مفتي الجمهورية: يجوز إخراج زكاة الفطر من أول أيام رمضان وخاصَّة عند احتياج الفقراء والمحتاجين لها
قال فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم إن على المكلف إذا كان يعمل عملًا شاقًّا لا يستطيع التخلي عنه في نهار رمضان، لحاجته أو لحاجة مَن يعول؛ ولا يتسنَّى له تأجيل عمله الشاق لما بعد رمضان، أو جعله في لياليه فإن الصيام لا يجب عليه في أيام رمضان التي يحتاج فيها إلى أن يعمل هذا العمل الشاق في نهاره؛ لكونه محتاجًا إليه في القيام بنفقة نفسه أو نفقة مَن عليه نفقتهم، كعمل البنائين والحمَّالين وأمثالهم، وخاصة مَن يعملون في الحرِّ الشديد، أو لساعات طويلة، أو أمام الأفران أو السائقين لمسافات طويلة ومرهقة، وكذلك الحال مع كبار السنِّ أو أصحاب الأمراض المزمنة الذين يتضررون من الصوم، وعلى هذا الشخص الفدية إذا كان استمر هذا الحال طوال عمره، وتسقط الفدية إن لم يستطع إخراجها عن نفسه أو لم يتمكَّن أحد من إخراجها عنه.
جاء ذلك في معرض ردِّه على سؤال عن حكم عدم استطاعة أصحاب الأعذار من أصحاب المهن الشاقة صيامَ شهر رمضان، وذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج نظرة مع الإعلامي حمدي رزق على فضائية صدى البلد، مضيفًا فضيلته: على هؤلاء تبييت النيَّة من الليل، ولا يفطرون إلا في اليوم الذي يغلب على ظنهم فيه أنهم سيزاولون هذا العمل الشاق الذي يعلمون بالتجربة السابقة أنهم لا يستطيعون معه الصيام؛ تنزيلًا للمظنَّة منزلة المئنَّة. ويُفضَّل محاولة الصيام وعدم الاضطرار إلى الإفطار إلا بعد الشعور بالمشقة؛ فالصيام خير إذا كانت هناك قدرة عليه.
وفي ردِّه على سؤال عن حكم مَن يقاطع والديه ونحن مقبلون على رمضان، قال فضيلته: إنَّ فضل الآباء على أبنائهم عظيم، فهم سبب وجودنا في الحياة، ولا يجوز أن نؤذيهم بما يخدش المشاعر حتى لو كان كلمة أفٍّ؛ لأن أذى مشاعر الوالدين محرَّم، ولذا يجب الحرص كلَّ الحرص على طاعة الوالدين، وإن كان هناك توتُّر في المعاملة معهم أو خصام فيجب على الفور إزالة ذلك، وليعلم الأبناء أن الوالدين أحرص على الأبناء وعلى مصلحتهم من أنفسهم.
وعن حكم إخراج زكاة الفطر من أول يوم للأسر الفقيرة، قال فضيلة المفتي: الأمر فيه سَعة، فيستحبُّ إخراج زكاة الفطر قبل صلاة العيد، ولا مانع شرعًا عند بعض الفقهاء من إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين، أو تعجيلها من أول دخول رمضان، ويُكرَه تأخيرُها لما بعد صلاة العيد، فإن تأخَّر فلا تسقط ويجب إخراجها، وكذا تعجيل زكاة المال ولو لمدة عامين مقبليْن، فضلًا عن جواز إخراج فدية الصيام، بل ذلك أولى في ظلِّ الأزمة الراهنة، تعرُّضًا لنفحات الله تعالى المبثوثة في مواسم الخيرات.
وأضاف فضيلته عن حكم إخراج زكاة الفطر نقودًا قائلًا: الذي نختاره للفتوى في هذا العصر، ونراه أوفقَ لمقاصد الشرع، وأرفقَ بمصالح الخلق، أن تكون نوعية زكاة الفطر ما هو أنفع للمستحق، وعلى هذا يجوز إخراجِ زكاة الفطر مالًا مطلقًا، وهذا هو مذهب الحنفية، وهو الموافق لعمل سيدنا معاذ، فضلًا عن غيره من الصحابة والتابعين والفقهاء.
وعن صيام مريض السكَّر قال فضيلته: مرض السكَّر -كما يقول أهل الاختصاص في الطب- على درجات، فمنه النوع غير المؤثر، وهذا لا يضره الصوم وعليه يجب الصيام، بل هناك مَن يقول من الأطباء بأن الصوم مفيد له، وهناك نوع من مرض السكَّر ليس بالخطير جدًّا وله الخيار في الفطر أو الصوم، وعليه اتِّباع الأفضل له وَفق تعليمات الطبيب، وهناك النوع الثالث وهو شديد الخطورة، وعلى المريض به الفطر حفاظًا على نفسه من الهلاك، علمًا بأن الحفاظ على النفس عبادة.
وعن نوعية الأعمال المحببة للصائم قال فضيلته: كل الأعمال الصالحة محببة، ومنها عمل الرجل للإنفاق على نفسه وبيته، فينبغي ألا يكون الصيام تُكأة للكسل والتراخي عن العمل، فضلًا عن الأعمال الصالحة التي تشفع للعبد كقراءة القرآن والذكر وصلة الرحم وإطعام الطعام وكف الأذى عن الناس قولًا وفعلًا.
وفي رده على سؤال حول حكم الصيام دون صلاة قال فضيلته: هناك فرق بين الصحة والقَبول، فمن صام ملتزمًا بأحكام الصيام فصومه صحيح، حتى لو قصَّر في الصلاة أو في غيرها، أمَّا القَبول فلا يعلمه إلا الله؛ ولذا ينبغي الحرص على الْتماس كل الأعمال الصالحة وفعلها أثناء الصوم لقَبوله عند الله.
واختتم فضيلته حواره بالرد على سؤال عن حكم تجديد النية كل يوم قبل فجر اليوم الجديد قائلًا: للخروج من الخلاف ينبغي تجديد النية كل يوم، ولكن لو نسي المسلم فعليه الاكتفاء بنيته أول يوم؛ أخذًا بقول جماعة معتبرة من العلماء كالمالكية وغيرهم.
التعليقات مغلقة.