مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

العنف ضد المرأة: آية عادل من الألوان إلى الظلام

كتبت -يارا زرزور :

في ليلة باردة من ليالي عمّان، كانت آية عادل، الفنانة التشكيلية المصرية، تقف أمام نافذتها، تتأمل المدينة التي احتضنتها في غربتها، لم تكن تعلم أن هذه الليلة ستكون الأخيرة في حياتها، وأن الصباح سيحمل خبر سقوطها من الطابق السابع، في حادثة أثارت ضجة واسعة وأعادت تسليط الضوء على قضية العنف ضد المرأة.

 

العنف ضد المرأة ليس مجرد أرقام وإحصائيات، بل هو واقع تعيشه ملايين النساء يوميًا، حيث تتحول البيوت من ملاجئ آمنة إلى ساحات حرب نفسية وجسدية، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإن أكثر من 35% من النساء في العالم تعرضن للعنف الجسدي أو الجنسي على يد شريكهن الحميم.

 

لكن ماذا عن آية؟ كانت فنانة مرهفة الحس، تحمل فرشاتها لترسم الجمال، لكنها لم تستطع أن ترسم مخرجًا من دائرة العنف التي حوصرت فيها، صرختها لم تُسمع، تمامًا كما هو حال آلاف النساء اللواتي يتم إسكاتهن بالقهر والخوف.

 

قد يهمك ايضاً:

د. محمد الحلفاوي يكتب حب الوطن من الإيمان

السيد خيرالله يكتب : قافلة سعدة تسير .. ويعوي الحاقدون

آية لم تكن مجرد ضحية عادية، كانت زوجة لرجل يعمل مستشارًا في منظمة تدافع عن حقوق المرأة! المفارقة القاسية هنا أن من كان يُفترض به أن يحميها، كان المتهم الأول في قضيتها، قبل أيام من وفاتها، تحدثت شقيقتها عن تعرض آية للعنف، وأكدت أن هناك علامات على جسدها تدل على الضرب.

حين يتحول الحب إلى قيد، والصوت إلى صمت، والبيت إلى سجن، تكون النهاية مأساوية، وربما كان السقوط من الطابق السابع هو آخر محاولة لآية للخروج من هذا الجحيم، حتى لو كان الثمن حياتها، فهل كانت تحاول الهروب؟ هل كانت هناك مشاجرة؟ هل أُجبرت على السقوط؟ أسئلة كثيرة تدور في الأذهان، ولكن الإجابة تظل ضائعة بين التحقيقات والتقارير الطبية.

 

وللأسف، في مجتمعاتنا، كثيرًا ما يتم تبرير العنف ضد المرأة بذرائع واهية، مثل “العصبية”، “الغيرة”، أو حتى “التأديب”، تُطالَب المرأة بالصبر، بالتنازل، بالتضحية، حتى تتحول إلى ظل باهت لذاتها، والخطورة هنا ليست فقط في الأفراد الذين يمارسون العنف، بل في المجتمع الذي يبرره.

 

آية رحلت، لكن قصتها لم تنتهِ، ويبقى سؤالًا مؤلمًا: كم من امرأة أخرى يجب أن تموت حتى نفهم أن العنف ضد المرأة ليس شأنًا خاصًا، بل قضية مجتمعية تحتاج إلى حلول جذرية؟