بقلم – ناهد الغزالى:
طأطأ رأسه، شاحذا ابتسامة زائفة، كي لا يزيد من ألمها،
شاحبة الوجه، ترمقه بنظرات ناطقة، كأنها تطلب منه إغاثتها، تقدم رويدا رويدا، رسم قبلة مرتعشة على جبينها، ممسكا بكلتا يديها،
“لا تخافي، سيأتي الطبيب إن شاءالله”
وضع رأسه بين يديه،، تأفف، ثم وشوش في أذن زوجته…وهم بالخروج،
أمسكته متوسلة، نزلت على الأرض متشبثة برجليه تترجاه أن لا يرحل،
“ستكون والدتك بخير، فقط ننتظر هدوء الأوضاع الأمنية وسيتمكن الطبيب من علاجها، كيف تخرج للقتال، انظر لعيني ابنتك الصغيرة،
أيرضيك أن تعيش يتيمة؟؟
أنت تعرف جيدا أنك وحيد لن تتمكن من مجابهة جلمود العدو،
ضغط على يدها بقوة المحب المشتاق، الخائف على عائلته، مطمئنا إياها، أنه سيكون بخير، وأن لا تخبر والدته بالأمر،
“قولي لها أنني وجدت شغلا مطولا….وإن…وإن…طال غيابي…
اختنق بدموعه، لم يتمكن من مواصلة كلامه مغادرا الكوخ الذي لجأ إليه بعد انهيار منزله بسبب القصف الأخير…
كان يشرب السماء بنظراته، وأنفاسه، كأنه يرمقها لأول مرة…
هرول دون النظر خلفه، حيث وجد سيارة بانتظاره أقلته إلى المكان المتفق عليه، الشارع يغص بسيارات الإسعاف، صراخ الأطفال يمزق أوتار القلب،
“يجب أن نواصل، لن نتراجع….” كانت تلك كلمات مرافقهم التي تهون عليهم ألم فراق الأهل، وتدغدغ أملهم الوسن في صدورهم، بأن النصر آت…
عند الوصول، وزعوا المهام بينهم،
فجأة وجد نفسه و أصدقاءه بين أصفاد ظالمة ، بعد أن فر مرافقهم عند رؤيته العدو قادما نحوهم.
أجهش بالبكاء، وأنين والدته يحبس أنفاسه…
لقد خذلتك يا أمي..