هل يُحاسب قتلة شيرين أبو عاقلة
نرمين الشال
خلال الأسبوع الماضي أحيا الآلاف داخل فلسطين وخارجها ذكرى مرور أربعين يوما على اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة، برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي قرب مدخل مخيم جنين.
في القدس المحتلة، أقيمت أكثر من فعالية لإحياء هذه الذكرى وتأبين شهيدة الوطن والواجب، وفي جنوب لبنان نظم مهرجان بعنوان ” تحية للشاهدة الشهيدة “، العاصمة الفرنسية باريس لم تخلو من فاعلية مشابهة.
أبرز الفعاليات كان حفل التأبين الحاشد الذي نظمته وزارة شؤون المرأة الفلسطينية في رام الله بحضور أعضاء الحكومة وشخصيات سياسية وإعلامية وممثلين عن فصائل المقاومة، وحرصت عائلة شيرين على التواجد، خلال الحفل جددت الحكومة الفلسطينية رفضها إجراء أي تحقيق مشترك مع سلطة الاحتلال حول ملابسات مقتل شيرين وطالب رئيس الوزراء محمد أشتية إسرائيل بتسليم البندقية التي أطلق منها الرصاصة على رأسها.
تأكيد السلطة الفلسطينية على رفض إجراء تحقيق مشترك مع الجانب الإسرائيلي لا يستند فقط على أدلة تمتلكها السلطة وتشير إلي أن مقتل شيرين أبو عاقلة تم برصاص جنود الجيش الإسرائيلي وعن قصد، ركائز أخرى تدعو الفلسطينيين لمزيد من الإصرار تجاه هذا الرفض، شيرين أبو عاقلة مواطنة فلسطينية تحمل الجنسية الأمريكية، عملت بالصحافة التلفزيونية لمدة تجاوزت العشرين عاما، يشهد لها الجميع بالمهنية والحيادية، لم تُحمل الصورة يوما أكثر مما تحتمل فكانت تحظى باحترام كبير حتى بين المسؤولين الإسرائيليين.
في بداية هذا الشهر وعلى هامش قمة أمريكا اللاتينية التقى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، بعدد من طلاب الصحافة ليجد نفسه مواجه بسؤال: لماذا لم تقع أي عقوبات على إسرائيل في قضية مقتل شيرين أبو عاقلة ؟ فأجاب : لأننا ببساطة لم نتحقق من أنها قتلت برصاص الإسرائيليين ، وأكد أنه يتطلع لإجراء تحقيق مستقل متعهدا بتتبع الحقيقة وانصافها مهما كان الأمر.
قبل أيام نشرت صحيفة نيويورك تايمز، نتائج تحقيق صحفي يؤكد أن شيرين قُتلت حين أطلق جنود سرية بالجيش الإسرائيلي باسم ” النخبة ” 16 رصاصة تجاه الصحفيين رغم ارتداء ملابس توضح هويتهم الصحفية، في اليوم التالي لنشر التحقيق طالب 24 عضوا بالكونجرس الأمريكي الرئيس جو بايدن بالتدخل المباشر وإجراء تحقيق خاص بمقتل شيرين أبو عاقلة، معللين هذا الطلب بأن كلا الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي لا يثق أحدهم في الآخر لإجراء تحقيق نزيه ويرفضون حتى تبادل المعلومات بشأن القضية.
طلب النواب الأمريكيين تزامن مع إعلان مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان أن شيرين أبو عاقلة، قتلت بنيران إسرائيلية أثناء تغطيتها لعملية مداهمة القوات الإسرائيلية منزل أحد المطلوبين في محيط مخيم جنين.
جميع هذه الشواهد تظهر أن تغيرا ولو طفيفا في الموقف الأمريكي سيجعل الأمر مختلف هذه المرة وأن محاسبة إسرائيل على جرائمها لم تعد أمرا مستحيلا فالأصوات التي تعلو داخل الكونجرس تحظى بدعم تيار كبير وشخصيات بارزة داخل أمريكا ممن سئموا غطرسة وكذب إسرائيل واعتداءاتها المتكررة على الشعب الفلسطيني.
لست متفائلة كثيرا بشأن الموقف الذي ستتخذه الإدارة الأمريكية تجاه القضية وهل ستشرع في إجراء تحقيق مستقل أم لا، مع ذلك فأنا لست قلقة بشأن مسار القضية فالإدارة الأمريكية إن لم تعمل لتهيئة مسار قانوني يؤدي لمحاسبة الجناة على جريمتهم فإنها لن تستطيع هذه المرة ممارسة دورها المعتاد في طي الملفات وعرقلة أي تحقيق يؤي لإدانة إسرائيل.
التعليقات مغلقة.