مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

عبد العزيز حنفي يكتب : هوانم ماسبيرو.. أسطورة الإعلام المصري

في ذاكرة الإعلام المصري، هناك أسماء حفرت نفسها بحروفٍ من ذهب، سيدات شكلن وجدان المشاهدين لعقود طويلة، لم يكنّ مجرد مذيعات، بل كنّ نجمات عصرهن، رموزًا للثقافة، والرقي، والأداء المهني الرفيع  إنهن “هوانم ماسبيرو”، الجيل الذهبي الذي صنع مجد التليفزيون المصري، وترك بصمة لا تزال حاضرة في وجدان الأجيال حتى اليوم.

من هن هوانم ماسبيرو؟
يطلق هذا اللقب على مجموعة من المذيعات المخضرمات اللواتي كنّ واجهة الإعلام المصري منذ انطلاق البث التليفزيوني في الستينيات وحتى التسعينيات. لم يكنّ مجرد مقدّمات برامج، بل كنّ أيقونات عصرهن، يتمتعن بكاريزما خاصة، وثقافة واسعة، وصوت رخيم يأسر القلوب.

أسماء مثل صفاء حجازي، أماني ناشد، سامية الإتربي، سهير الإتربي، همت مصطفى، ليلى رستم، فريال صالح، سلمى الشماع، وسهير شلبي، وغيرهم الكثيرون شكلت علامة فارقة في تاريخ الإعلام، وحملت على عاتقها مسؤولية تقديم محتوى راقٍ، يجمع بين التثقيف والترفيه.

قد يهمك ايضاً:

قطاع المسرح يطلق النسخة رقم 9 من برنامج هل هلالك

لماذا تميزن عن غيرهن؟
لم يكن جمال المظهر هو سر تألقهن، بل الشخصية القوية، والثقافة الواسعة، والقدرة على إدارة الحوار بلباقة وذكاء. كنّ مدرسة في الأداء الإعلامي، يتحدثن بلغة عربية سليمة، بأسلوب يجمع بين الرسمية والدفء، وكنّ يتمتعن بحضور طاغٍ يجعل المشاهد يشعر أنه أمام قامات إعلامية حقيقية.

بالإضافة إلى ذلك، لم يكنّ مجرد مقدمات نشرات أو مستضيفات لضيوف، بل كنّ صانعات محتوى، يدرن الحوارات بأسلوب احترافي، ويتعمقن في القضايا المطروحة، مما جعل برامجهن تحقق نجاحًا كبيرًا، مثل “حكاوي القهاوي”، و”صباح الخير يا مصر”، و”زووم”، و”الأستاذ والتلميذ”.

هوانم ماسبيرو بين الماضي والحاضر
مع تغير الزمن وتطور الإعلام، تراجعت نجومية التليفزيون الرسمي أمام سطوة الفضائيات والسوشيال ميديا، وظهرت أجيال جديدة بأساليب مختلفة، لكن ظل تأثير هوانم ماسبيرو حاضرًا، كنموذج للإعلام الرصين الذي يفتقده كثيرون اليوم.

ورغم أن الزمن تغير، إلا أن أسماء هؤلاء السيدات تبقى خالدة، فقد قدمن نموذجًا للإعلامي المثقف، المحاور الذكي، والصوت الذي يحمل قيمة، وليس مجرد صورة جذابة على الشاشة.

قد تكون التكنولوجيا غيرت المشهد الإعلامي، لكن يظل جيل هوانم ماسبيرو هو الأصل، هو المدرسة التي خرجت أجيالًا من الإعلاميين الذين تعلموا كيف يكون التليفزيون نافذة للثقافة والمعرفة ورغم أن الزمن لا يعود إلى الوراء، إلا أن قيم الإعلام الجاد، التي حملتها هؤلاء الرائدات، يجب أن تبقى نبراسًا لكل من يحلم بأن يكون صوتًا مسموعًا في عالم الإعلام.