بقلم -د.خالد فواز:
منذ بداية التاريخ، كان الإنسان في رحلة تطور مستمرة. ففي العصور الأولى، انشغل بالبحث عن الطعام والشراب والعيش بالاكتفاء الذاتي. ثم عرف المقايضة، وبعدها ظهر الذهب والفضة كوسائل للتبادل، وصولًا إلى النقود الحديثة. ومع كل مرحلة، كان التقدم يلغي ما قبله ويصبح الجديد هو السائد.
واليوم، مع دخول الألفية الجديدة، قفزت البشرية إلى عصر مختلف تمامًا، حيث برزت التكنولوجيا في كل جوانب حياتنا، وكان أبرز فروعها الذكاء الصناعي. هذا المجال لم يعد مجرد فكرة، بل أصبح واقعًا نعتمد عليه جميعًا، سواء كأفراد أو شركات، في القطاعين العام والخاص. فهو يوفر الوقت والجهد والمال، من خلال الخوارزميات وتحليل البيانات الضخمة، ليعطينا الإجابة والمعلومة في ثوانٍ معدودة.
الذكاء الصناعي اليوم يقود السيارات بدون سائق، ويحلّق بالطائرات بدون طيار، ويقترح لنا ما نشاهد على “يوتيوب”، بل وأوجد وظائف جديدة للشباب مثل البرمجة وتحليل البيانات، مما يساهم في تقليل البطالة وزيادة الدخل. كما يساعد الدول والشركات على خفض التكاليف وتحقيق كفاءة أكبر.
لكن، وكأي تقدم، هناك مخاطر لا يمكن تجاهلها:
1. فقدان الوظائف: الاعتماد على الروبوتات قد يحرم ملايين من البشر من عملهم.
2. التحيز المعلوماتي: لأن البيانات تُدخلها عقول بشرية، قد تنحاز لفكرة أو دولة معينة، مما يؤدي إلى أخطاء ومعلومات مغلوطة.
3. غياب التفكير البشري: الاعتماد المفرط على الذكاء الصناعي قد يلغي دور العقل الذي ميّزنا الله به.
4. انتهاك الخصوصية: كثير من مواقع الذكاء الصناعي تحتفظ بالصور والبيانات، مما يجعلها عرضة للاختراق واستخدامها في الابتزاز أو التشهير.
بعض حلول
سنّ تشريعات صارمة: وضع قوانين واضحة تنظم عمل الذكاء الصناعي وتفرض عقوبات قوية على من يستغله للإضرار بالغير.
التعاون بين الإنسان والآلة: لا يجب أن يحل الذكاء الصناعي محل البشر بشكل كامل، بل يكون أداة مساعدة تعزز قدرات الإنسان.
التدريب والتأهيل: توفير برامج تدريبية للشباب والعاملين لإكسابهم مهارات جديدة تتماشى مع عصر الذكاء الصناعي وتفتح لهم فرص عمل بديلة.
مراقبة وحماية الخصوصية: إنشاء هيئات متخصصة لحماية البيانات الشخصية، ومنع تسريبها أو استغلالها بطرق غير مشروعة.
الرقابة المجتمعية والأخلاقية: إشراك المؤسسات التعليمية والدينية والإعلامية في نشر الوعي بكيفية استخدام الذكاء الصناعي بشكل آمن ومسؤول.
فالذكاء الصناعي يجب أن يكون أداة تخدم الإنسان، لا وسيلة لخراب البيوت وتشريد العائلات. وهنا يظل السؤال قائمًا:
هل سيبقى الذكاء الصناعي خادمًا للبشرية، أم قد يتحول في النهاية إلى مجرم ضدها
التعليقات مغلقة.