يوم الأرض ملحمة خالدة لم تنتهِ بعد
بقلم/ أمنة الدبش
إنا باقون… ما بقي الزعتر والزيتون
يهب علينا من عبق الذاكرة الفلسطينية حدثاً تاريخياً ويوماً وطنياً في تاريخ النضال الفلسطيني الثلاثين من آذار/ مارس عام 1976م الذكرى السابعة والاربعين لهبة الارض المجيدة يوم الانتفاضة الشعبية التي اشتعلت الارض تحت اقدام المحتل الغاصب من ارض النقب الثائر حتى ارض الجليل والمثلث وانطلقت شرارتها الاولى من بلدات عرابة وسخنين ودير حنا وعرب السواعد حيث بدأت الاحداث احتجاجاً على قيام الاحتلال الاسرائيلي بمصادرة الآلاف من الدنمات من اراضي قرى الجليل لإقامة المزيد من المستوطنات ، صاحب ذلك اليوم اعلان الفلسطينيين الاضراب في الجليل وامتد حتى وصل الى النقب جنوباً ، متحدياً ولأول مرة بعد احتلال فلسطين عام 1948م السلطات الاسرائيلية فكان الرد قاسياً إذ دخلت قوات معززة من الجيش الاسرائيلي مدعومة بالدبابات والمجنزرات الى القرى الفلسطينية لقمع الاضراب والاحتجاجات ليرتقي نتاج العدوان ستة شهداء ارتوت دمائهم العطرة أرض قراهم وبلداتهم محسن طه وخير ياسين من كفركنا، خديجة قاسم شواهنة، رجا أبو ريا وخضر خلايلة من سخنين، رأفت علي زهيرى من مخيم نور شمس واصابة واعتقال المئات.
منذ ذلك الوقت شكل ” يوم الارض ” محطة فارقة وبارزة في حياة الشعب الفلسطيني سواء كانوا بالأراضي الفلسطينية المحتلة او في كافة اماكن تواجده للتأكيد على تشبثهم بأرضهم وبقائهم حتى آخر رمق وتمسكهم وانتمائهم بهويتهم الوطنية رغم كل محاولات الاستئصال وتزيف التاريخ إلا أنه ما زال يورث الأجيال مفاتيح العودة وتتجدر في اعماقه الحقوق والثوابت كحق مقدس لا يمكن التراجع عنه اوالالتفاف عليه وافشال الصفقات وكافة المشاريع التصفوية والتهويدية والمخططات التآمرية الامريكية واعتباره مشروعاً متناقضاً مع عملية التحرر الوطني والعودة .
الأرض جوهر الصراع
تحل علينا الذكرى السنوية ليوم الارض الفلسطيني ولا زال شعبنا يتجرع آلام ومرارة النكبة المتوالية فصولاً باتباع سياسة التجزئة بوصفها السياسة الابرز لعزل الفلسطينيين بعضهم عن بعض وتفتيتهم وشرذمتهم سياسياً وجغرافياً واقتصادياً واجتماعاً بغرض تحقيق مشروعها الاستعماري العنصري القائم على الطرد والهدم والتهجير القسري والتهويد والاستغلال وتشويه الحقائق ، وستظل هذه الذكرى علامة فارقة صنعها شعبنا دفاعاً عن ارضه وتمسكاً بهويته الوطنية وحقه الازلي وانه عصي على الطرد ومتمرد على الاقتلاع ورافض للرحيل، فالمشروع الصهيوني يعيش ازمة وجودية تضرب كل مفاصل واركان كيانه على ارض فلسطين وتضرب فكرته التي تنطوي على الرغبة الاستعمارية في السيطرة والتحكم نلمس ان هناك اهدافاً استراتيجية لا زالت قائماً ومستمرة بأشكال مختلفة ومساعي جارية لتحقيقها في سياق استمرارية هذا المشروع الصهيوني .
تأتي الذكرى الـ 47 ليوم الأرض، ولم يزل الاحتلال الإسرائيلي يسيطر على أكثر من 85% من أرض فلسطين التاريخية حيث صادقت حكومة الاحتلال على 83 مخططًا لبناء 8288 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية، و2635 وحدة بالقدس المحتلة وصادرت قرابة 26 ألفا و500 دونم تحت مسميات مختلفة مثل إعلان محميات طبيعية وأوامر استملاك ووضع يد، واعتبارها “أراضي دولة”
ارقاماً تؤكد حجم الاجرام الصهيوني المتواصل لعمليات التوسع الاستيطاني ضد أبناء شعبنا وأرضنا الفلسطينية من مجازر وانتهاكات تستهدف ضم وتهويد الضفة والقدس وكل أراضي فلسطين التاريخية ، مستغلة بذلك اتفاقية “أوسلو” والتي فتحت شهية الاحتلال على تكثيف الاستيطان بوتيرة أسرع من أي وقت مضى.
وقائع تآمر الانظمة الرجعية على القضية الفلسطينية
تشهد الانظمة العربية انحداراً وسقوطاً وتراجعاً خلق أشكال عديدة من التناقضات والخلافات البينية في علاقات الدول العربية وتفجيرها من الداخل فهو المناخ الذي تحبذه اسرائيل وتتناغم على أوتاره لتحقيق اهدافها المخفية فإن مستقبل اسرائيل يرسمه الواقع العربي ،فلا يخفى علينا ما حدث مؤخراً فقد شكلت العمليات الفدائية البطولية الاخيرة في الضفة الغربية نتائج سياسية وانعكاسات ايجابية على الصعيد الفلسطيني وآثار سلبية على جبهة العدو فرضت نفسها حدثاً هز الكيان الصهيوني من الناحيتين العسكرية والرأي العام الصهيوني وافسدت مساراً تطبيعياً جسدته قمة العقبة/ شرم الشيخ وتميزت بدلالاته تحول دور شعبنا في الداخل المحتل لدور نضالي صدامي عنيف مع الاحتلال وقنبلة قابلة للانفجار باي وقت وخنجر مسموم في خاصرتهم لذا ليس من المصادفة ان يخرج منفذي العمليات الاخيرة من قلب حوارة والنقب ومن ام الفحم وجنين ونابلس التي يتجه اليها الانظار لمتابعة مجريات ومتغيرات الاحداث التي من خلالها اثبتت قدرة المقاومة الشعبية بأفعالها الانتفاضية هشاشة المنظومة الاستعمارية وبؤسها وتمسك الفلسطيني بالدفاع عن ارضه ومقدساته كنهج قادر على ردع الاحتلال وكسر عنجهيته.
لهذا في ذكرى يوم الارض نستعيد بحفاوة قصيدة (الأرض) كتبها الشاعر محمود درويش عام 1976
أيّها العابرون على جسدي
لن تمرّوا
أنا الأرض في جسدٍ
لن تمرّوا
أنا الأرض في صحوها
لن تمرّوا!
التعليقات مغلقة.