مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

هند تطلبك لا ترد

بقلم – رابعة الختام:

كاتبة صحافية مصرية

وقع قلبي بين قدمي بمجرد سماع رنين هاتف زوجي، طبعا ليست أية نغمة، إنما نغمة “هند تطلبك.. لا ترد”، وقد وضعتها للرقم الخاص بـ “هند”، حبيبة قلب أخوها، وآخر عنقود شجرة العائلة الكريمة، وهذا يعطيها الحق تنزل “ببراشوت” على منزلي وقتما تشاء دون أن تكترث بكوني امرأة عاملة.

اعتادت “هند” أن تعزم نفسها على مائدتي دون سابق إنذار، وكأنني فتحت مطعما للأكل البيتي “مراتك نفسها في الأكل يجنن، بموت على طبيخها”.

وشهامة زوجي من النوع اللي يودي في ستين داهية. قال لحبة عين أخوها: أهلا وسهلا، تنوري. وأبلغني الخبر، وتجنبا لحوار عقيم لن نجني من ورائه سوى الخصام وحرق الدم، اتصلت برئيس التحرير، ألتمس الغياب غدا، فرفض لتكليفي بحضور أولى جلسات مؤتمر “النهوض بالمرأة”، فأصررت، قال: إذا بالخصم.

قلت: أمري لله، مع العلم إني كنت بحاجة لهذا النهوض في بيتي، لكن أخت زوجي هبطت بي وبراتبي للأرض، واحسرتاه على النهوض بالمرأة، فأنا أعاني من الاحتلال الهنداوي، الغاشم..!

قد يهمك ايضاً:

الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا عبر تركيا دروب الموت والابتزاز

الإتجاهات الحديثة فى مجال تنمية الموارد البشرية 

تنفس الصبح وأيقظت جفوني المتعبة معه، استدعيت أم جلال (زوجة البواب) لتساعدني في “العزومة الهنداوية”، وعصبت رأسي ودخلت حلبة مطبخي أجهز صنوف الغذاء، وما لذ وطاب من الحلويات، وكتمت نفسي حتى لا يكون “نفسي في الأكل يجنن”.. يمكن تغيّر هند رأيها في أكلي، صرخت أم جلال: يا مدام  كاتمة نفسك ليه؟،  كده تموتي، قلت: أحسن ما أموت من الغيظ، ياغالية، قلبي موجوع على الخصم، وشغلي، ومع عقارب الساعـــة سيتحول منزلـــي إلى حضانة أطفال.

لم أكمل الجملة حتى دق جرس الباب، وقع من يدي الطبق الصيني، اتكسر خمسين ألف قطعة، لا أعرف، هل هو خوف من المصير المجهول لو وصل لهند إحساس بالضيق، من “عينيها” صاحبة أكبر عدد من خسائري المنزلية، أم خوف لا إرادي، غير مسبب، كامن في أعماقي من تلك المستفزة وزياراتها الأكثر منها إستفزازاً . بدأت مراسم الاستقبال بقبلات وأحضان، وكأن أخبار الكورونا وإنفلونزا الدواجن والخنازير وبواسير الكتاكيت لم تصل لأخت زوجي بعد.

عصرت على نفسي كيلو ليمون بلدي “من الغالي”، وأنا أسمع تعليقات زوجها الهمام، منتقدا للحمام المحمر: “أهذا حمام أم عصافير”، ضحكت، مع أن عقلي كان هيطير، قلت بصوت مكتوم: ده حمام محشي بالفريك يا جاهل، ثمن الزوج منه إسبوع من مرتبك.

ثم عاد منتقدا الملوخية بالأرانب، ويقول: يا هل أعوم في الطبق من إصطياد أرنباً. كتمت غيظي، ولسان حالي يقول: الأرانب لا توضع في الملوخية، وبدل ما يخجل من نفسه.

بكل بجاحة قال: حسبتها قطة “هرة”.. وهنا أشهر زوجي سيفه، وكشر عن أنيابه، وقلت عرق الشهامة هذا أعرفه جيدا، أكيد سيثأر لكرامتي. لكنه داعب زوج أخته قائلا: “أحنا بطلنا نأكل قطط!!”.

كتمت غيظي، ودموع القهر تتقافز لمقلتي، وقلبي يعتصر.

آه ياني يا مقهورة! آخر الليل سحبت هند طابورها (أولادها وزوجها) وتركوني جثة هامدة، ومطبخي يحتاج كتيبة من عينة أم جلال لإعادته كما كان عليه، وسنأكل أنا وأولادي باقي أيام الشهر فول وفلال.

اترك رد