مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

أنور أبو الخير يكتب : زمن الحيرة والرويبضة

1

في واقع الأمر الزمن لا يتغير مهما تغيرت الأوضاع ومجريات الأمور المختلفة في الحياة فالزمن لم يتغير منذ عهد أبينا آدم وأمنا حواء عليهما السلام ولن يتغير ولن يتبدل الزمان وسيبقى على ما هو عليه تتوارثه الأجيال كابرا عن كابر حتى قيام الساعة التي لا ريب فيها وحتى يرث الله الأرض ومن عليها
لكن الواقع الذي نعيش فية وفي الحقيقة الناس والبشر هم الذين يتغيرون من حال إلى حال ومن وضع إلى وضع على مدى الزمان والأيام وبمختلف الدهور والعصور وتتغير أحوالهم وطبائعهم وعاداتهم وتقاليدهم وقد يتنكرون ويجحدون وينقلبون على واقعهم وواقع آبائهم وأجدادهم ويسلكون طرقا وسبلا تختلف عما كان عليه آباؤهم وأجدادهم
حقا لقد اصبحنا نحس باننا نعيش في زمن الرويبضه وانصاف الرجال او اشباه الرجال وأصبحنا في زمن ليس كل رفيق يؤنس ولا كل صاحب يدفع الأذى ولا كل أخ يحتمى به ولا كل زوج يسكن إليه ولا كل ابن يستند عليه ولا كل عصبة يتكل عليها فالزمان قد استدار والأيام دول والوجوه تنقلب فالطاعن قد يكون رفيقا مؤتمنا أو أخا من أبيك وأمك أو ابنا من صلبك أو عصبة من دمك أو صاحب عمرك أو زوجاً ضحيت لأجلها فلا عجب فالغدر صار نهرا يتجرع الناس منه في زمن الرويبضة
لا مكان فيه لذوي الاخلاق والقيم الرفيعة والمسكونون بحبه اصبح القميء يشار اليه بالبنان واصحاب النفوس العليله فبات الطيب الطاهر مثالياً والكذاب المخادع فهلوياً وما اقسى ان يشعر المرء فجأة بانه يعيش فى مجتمع غريب تجتاحه ايادي العبث تعبث بمقتنياته وتتصرف بمقدراته وتعيث فيها فسادا وتنشر فيه الخراب غربان سؤء ينعقون
سحقاًً لهذه الحقبه من تاريخنا الذي اصبح فيه المسيء مصلحاً والمصلح مفسدا والكبير صغير والصغير طالت قامته و مساويء لا حصر لها في عصرنا
عصر الانحطاط وعصر الطفلليات وليس من الامور المعقولة والمقبولة ان نسقط في درك الانحطاط ونبني الكثير من احلامنا المنهزمة على انقاض سعادة الطيبين
اهذا هو العصر الذي تحدث عنه الرسول عليه السلام وقال فيه
( ياتي زمان على امتي يصدق فيه الكاذب ويكذب فيه الصادق ) وهل هو الزمن الذي قال فيه
(القابض على دينه كالقابض على جمر) اذا كان كذلك فنها حركة التاريخ قادمه
رغماً عنا ولكنا نبقى نمقت اؤلئك الفاسدين لانا على يقين ان العاقبه للمتقين فلذلك
لنا ان نقتل الجشع والطمع والانانيه وعلى قدر استطاعتنا و ان نقول للمسيء انت مسيء وللمريض انت بحاجه الى علاج
وللواهمين والمتسلقين ومعكرين الاجواء والذين يصطادون في الماء العكر اخرجوا من بيننا ايها الفاسدين المفسدين
يتحدثون في أمر الوطن والدولة وهم أقل من أن يتكلموا في هذا الشأن العظيم ولا يعي تأثيره أو لا يملك القدرة على فهم الأمور أو تبصر في عواقبها وليس له حل ولا ربط وليس له اطلاع على تفاصيل الأحداث وما يحصل فيما رواء الكواليس وبين الأروقة فهو يقلب الأمر على مزاجه هو وحده ويتحدث في كل شاردة وواردة في شأن الأمة والدولة والسياسية يستغل هذا الموقع ويقفز على تلك القناة ويتحدث من هنا وهناك غير آبه بما يقول ولا بتأثيره لقد مر زمن كان من يتحدث في أمر العامة والدولة معروفاً بموقعه السياسي وتأثيره وعمله وخبرته بما يتحدث فلم يكن أحد يستطيع التحدث طالما هو غير مدرك لما يحدث فعلا حتى إن من يتحدث في هذا الشأن يكون معرضاً للسخرية ممن يحيطون به ثم جاءت طفرة القنوات الفضائية تلتها طفرة الاتصالات والمنتديات والصحف الإلكترونية والمدونات ثم انتهينا إلى طفرة التواصل الاجتماعي والكل أصبح يفهم ويعرف في كل شيء
وأعتقد أن هذا هو المقصود بالرويبضة أي أن الشخص لا يعرف ويعرف أنه لا يعرف ومع ذلك يتحدث في الشأن العام ومع ذلك قد لا تكون مشكلة كبيرة في أن يتحدث من لا يعرف فيما لا يعرف طالما الناس تعرف أنه لا علم له ولا معرفة بما يقول لكن المشكلة إذا تحدثوا الروبيضة من المجتمع بما لا يعرفون الناس يظنون بحكم مكانتهم أن لهم معرفة بينما في الواقع ليسوا على اطلاع بأي شيء ويتحدثون في أمور غير صحيحة هذا هو الخطير في الأمر هذا هو الذي يقود المجتمع إلى التمزق والتشتت والضياع هذا هو الذي يفتح الباب لكثير من المشكلات الاجتماعية والسياسية وحتى الصحية بسبب حديث هؤلاء فيما ليس لهم به علم
والأخطر من كل هذا عندما تتحول الآراء العامة غير المرتكزة على حقائق الواقع وأؤكد أنها من صنف غير المستندة إلى حقائق في الواقع وتعبر عن آراء مستقاة من مواقع التواصل الاجتماعي فقط تتحول إلى مواضيع للنقاش والرأي بين النخبة في القنوات الفضائية فالأمر برمته ليس له أساس ولايستند إلى رأي مجتمعي ولايمثل قضية اجتماعية لها أصل
فالمسئولية تقع علينا جميعا فلولا تشجعينا ودعمنا لمثل هؤلاء السفهاء ما اصبح لهم هذا الشأن واحتلوا هذه المكانة
ولنتذكر قوله تعالى
(( أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير )) وإلا جرفتنا الأمواج ولا نجد أنفسنا الا ونحن في مصافهم

التعليقات مغلقة.