتى ولو كانت سارة تزعم أنها قصتها التي قرأناها فهذا في حد ذاته يكسر الحائط الرابع، ويقطع عنصر التخييل الذي يعتمد عليه القارئ من خلال سماكه الجدار الرابع وعدم سقوطه أو اختراقه، ثم بعد ذلك تستانف أحداث الرواية فكأنها تقول لنا فاصل ونواصل ولكني رغم ذلك أقول إن هذه الرواية جميلة، في مفرداتها وجملها وسردها وحوارها ومثيرة بأحداثها البوليسية التي قلما نقرأ مثلها، خصوصا لو كانت المؤلفة امرأه، فأزعم أن المرأه في مصر والعالم العربي قد اقتحمت بابا جديدا في أدب الرواية العربية لم تدخله المرأة من قبل وهو الرواية البوليسية أو الأكشن والدخول في تفاصيل الجريمة، وخصوصا جرائم الإرهاب التي تحتاج إلى جرأة من الكاتب فما بالنا بالكاتبة وتحتاج إلى أدوات وعناصر استطاعت الكاتبة ان تمتلكها وتسيطر عليها لتخرج لنا رواية مشوقة ممتعة وهادفة في الوقت نفسه، بلا مبالغة او خطابة أو توجيه لذا أستطيع أن أقول إنها لو أكملت بعض الروايات على هذا الخط ستكون أجاثا كريستي مصر بل العرب جميعا.