بسملة سمير:
تحتفي وزارة الإعلام ممثلةً بتلفزيون سلطنة عُمان اليوم بمرور 50 عامًا على بدء بث تلفزيون سلطنة عُمان والذي يصادف السابع عشر من نوفمبر عام 1974 م، ويُشكل محطة تاريخية مُهمة في مسيرة الإعلام العُماني ويعكس الاهتمام الذي توليه سلطنة عُمان لهذا القطاع منذ بدايات النهضة المباركة.
وقد تمكّن تلفزيون سلطنة عُمان على مدار خمسين عامًا من القيام بدور محوري في المشهد الإعلامي المحلي والعربي، ونجح في ترسيخ دوره كمؤسسة إعلامية وطنية بفضل توجهاته الاستراتيجية في تطوير المحتوى والتقنيات وتعزيز دوره كمنبر إعلامي يعكس رؤية سلطنة عُمان نحو مستقبل أكثر إشراقًا وتطورًا.
وبدأ تلفزيون سلطنة عُمان مسيرته بعد أربع سنوات من انطلاق النهضة العُمانية بقيادة المغفور له السُّلطان قابوس بن سعيد ليصبح نافذة إعلامية تنقل صوت عُمان ورؤيتها إلى العالم، وتعكس الهوية الثقافية والاجتماعية والسياسية وتعزز التواصل مع أبناء الوطن وتدعم مشاركتهم في البناء والتطوير، وعلى مدى العقود الخمسة الماضية، شهد تلفزيون سلطنة عُمان تحولات كبيرة في المحتوى والتقنيات، ومرّ بمراحل تطور مختلفة، ليواكب التغيرات التكنولوجية، وليؤدي أدوارًا رئيسة في نقل الأحداث وتعزيز الوعي الوطني.
وقد بدأت أولى خطوات تلفزيون سلطنة عُمان ببثٍّ محدود في مسقط وبعض المناطق المجاورة باستخدام أجهزة بسيطة قدم من خلالها التلفزيون نشرات الأخبار المحلية، وخطابات السُّلطان، وبرامج تثقيفية للتعريف بالمفاهيم الحديثة للنهضة العُمانية، وعلى مدار السنوات الخمسين الماضية مرّ بمحطات رئيسة أعقبت مرحلة التأسيس وهي مرحلة التوسع التي امتدت لعشر سنوات منذ العام 1980م حيث شهدت توسيع شبكة البث لتغطي أغلب محافظات سلطنة عُمان، كما تم تطوير المحتوى لتقديم برامج تثقيفية وترفيهية، وتطوير البنية الأساسية لشبكة الإرسال.
وفي عام 1990م بدأت مرحلة التحول الرقمي باستخدام تقنيات البث الرقمي لتعزيز جودة الصورة والصوت، مع دخول العالم عصر العولمة، حيث عمل تلفزيون سلطنة عُمان على تحسين نوعية الإنتاج، من خلال إطلاق برامج حوارية تغطي القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وواصل تلفزيون سلطنة عُمان مسيرة تطوره من خلال مرحلة البث الفضائي؛ ما مكّنه من وصول القنوات إلى جميع أنحاء العالم، فيما تم إطلاق قنوات متخصصة مثل عُمان الثقافية، وعُمان مباشر، الأمر الذي أتاح تنوع المحتوى ليشمل الأخبار، والثقافة، والرياضة، والتغطيات المباشرة للأحداث الرسمية؛ حيث تجاوز عدد ساعات البث أكثر من 100 ألف ساعة بث سنويًّا تشمل مختلف أنواع البرامج.
ومنذ تأسيس تلفزيون سلطنة عُمان كان له الدور وما يزال في تعزيز الهوية الوطنية عبر بث البرامج التي تُعنى بتراث عُمان وتاريخها العريق، وأدى مهمّته في نقل الأحداث الوطنية الكبرى والخطابات السامية التي عززت روح الانتماء الوطني، وربط مختلف محافظات سلطنة عُمان ببعضها، كما أسهم في نشر الوعي المجتمعي من خلال برامجه التوعوية، ودعم الإنتاج الفني المحلي من خلال الدراما العُمانية وبرامج الترفيه، ونشر الثقافة والتراث العُماني عبر برامج وثائقية وتغطيات المهرجانات التراثية إلى جانب حضوره الرقمي عبر منصات التواصل الاجتماعي، ما ساعد على الوصول إلى شريحة أوسع من الجمهور.
وقد أكد الدكتور عبدالله بن ناصر الحراصي وزير الإعلام العمانى في مقابلة مع إذاعة الشباب على أن تلفزيون سلطنة عُمان واكب كل مراحل التطور في المسيرة الطويلة لتطور الإعلام العُماني وقام بأدوار جليلة في تثقيف وتنوير الإنسان العُماني ونشر الوعي، وفي تطوير الفن والترفيه وبث الفعاليات في مختلف المجالات وإنشاء قنوات متخصصة مثل القناة الرياضية والقناة الثقافية وانتهاءً بتطوير المنصات الإلكترونية.
وقال سعيد بن تمان العمري المكلف بأعمال مدير عام تلفزيون سلطنة عُمان: إن تلفزيون سلطنة عُمان حرص طوال مسيرته على إعلاء قيم ومبادئ نهضة عُمان، وأسهم في ترسيخ الهوية الوطنية والقيم النبيلة، وإبراز النجاحات والإنجازات التي تفخر بها عُمان، مبينًا أنه مع تطور الإعلام وتنوع أدواته ظل تلفزيون سلطنة عُمان حصنًا ومساهمًا يُعتمد عليه لمواجهة الشائعات والتضليل، فهو “صوت الحق والحقيقة والمنطق”.
وأضاف أنه على مدى العقود الماضية، لم يكن تلفزيون سلطنة عُمان مجرد قناة تنقل الأخبار، بل كان نافذة على ثقافات متنوعة، وساحة تحتضن المُبدعين والفنانين، لنقل رسائلهم ورؤاهم إلى جمهور واسع، وجسرًا يوصل عبق الحضارة ويعزز التفاهم بين الأمم ومرآة تعكس التنمية في سلطنة عُمان؛ حيث قام بدور مهم في توثيق مختلف الإنجازات التي حققتها البلاد في مختلف المجالات.
وبيّن أن إطلاق قنوات متخصصة في الجانبين الثقافي والرياضي يعد تأكيدًا على تطور تلفزيون سلطنة عُمان، حيث إن الرياضة تجمع القلوب وتعزز الروح الجماعية، فقد كان للتلفزيون دور في تغطية البطولات المحلية والدولية، ورفع العلم الوطني عاليًا في المحافل الرياضية، بالإضافة إلى الحضور وتغطية مختلف الفعاليات الثقافية التي تستهدف المُبدعين والأدباء والمفكرين.
وقال المهندس سعيد بن سالم الشريقي مدير عام الهندسة بوزارة الإعلام: “إن التجهيزات الفنية لاستوديوهات أنظمة بث الإذاعة والتلفزيون في تطور مستمر ومتسارع، ووزارة الإعلام مواكبة لهذه التطورات، وكانت هناك محطات مختلفة للتطور التقني والهندسي لتلفزيون سلطنة عُمان؛ فقد بدأ تلفزيون سلطنة عُمان في عام ١٩٧٤م بتجهيزات ملوّنة مغايرًا لتلفزيونات المنطقة آنذاك التي كانت تبث بالأبيض والأسود، وكان في مبنى يحتوي على أربعة استوديوهات وبمحطات إرسال أرضي في المدن الرئيسية، وباستخدام كاميرات سينمائية وأجهزة تشغيل سينمائية،
وفي بداية الثمانينات من القرن الماضي بدأت أجهزة الفيديو (2 بوصة) وتطورت إلى (1 بوصة) ثم إلى أجهزة البيتكام بأشرطة نصف بوصة، وفي عام 2000م بدأ البث عن طريق الأقمار الاصطناعية التي تغطي كافة المنطقة العربية عن طريق أقمار العرب سات، بعدها وقّعت الوزارة اتفاقية أخرى مع العرب سات لإيصال بث القناة العامة لإذاعة وتلفزيون سلطنة عُمان إلى مختلف قارات العالم”.
وأوضح أن أبرز المحطات في تطور تلفزيون سلطنة عُمان كانت بافتتاح مجمع الاستوديوهات الرقمية في عام 2013 والذي بُنِي على مساحة إجمالية تقدر بأكثر من 21 ألف متر مربع ويحتوي على أربعة استوديوهات للإنتاج البرامجي، أكبرها بمساحة 700 متر مربع، وثلاثة استوديوهات للبرامج الأخبارية، ومركز أخبار مع ثلاثة استوديوهات للتحكم بالقنوات العامة والرياضية وعُمان مباشر، استخدمت فيها أحدث التقنيات في ذلك الوقت، وهي: تقنية التلفزيون عالي الوضوح HD، مع وجود مكتبة رقمية تتسع لأكثر من ٤٠ ألف ساعة تلفزيونية تعمل في بيئة رقمية خالية من الأشرطة”.
وتطرق في حديثه إلى تقنيات البث والنقل التلفزيوني وقال: أصبح بالإمكان نقل الفعاليات عن طريق الأقمار الاصطناعية بدلًا من خطوط الألياف البصرية، كما تم اقتناء تجهيزات ربط عبر شبكة الجيل الرابع والخامس من أي منطقة تتوفر فيها هذه الشبكة، بالإضافة إلى تطبيق يمكن استخدامه عبر الهواتف الخلوية لعمل المقابلات التلفزيونية مع الأشخاص الذين يتم استضافتهم في النشرات الإخبارية أو البرامج التلفزيونية واستخدم هذا التطبيق في أثناء جائحة كورونا”.
وقال علي بن خلفان الجابري وكيل وزارة الإعلام السابق: “بدايتي مع التلفزيون كانت في منتصف عام 1980م حين التحقت بالعمل كمذيع ربط وكنت قد أنهيت المرحلة الإعدادية، إذ كانت وسائل الإعلام العُمانية تستقطب أبناء البلد مهما كانت أعمارهم وثقافتهم ثم تبدأ في تدريبهم وإكسابهم المهارات اللازمة وهذا ما حدث معي حيث خضعت لدورات تدريبية داخلية ثم خارجية، أسهمت في تكوين خبراتي كمذيع مع استمراري في الدراسة، وفي تلك المرحلة كان هناك جيلان من المذيعين بدأوا مرحلة العطاء مع انطلاق التلفزيون في عام 1974م”.
وأضاف: “تلفزيون سلطنة عُمان بدأ بثّه مباشرة بالبث الملون ولكن أجهزة استقبال ذلك البث لم تكن متوفرة في ذلك الزمن فكان معظم الناس يملكون أجهزة تلفزيون غير ملونة خاصة في الولايات التي لم تكن وصلتها الكهرباء”.
وبيّن أن التلفزيون من أقوى الوسائل في ترسيخ الكثير من المفاهيم والمساعدة على نشر توجهات الدولة بكل تفرعاتها؛ إذ إن التعليم الحديث بدأ بالانتشار بعد عام 1970م فضلًا عن عدم مقدرة الصحف على الوصول إلى كل ربوع سلطنة عُمان.
وكذلك الحال بالنسبة للإذاعة، ولذلك أسهم التلفزيون إسهامًا كبيرًا في تعزيز مفاهيم الثقافة وإيصال مضامين توجهات الدولة في سعيها الحثيث لترسيخ المبادئ التي انتهجتها في مسيرة نهضتها، ثم اكتملت مسارات الإعلام بأذرعها الثلاث في تأصيل نظرة الدولة لأوجه الحياة واحتياج المجتمع.
التعليقات مغلقة.