مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

وزارة الأوقاف: عنوان خطبة الجمعه القادمة بعنوان “وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا”

محمد الجندي :

 

تحت رعاية الدكتور اسامه الازهري وزير الاوقاف اعلنت وزارة الاوقاف المصرية علي ان موضوع خطبة الجمعة القادمة الموافق 6 سبتمبر 2024م.

 بعنوان وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا

وأكدت وزارة الأوقاف إن المراد توصيله إلى جمهور المسجد من خلال هذه الخطبة هو توجيه وعي جمهور المسجد إلى البعد التام واجتناب التام للطلاق وكل ما يؤدي إليه من أسباب وذلك من خلال التأكيد على مكانة الزواج وقيمته السامقة العالية وبيان فائدة وصف عقد الزواج بالميثاق الغليظ مع ضرب نماذج من صور بديعة للحياة الزوجية الكريمة التي أعلت من قدر ذلك الميثاق الغليظ وتقديس التراث المصري الأصيل للزواج ومسئولية الزوجين والأهل عن استقراره وأن من دلائل حكمة الميثاق الغليظ رعاية الود والتجمل بالإنصاف مع ضرورة التحذير من خراب البيوت الذي هو مقصد الشيطان الأعظم

ونص الخطبه هو 

وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا

 

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، بَدِيعِ السَّمَاواتِ وَالأَرْضِ، وَنُورِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَهَادِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، أَقَامَ الكَوْنَ بِعَظَمَةِ تَجَلِّيه، وَأَنْزَلَ الهُدَى عَلَى أَنْبِيَائِهِ وَمُرْسَلِيه، وأَشهدُ أنْ لَا إلهَ إِلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأَشهدُ أنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّهُ مِنْ خَلْقِهِ وَحَبِيبُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَيهِ، وعلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَومِ الدِّينِ، وَبَعْدُ: 

فَإِنَّ لِلزَّوَاجِ فِي الإِسْلَامِ مَكَانَةً سَامِيَةً وَقِيمَةً سَامِقَةً عَالِيَةً، وَلَكِنَّ العَجَبَ لَا يَنْقَضِي! لِمَاذَا يَتَهَاوَنُ بَعْضُ النَّاسِ بِقُدْسِيَّةِ الزَّوَاجِ وَمَكَانَتِهِ؟! لِمَاذَا لَا يُقَدِّرُ البَعْضُ هَذَا الرِّبَاطَ الإِلَهِيَّ المُقَدَّسَ قَدْرَهُ، وَيَتَسَاهَلُ فِي حَلِّهِ وَنَقْضِه؟ لِمَاذَا شَاعَ الطَّلَاقُ فِي زَمَانِنَا؟ مَعَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى وَصَفَ عَقْدَ الزَّوَاجِ فِي القُرْآنِ الكَرِيمِ وَصْفًا عَظِيمًا يَأْخُذُ بِالأَلْبَابِ وَيَدْعُو العُقُولَ إِلَى التَّوَقُّفِ وَالتَّفَكُّرِ وَالتَّأَمُّلِ، إِنَّ الزَّوَاجَ لَيْسَ مُجَرَّدَ وَرَقَةٍ تُكْتَبُ وَتُوَثَّقُ، أَوْ صِيغَةَ إِيجَابٍ وَقَبُولٍ فِي مَحْفِلٍ عَامٍّ، إِنَّهُ المِيثَاقُ الغَلِيظُ، يَقُولُ اللهُ سُبْحَانَهُ: {وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا}. 

انْتَبِهُوا يَا سَادَة! إِنَّ وَصْفَ عَقْدِ الزَّوَاجِ بِالمِيثَاقِ الغَلِيظِ هُوَ عَيْنُ مَا وَصَفَ اللهُ تَعَالَى بِهِ المِيثَاقَ الَّذِي أَخَذَهُ مِنَ النَّبِيِّينَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، حَيْثُ قَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا}.

قد يهمك ايضاً:

بقراءة الإمام نافع.. انطلاق أولى ملتقيات القراءات العشر…

انطلاق ملتقى القراءات العشر بالجامع الأزهر..السبت المقبل 

أَيُّ بَلَاغَةٍ وَأَيُّ رَوْعَةٍ تَصِفُ الزَّوَاجَ وَتُؤَصِّلُ قُدْسِيَّتَهُ؟! أَلِهَذَا الحَدِّ يُرِيدُ الشَّرْعُ الشَّرِيفُ أَنْ يُعَظِّمَ فِي قُلُوبِنَا وَعُقُولِنَا شَأْنَ الزَّوَاجِ؟ إِنَّهُ مِيثَاقٌ غَلِيظٌ، عَهْدٌ مَتِينٌ، شَدِيدٌ قَوِيٌّ، صَامِدٌ مَعَ الأَزَمَاتِ، صُلْبٌ عِنْدَ المُشْكِلَاتِ، عَصِيٌّ عَلَى النَّقْضِ وَالتَّمْزِيقِ، عَقْدٌ مُقَدَّسٌ وَرِبَاطٌ مُؤَكَّدٌ، وَاجِبُ الحِفْظِ وَالصِّيَانَةِ وَالوَفَاءِ.

أَيُّهَا النَّاسُ! اقْدُرُوا لِهَذَا الِميثَاقِ الغَلِيظِ قَدْرَهُ! إِنَّ الزَّوَاجَ رِحْلَةُ عُمْرٍ جَمِيلَةٌ، أَنِيسُهَا الحُبُّ وَالوُدُّ وَالرَّحْمَةُ، زَوْجٌ يَجِدُ عِنْدَ زَوْجِهِ الهُدُوءَ مِنْ ضَجِيجِ الحَيَاةِ، يَلْقَى البَسْمَةَ عِنْدَ الضِّيقِ، وَالرَّاحَةَ عِنْدَ التَّعَبِ، وَالسَّكَنَ عِنْدَ القَلَق!

وَانْظُرُوا إِلَى هَذِهِ الصُّورَةِ البَدِيعَةِ مِن زَوْجَيْنِ كَرِيمَيْنِ عَرَفَا قَدْرَ ذَلِكَ الِميثَاقِ الغَلِيظِ، وَالرِّبَاطِ المُقَدَّسِ، فَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا سَنَدًا لِصَاحِبِهِ، دِفْئًا عِنْدَ البَرْدِ، نَسَمَةً فِي القَيْظِ، أَمَانًا عِنْدَ الخَوْفِ، طِبًّا لِلْجُرُوحِ! فَهَذَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما أَنْ بُدِئَ بِالوَحْيِ الشَّرِيفِ رَجَعَ إِلَى بَيْتِ زَوْجِهِ سَيِّدَتِنَا أُمِّ المُؤْمِنِينَ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا يَرْجُفُ فُؤَادُهُ، وَهُوَ يَقُولُ: زَمِّلُونِي، زَمِّلُونِي، فَزَمَّلَتْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، وَضَمَّتْ عَلَيْهِ الأَغْطِيَةَ وَالثِّيَابَ، وَهُوَ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ يَقُصُّ عَلَيْهَا خَبَرَ مَا رَأَى، ثُمَّ قَالَ لَهَا: «لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي»، فَقَالَتْ لَهُ زَوْجُهُ الفَاضِلَةُ العَاقِلَةُ الحَنُونُ تَجْبُرُ خَاطِرَهُ: كَلَّا، أَبْشِرْ، فَوَ اللهِ لَا يُخْزِيكَ اللهُ أَبَدًا؛ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ.

أَيُّهَا السَّادَةُ الكِرَامُ! إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعَ لِسَكَنِهِ، عَادَ لِزَوْجِهِ، لِيَجِدَ عِنْدَهَا الدِّفْءَ وَالأَمَانَ وَالتَّثْبِيتَ، وَكَانَتْ زَوْجُهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا عِنْدَ حُسْنِ الظَّنِّ، فَوَجَدَ مِنْهَا كُلَّ حِكْمَةٍ، وَكُلَّ دَعْمٍ، وَكُلَّ نَصْرٍ، وَكُلَّ عَوْنٍ، وَكُلَّ حُبٍّ. هَكَذَا يَكُونُ الزَّوَاجُ، هَكَذَا تَحْلُو الحَيَاةُ!

*

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى خَاتَمِ الأَنبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَبَعْدُ:

فَإِنَّ الإِنْسَانَ قَدْ تَأْتِيهِ سَاعَةُ غَضَبٍ، فَتَعْظُمُ فِي عَيْنِهِ عُيُوبُ الطَّرفِ الآخَرِ، وَلَكِنَّ العَاقِلَ مَنْ يَرْعَى الوُدَّ، وَيَتَجَمَّلُ بِالإِنْصَافِ، وَيُدْرِكُ أَنَّ ذَلِكَ الزَّوْجَ الَّذِي سَاءَهُ يَوْمًا قَدْ سَرَّهُ أَيَّامًا، فَيَتَحَلَّى بِالصَّبْر الجَمِيلِ، وَرَائِدُهُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}، وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إنْ كَرِهَ منها خُلُقًا رَضِيَ منها آخَرَ».

والحقُّ أَنَّ مَقْصدَ الشَّيْطَانِ الأَعْظَمَ هُوَ خَرَابُ البُيُوتِ! إِنَّهُ لَا يُرِيدُ لِلْبُيُوتِ أَنْ تَسْتَقِرَّ، لَا يُحِبُّ لِلْأُسَرِ أَنْ تَتَمَاسَكَ، يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الماءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمَهُمُ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ، فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، وَيَجِيءُ أَحَدُهُمْ، فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهِ، فَيُدْنِيهِ مِنْهُ، وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ!».

أَيُّهَا السَّادَةُ! لَقَد تَرَبَّيْنَا فِي تُرَاثِنَا المِصْرِيِّ الأَصِيلِ أَنَّ الرَّجُلَ يُنظَرُ إِلَيْهِ بِعَيْنِ السُّوءِ وَالانْتِقَاصِ إِذَا لَمْ يَكُنْ خَلِيقًا بِالحِفَاظِ عَلَى سَلَامَةِ بَيْتِهِ وَاسْتِقْرَارِ أُسرَتِهِ، كَمَا تَرَبَّيْنَا أنَّ الزَّوْجَةَ لَا تَتْرُكُ بَيْتَ زَوْجِهَا، وَإِنَّمَا تَصْبِرُ عَلَى أَزَمَاتِ حَيَاتِهَا، وَأَنَّ الزَّوْجَيْنِ حَكِيمَانِ يَعْرِفَانِ كَيْفَ يُدِيرَانِ خِلَافَاتِ البَيْتِ، يُقَدِّرُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، يَسْمَعُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، يَحْتَوِي أَحَدُهُمَا الآخَرَ، يَغْفِرُ أَحَدُهُمَا لِلآخَرِ، كُلُّ ذَلِكَ فِي رِعَايَةٍ مِنْ أَبٍ وَأُمٍّ يَشُدَّانِ عَلَى أَيْدِي الزَّوْجَيْنِ، يَنْقُلَانِ لَهُمَا خِبْرَاتِ الحَيَاةِ بِرَجَاحَةٍ وَكياسَةٍ وَحِكْمَةٍ وَسَعَةٍ وَتَأنٍّ وَصَبْرٍ ولُطْف.

اللَّهُمَّ احْفَظْ بُيُوتَنَا وَأَنْزِلْ عَلَيْهَا السَّكِينَةَ وَالمَوَدَّةَ وَالأُلْفَةَ والمحبه

التعليقات مغلقة.