مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون
آخر الأخبار
عارضة الأزياء الجميلة هبة الجندي وإطلالة جديدة ومميزة" شيكابالا ينضم رسمياً لفريق عمل برنامج "الكورة مع فايق" على MBC مصر 2 برعاية موسم الرياض الأهلي يجهز عرضًا تاريخيًا للتعاقد مع مصطفى محمد.. وقرار حاسم بشأن وسام أبو علي كتب : امير نزيه كش... مجلس إدارة الزمالك يقرر حجب القميص رقم 10 بعد اعتزال شيكابالا ممدوح عباس يبكي على الهواء تأثراً باعتزال شيكابالا: "هو ابني.. وسأقيم له مباراة اعتزال لا مثيل لها" منتخب الشباب يبدأ استعداداته لوديتي الكويت ومعسكر مفتوح في مشروع الهدف وفاة الحارس الأسطوري لنيجيريا بيتر روفاي عن عمر 62 عامًا رسميًا.. شيكابالا يعلن اعتزاله كرة القدم باكيًا ويودّع جماهير الزمالك في لحظة مؤثرة على الهواء ضبط محاولة الاستيلاء على 5 أطنان من الدقيق المدعم المخصص للمخابز قبل بيعها بالسوق السوداء بكفر الشيخ تجديد اعتماد مركز زراعة الأنسجة والهندسة الوراثية بمعهد الهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية جامعة ...

تحليل الخطاب الإعلامي .. قوة اللغة وتشكيل الوعي

بقلم – دكتور إبراهيم يوسف عبد الحميد :

قسم الدراسات العربية، أكاديمية الدراسات اللغوية جامعة مارا للتكنولوجيا – ماليزيا

 

الخطاب الإعلامي ليس مجرد ترتيب للكلمات والجمل والنصوص، أو اختيار الأساليب اللغوية التي توصل الرسالة، كما أن الخطاب نفسه لا يقتصر على اللغة، سواء كانت مكتوبة أم منطوقة، بل يتعدى ذلك ليشمل أي عنصر قد يساهم في توصيل الرسالة إلى الجمهور، كالصور، والرموز، والعلامات، والألوان، والإضاءة، والأصوات الخلفية، والموسيقى المصاحبة للرسالة، والملابس، وحتى الأشياء التي قد يمسكها المتحدث في يده، فمَن يحمل في يده قلما، ليس كمن يحمل في يده وردة، أو سيفا، أو غير ذلك، بالتأكيد لكل منها دور في تشكيل الفكرة وتوصيل الرسالة. كل تلك العناصر تقع ضمن مفهوم الخطاب.

 

والخطاب الإعلامي له دور حاسم في تشكيل وتوجيه الرأي العام حول القضايا المختلفة على المستوى السياسي والاقتصادي، والاجتماعي، والديني، وحتى الرياضي. ويتنوع الخطاب الإعلامي بين وسائل الإعلام المختلفة؛ كالتلفزيون، والإذاعة، والصحف، ووسائل التواصل الاجتماعي، وتكمن قوتها في قدرتها على الوصول إلى جميع فئات المجتمع على نطاق واسع وفي زمن قياسي.

 

لذلك تسعى الأنظمة السياسية والقوى المختلفة إلى السيطرة على وسائل الإعلام لتشكيل الخطاب الإعلامي لتحقيق أغراضها الخفية، بما فيها السيطرة على الوعي الشعبي وتوجيه الرأي العام باتجاهٍ مرسوم سلفا ومخطط مسبقا. تلك الأغراض الخفية قد تكون طيبة، وقد تكون خبيثة.

 

قد يهمك ايضاً:

نعمة الوطن… كنز منحه الله للإنسان ومسؤولية الحفاظ عليه…

عماد السعدني يَكتُب: “رسالة إلى الوالي” هُناك…

ومن ثم فإن وعي الجمهور بالخطاب الإعلامي والقدرة على فهمه وتحليله ونقده يحميه من الوقوع فريسة لذلك الخطاب، ويمنحه عينا ناقدة تتسم بالقدرة على التمييز بين الرسائل الحميدة والرسائل الخبيثة التي يقدمها الخطاب الإعلامي. إن التحليل النقدي للخطاب يسلط الضوء على نقاط القوة والضعف في الرسالة الإعلامية وكيف يمكن أن تؤثر تلك الرسالة على الجمهور المستهدف.

 

لو أخذنا ذلك بعين الاعتبار فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية التي عادت إلى الواجهة مؤخرا منذ انطلاق طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، بعد أن بقيت مدة طويلة طيّ النسيان، مع انشغال الشعوب العربية أو إشغالها بقضاياها الداخلية. وبغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع جدوى ما قامت به المقاومة الفلسطينية، إلا أن تحليل الخطاب الإعلامي يبين لنا كيف تناولت وسائل الإعلام هذه القضية، ويسلط الضوء على التوجهات الخفية لكل منها.

 

حيث إن المفردات والمصطلحات التي تستخدمها وسائل الإعلام تحمل في طياتها دلالات يكون لها تأثير في تكوين الوعي الشعبي، وتوجيه الرأي العام. من أبرز تلك المصطلحات -على سبيل المثال- استخدام بعض وسائل الإعلام مصطلح “صراع فلسطيني إسرائيلي” لوصف ما يجري في الأراضي المحتلة، في حين تستخدم وسائل إعلام أخرى مصطلح “عدوان إسرائيلي”. إذ إن لكل من المصطلحين دلالة مختلفة تلقي بظلالها على الأثر الذي تتركه في ذهن المشاهد. فمصطلح “صراع” بما يحمله من دلالة على وجود قوتين متكافئتين تتصارعان، مع تغييب لموقع الحق والباطل في هذا الصراع، وتجاهل لتعيين صاحب الحق والمعتدي. تلك الصورة التي يتم تشكيلها عن عمد في ذهن المشاهد تهدف إلى تشكيل الوعي وتوجيه الرأي العام بما يتماشى مع أهداف خبيثة تخدم طرفا بعينه. في حين أن مصطلح “عدوان” يحمل دلالة ظاهرة على وجود قوة ظالمة معتدية على القوة المستضعفة صاحبة الحق، وهذا المصطلح -لا شك- يترك أثرا في مخيلة المشاهد، وترسم صورة تم فيها تحديد الظالم صاحب الحق.

 

قياسا على ذلك تتوالى مصطلحات تخدم الأهداف الخبيثة لبعض وسائل الإعلام، من ذلك استخدام مصطلح “قتلى” أو “ضحايا” في مقابل مصطلح “شهداء” لتوصيف شهداء العدوان، ومطلح ” الجماعات أو الفصائل المسلحة” أو “الجماعات الإرهابية” في مقابل مصطلح “المقاومة”، ومصطلح “جيش الدفاع” أو “الجيش الإسرائيلي” في مقابل مصطلح “جيش الاحتلال”، أو حتى مجرد استخدام كلمة “احتلال” لتوصيف الكيان الصهيوني، تلك المصطلحات وغيرها أصبحت علامة تتميز بها وسائل إعلام عن غيرها.

 

يقودنا ذلك إلى أن معظم وسائل الإعلام -إن لم تكن كلها- ليست حيادية أو حتى منصفة في خطابها الإعلامي، وأن لكل منها جداول ومخططات وأهداف خفية تعمل على بثها ونشرها بين المشاهدين من أجل توجيه الرأي العام بما يحقق تلك الأهداف.

 

ومن ثم فإن المشاهد عليه أن يتبنى موقفا ناقدا لكل ما يقدم من خطاب إعلامي، وألا يجعل من نفسه فريسة سهلة للخطاب الإعلامي الخبيث، وذلك بأن يعمل عقله وتفكيره بالنقد والتحليل واستكشاف بواطن الخطاب وربط ذلك بالسياق أولا، والتوجهات الخاصة بمنصة الإعلام ثانيا. لذا فإن تحليل الخطاب الإعلامي يمثل أداة قوية لفهم أعمق للرسائل التي تنقلها وسائل الإعلام، وكيفية تشكيل الوعي وتوجيه الرأي العام.