مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

«أحمد رمزي» يكتب نصائح لـ “منتسبي التعليم الأزهري”

13

بقلم : الشيخ أحمد رمزي

يا طالب العلم الشرعي إذا أردت فعلا أن تكون أزهريا حقيقيا وتحصلَ نور وبركة العلم المتوارث عن علماء الأزهر الربانيين فيجب أن تتوفر فيك هذه الشروط مجتمعة:

أولًا : الأزهرى الحقيقي ليس الحاصل على شهادة من مؤسسة أزهرية فحسب، فكل مَن حصل على شهادة من هذه الأماكن ولم تتوفر فيه المنهجية العلمية فليس بأزهرى حقيقي، حتى ولو لبس العمامة والزي الأزهرى .

ثانيًا : الأزهرى الحقيقي هو مَن توفرت فيه المنهجية العلمية المنضبطة في تحصيل العلوم الشرعية؛ ويتلقى الفتوى والعلم مباشرة من علماء الأزهر المشهود لهم بالعلم والصلاح أو من تلامذتهم المجازين، لا من مجرد درَاسة الكتب بدون شيخ مدرس. فمن درس الكتب لوحده بدون الاستعانة بالشيوخ خاصة في المراحل الأولى في التعليم يسمى صحفيا لا طالب علم وسيغلب خطؤه على صوابه إذا تصدر للتدريس والإفتاء. ولا يوجد في تعلم العلوم الشـرعية ما يُسمى “تكوين عصامي”.

ثالثا : الأزهرى الحقيقي هو مَن توفرت فيه المنهجية العلمية الصحيحة التي تشتمل وجوبا على أربعة أمور أساسية وهي :

1- أن يكون تابعا لمدرسة عقائدية في مذهب أهل السُّنة والجماعة: إما المدرسة الأشعرية أو المدرسة الماتريدية أو ما وافقهما:
فالعقيدة هي أساس الدين فإذا صلحت صلح الدين وإذا فسدت فسد الدين. فلا ينفع عمل ولو كان مثل زبد البحر مع عقيدة فاسدة.
ومن أهم المدارس العلمية العالمية التي تمثل أهل السنة والجماعة الأشاعرة: جامع الأزهر الشريف وجامعة الازهر والتعليم الازهرى بمصر /جامع الزيتونه المعمور بتونس / جامع القرويين بالمغرب الأقصى / جامع الأمويين بسورية / وغالب المدارس الشرعية بشرق القارة الآسيوية (أغلبهم ماتريدية).

ولا يجوز أبدا لطالب علم ينتسب للأزهرالشريف وعلمائه أن يصطف في صفوف الفرق المبتدعة الطاعنين في أهل السنة والجماعة من الأشاعرة والماتريدية، ومن أشهر هذه الفرق المبتدعة فرقة الوهابية (التي تُسمى زورا السلفية) الذين ابتدعوا في العقيدة فوصفوا الله بصفات الأجسام واستنقصوا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام واتهموا جمهور علماء المسلمين وعوامهم بالشرك والضلال.

كما لا يحق لطالب العلم الأزهرى أن يجهل أو يتجاهل حقيقة هؤلاء المبتدعة الذين انتشـرت أقوالهم وفتاويهم وكتبهم في كل مكان بالدعم المالي والسياسي لا بالحجة والبرهان وهذا واضح لكل عاقل نظر بتجرد وحياد في تاريخهم ومناهجهم وكتبهم.

شعارات زائفة

وإذا تبين لطالب العلم حقيقة هؤلاء المبتدعة فلا يجوز له مداهنتهم،ٍ كما يفعل الكثير ممن ينتسبون للأزهر الشريف للأسف الشديد، بشعارات زائفة مثل توحيد الكلمة وتوحيد الصفوف، فالحقيقة هي أن صفوف المسلمين لا تُوحد إلا بتوبة المبتدعة ورجوعهم إلى المنهج الحق منهج أهل السنة والجماعة الاشاعرة والماتريدية لا العكس. فكل من يريد الجمع بين أهل السنة والجماعة وبين أهل البدعة -وهم مصرون على بدعتهم وتكفيرهم لمخالفهم- تحت مسمى أهل السنة والجماعة فهو كمن يريد الجمع بين الماء والنار، وهذا عبث محض. والحل الوحيد لتوحيد صفوف المسلمين هو محاورة ومناقشة هؤلاء المبتدعة وتبيين المنهج الحق وأدلته لهم حتى يعودوا إلى الحق ويدخلوا تحت غطاء أهل السنة والجماعة.
2- أن يكون متمذهبا بمذهب فقهي معتمد عند أهل السنة والجماعة: الحنفي أو المالكي أو الشافعي أو الحنبلي:
كما هو معروف عند الكل، وعلى طالب العلم أن لا يغتر بأباطيل دعاة اللامذهبية من المبتدعة الجهال وعلى رأسهم فرقة الوهابية (السلفية) الذين يدلسون ويلبسون على الناس بشعارات زائفة مثل “الأخذ مياشرة من الكتاب والسنة” و “اتباع السلف الصالح” و “اتباع الدليل الصحيح” وهم في الحقيقة من أبعد الناس عن ذلك.
ويجب على طالب العلم أن يَحذَر وأن يُحذِّر من هؤلاء المبتدعة دعاة اللامذهبية إن كان عنده غيرة حقيقية على دينه.
3- أن يكون صاحب سلوك صوفي تربوي سُني:
في مجال التزكية والتربية على طالب العلم أن يحرص على السير على وفق أحد الطرق الصوفية السنية المعتمدة في مذهب أهل السُّنة والجماعة وكلها ترجع إلى طريقة إمام أهل السنة في التزكية والتصوف الإمام أبو القاسم الجنيد البغدادي (رحمه الله).
والطرق الصوفية المقصودة هنا هي القائمة على اتباع الكتاب والسنة ويشرف عليها علماء أجلاء، ولا علاقة لها بما نراه في زماننا من كثير من الجهلة الذين يدعون الانتماء الى أحد الطرق الصوفية وهم غارقون في البدع والمنكرات ويستغلون مناصبهم للتحايل على الناس واستغلالهم أسوء استغلال.
ولا يليق بطالب علم أزهرى أن يطعن في السادة الصوفية باعتماده على الأخبار الزائفة والحملات التشويهية الممنهجة التي يروجها المبتدعة من الوهابية وغيرهم من الجهال ومن دعاة الفتنة على وسائل الإعلام ومن خلال الكتابات المأجورة، بل عليه أن يتحرى ويبحث ويطالع سير السادة الصوفية من المصادر التاريخية الموثوقة ليعرف الحقيقة حول الصوفية والتصوف.
وعلى طالب العلم أن يعلم جيدا أن سنده في العلوم الشرعية الأزهرية متصل بعلماء كبار جُلهم إن لم نقل كلهم من الصوفية، وعليه أن لا يخلط بين جهلة المتصوفة وبين العلماء الربانيين من الصوفية الذين شهد لهم القاصي والداني بالعلم والتقوى والصلاح.

قد يهمك ايضاً:

المرأة والمسئولية وضغط العمل

تلاميذ عمرو بن لحي

ومن لم يجد شيخا للطريقة يدله ويساعده على تزكية نفسه وتطهير قلبه من المساوئ فليحرص على مجالسة العلماء والصالحين والإكثار من ذكر الله تعالى ومن النوافل ومن أعمال البر مع المسلمين.

4- أن يكون له سند متسلسل من شيخه إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في كافة العلوم الشرعية واللغوية والعقلية والصوفية:
السند المتصل في العلوم هو الذي يميز أهل السنة والجماعة عن أهل البدعة والضلالة، فكل الفرق المبتدعة بدون استثناء هي مقطوعة السند العلمي والتربوي.
#رابعا : الأزهرى الحقيقي هو مَن يحافظ على احترام وتوقير شيوخه الذين علموه وعلى احترام كل علماء المسلمين من أهل السنة والجماعة سلفا وخلفا ويرى لهم الفضل في ما وصله عن طريقهم من علوم وأنوار وفوائد تنفعه في الدنيا والآخرة.

فمن توفرت فيه كل هذه الشروط فهو الأزهرى الحقيقي الأصيل بفضل الله تعالى ونسأل الله لنا وله الثبات على ذلك وأن ينفع به الأمة.

وأما من فقد شرطا أو أكثر من هذه الشـروط فهو أزهرى مزيف (أزهرى على الورق)، وبالتالي لا يُعتد بأقواله وفتاويه ولو حفظ ألف كتاب ولا يُقتدى به ولا يُقدَّم في مجالس العلم ولا يُؤذن له في التدريس حتى يُصلح حاله ويتدارك نقائصه، وهذا النوع يجب الحذر والتحذير منه لأنه غالبا ما تَصدر من مثل هؤلاء فتاوى شاذة وضلالات كبيرة مخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة، وقد يلتحق بعضهم بالمبتدعة حاملا معه لقب وشعار الأزهرالشريف فيتبعه عوام الناس معتقدين انتمائه الفعلي إلى الأزهر وبالتالي يكون سببا في تشويه صورة التعليم الأزهرى وعلماء الأزهر بصفة عامة.

ومن نتائج وجود مثل هذا النوع من طلاب العلم المزيفين (أشباه الأزهريين )، ومع انتشار التصحر الديني والجهل في البلاد، أننا أصبحنا نرى جِهارا عددا من الجمعيات الدينية التي تنشط داخل البلاد المصرية (وكثير منها ينشط عبر وسائل التواصل الاجتماعي) تتلقب بـاسم “الأزهر ” أو باسم أحد المقرئين الكبار، أو باسم أحد أكابر علماء الأزهر وتتخذ الاسم كوسيلة تسَتر وكطعم تستقطب به عوام الناس (لأن عند غالب المصريين لا يزال الأزهر الشريف محل ثقة لديهم في العلوم الشرعية) ولكن عند البحث والتحري تجد أصحابها يدرسون مناهج وكتب المبتدعة من الوهابية (السلفية) ولا يتورعون من الطعن والتبديع والتفسيق وحتى التكفير في بعض الأحيان لعلماء الأزهر ولأتباع المنهج الأزهرى بصفة عامة ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وبالتالي وجب على طالب العلم الانتباه لمثل هؤلاء الخبثاء الذين امتهنوا حرفة الكذب والتحيل، ولا يغتر بالأسماء الرنانة والشعارات المرفوعة من مثل هذه الجمعيات والمؤسسات بل العبرة بالمحتوى، ولذلك فقبل المشاركة في مثل هذه الجمعيات لا بد من البحث والتحري لمعرفة أمرين أساسيين وهما : 1- الشيوخ المدرسون وأسانيدهم العلمية /2- الكتب المقترحة على الطلاب، وبمعرفة هذين الأمرين ينكشف للباحث حقيقة المنهج المتبع من هؤلاء وهل هم من أهل السنة والجماعة أم هم مبتدعة متحيلون. وبفضل الله تعالى فقد فضح الله جل هؤلاء المتحيلين وما زال البعض القليل منهم متخفيا.

روى الإمام مسلم في صحيحه عن محمد بن سيرينَ رضي الله عنه أنه قال: “إن هذا العِلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم”.

وقال الإمام الأوزاعي رضي الله عنه : “اعلموا أن هذا العِلم دين، فانظروا ما تصنعون، وعمن تأخذون، وبمن تقتدون، ومَن على دينكم تأتمنون”
وقد استمددت هذه النصائح مما أخذته عن علمائنا الكرام ومن تجارب الواقع الذي نعيشه حاليا.

وفي الختام تذكر دائما يا طالب العلم أنك لما ستقف للحساب أمام الله تعالى فلن تنفعك لا الشهادات ولا الإجازات ولا المناصب ولا الأموال التي تعلقت بها وخالفت بسببها منهج أهل السنة والجماعة الذي هو منهج السواد الأعظم من المسلمين على مر العصور، وإنما سينفعك الاعتقاد الصحيح في الله وفي رسله عليهم الصلاة والسلام والعمل بالعلم النافع الذي تعلمته ونفعت به الناس بنية خالصة لله تعالى.

وقد كتبتُ ما قرأتم بقصد النصيحة والتذكير لي ولإخواني طلبة الأزهرالشريف بصفة خاصة، فإن الذكرى تنفع المؤمنين، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وهو رب العرش العظيم.

قلت: وكذلك كل من تخرج من الازهر الشريف أو معاهد الشام أو العراق أو اليمن أو ديوبند الهند أو فروعها في باكستان أو بنجلاديش وغيرها من معاهد ومدارس وجوامع وجامعات أهل السنة والجماعة الاشاعرة والماتريدية وفضلاء أهل الحديث والحنابلة، ينبغي أن يجعلوا ما سبق من الكلام نصب أعينهم، والله الموفق والهادي إلى صراط مستقيم.

التعليقات مغلقة.