تقرير – المنشاوي الورداني
فقدت الثقافة العربية واحدا من كبار علمائها والذي يعد شيخ المترجمين العرب في العصر الحديث ، إذ غيب الموت في القاهرة، الدكتور محمد عناني عن عمر ناهز (84 عاماً)، وهو يُصنف كواحد من أهم أعلام الترجمة في العالم العربي، ويعتبر مثقفاً موسوعياً جمع بين كل فنون الكتابة والأدب، اتَّسم إنتاجه الأدبي بالغزارة والتنوع؛ إذ جمع بين التأليف والنقد الأدبي، بجانب إرث ضخم في مجال الترجمة .
وقد ساهَم الفقيد فى ترجمة الكثير من المُؤلَّفات العربية إلى الإنكليزية، ومن بينها ترجمة التراث المسرحي لشكسبير، وبعض أعمال «إدوارد سعيد» مثل: «الاستشراق وتغطية الإسلام»، و«المثقف والسلطة»، فضلاً عن أعمال أخرى مثل: «الفردوس المفقود»، و«ثلاثة نصوص من المسرح الإنجليزي»، كما ساهَم في ترجمة الكثير من المُؤلَّفات العربية إلى الإنكليزي، منها مُؤلَّفات طه حسين، ودواوين ومسرحيات شعرية لكلٍّ من صلاح عبد الصبور، وفاروق شوشة. ومن بين أعماله المُؤلَّفة: «السجين والسجَّان»، و«السادة الرعاع»، و«جاسوس في قصر السلطان». أما مُؤلَّفاته العلمية في الترجمة والنقد الأدبي فمنها: «الترجمة الأسلوبية»، و«النقد التحليلي»، و«التيارات المعاصرة في الثقافة العربية»، و«الترجمة الأدبية بين النظرية والتطبيق»، و«الأدب والحياة»، و«مرشد المترجم».
وُلد عناني في مدينة رشيد بمحافظة البحيرة (دلتا مصر)عام 1939م ، و نال شهادة البكالوريوس في اللغة الإنكليزية من جامعة القاهرة عام 1959، وحصل على الماجستير من جامعة لندن عام 1970، وعلى درجة الدكتوراه من جامعة ريدنغ عام 1975م، ثم على درجة الأستاذية عام 1986.
عمل عناني مُراقِبَ لغة أجنبية بخدمة رصد «بي بي سي» في الفترة بين 1968- 1975م، ثم محاضراً في اللغة الإنكليزية بجامعة القاهرة منذ عام 1975م، ورئيساً لقسم اللغة الإنكليزية بالجامعة بين عامَي 1993 و1999م. وطوال مَسيرته التدريسية بالجامعة تَخرَّج على يدَيه عشراتُ الآلاف من الطلاب، وأشرف على مئات الرسائل الجامعية .
وقد نعت الدكتورة نيفين الكيلاني، وزيرة الثقافة المصرية الدكتور محمد عناني، عميد المترجمين،
وقالت لقد خَسِرت الثقافة المصرية والعربية اليوم قامةً أدبيةً كبيرةً، فقد عشق الكلمة وأبحر في فنونها المختلفة، مثقف موسوعي أثرى الحركة الثقافية المصرية والعربية بأعماله من مترجمات ومؤلفات علمية وأدبية، ورحل شيخ المترجمين وعميدهم تاركًا للمكتبة العربية إرثًا عظيمًا.
وقدمت وزيرة الثقافة، العزاء لأسرته وأصدقائه وطلابه ومحبيه، داعية الله أن يلهمهم الصبر والسلوان.
كما نعت الدكتورة كرمة سامي مديره المركز القومي للترجمة في مصر رحيل المترجم الكبير الأستاذ الدكتور محمد عناني الذي رحل عن عالمنا صباح الثلاثاء ، وقالت: “رحل اليوم أيقونة الترجمة في العالم العربي الدكتور محمد عناني بعد مسيرة حافلة بالعطاء شكلت علامة فارقة في تاريخ الترجمة بمصر و العالم العربي وسيظل كتابه الشهير “فن الترجمة” صاحب فضل لا ينسى على كثير من حديثي العهد بفن الترجمة حيث قدم هذا الكتاب للمترجم المبتدئ الذي يضع قدميه لأول مرة على طريق الترجمة فالراحل هو المترجم النموذج والقدوة الذي يجب أن يحتذي به الباحث الأكاديمي . وستظل أعماله ومسيرته خالدة باقية في تاريخ حركة الترجمة في العالم العربي.
وقد أشارت إلى أن الراحل له عدد كبير من الأعمال الصادرة عن المركز القومي للترجمة ومنها: “شكسبير:ابتكار الشخصية الإنسانية “،”موسوعة الهارمانيوطيقا”،”غواية اللامعقول “،”عقبات ثقافية “،”بناء الثقافات”،”نصوص من الشعر القصصي الرومانسي الانجليزي”، “اللغة و السلطة”، الخطاب و التغير الاجتماعي” و”المفكرون الأساسيون من النظرية الأدبية إلى بعد الماركسية”.
نال محمد عناني العديدَ من الجوائز منها “جائزة الدولة في الترجمة ”، ووسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى، وجائزة الدولة في الآداب، وجائزة الملك عبد الله الدولية في الترجمة، وجائزة رفاعة الطهطاوي في الترجمة وجائزة منظمة الأليسكو للعلوم والثقافة.
و يؤكد الكاتب الكبير محمد موافي أنه شيخ المترجمين بلا منازع فهو أستاذ في الصنعة فعندما تجلس معه تقول إنه يستحق أن يكون رئيس قسم اللغة العربية بكلية الآداب إلى جانب توليه رئاسة قسم اللغة الإنجليزية ، كما كان يقرأ وكأنه يذاكر عشر ساعات يوميًا، يذاكر بمنطق المقبل على الامتحانات.
كان يرى اللغة دليلًا على البقاء والحياة، ومن العار حرص أساتذة الأدب العربي على الطنطنة بالإنجليزية.
أنتج عناني مكتبة فريدة تجمع النقد بمدارسه، قدّم إلى القارئ العربي شكسبير كاملًا. ونقل إلى أوروبا أعمال طه حسين وصلاح عبد الصبور وغيرهما. و استحق بلا مبالغة أن يكون حفيدًا نجيبًا لرفاعة الطهطاوي .
ويؤكد الدكتور خالد توفيق أستاذ الأدب الإنجليزي والترجمة بكلية الآداب جامعة القاهرة والتلميذ النجيب للفقيد أن الدكتور عناني استحق أن يكون العلامة في الترجمة العربية بلا منازع حيث خدم لغة القرآن الكريم حتى آخر لحظة في حياته وكانت مرجعيته الكبرى في جمال العربية هو كتاب الله القرآن الكريم وديوان المتنبي .
التعليقات مغلقة.