مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

هل حاربت الملائكة في صفوف الجيش المصري في حرب العاشر من رمضان؟

لمن انحازت السماء في حرب أكتوبر 1973؟

بقلم: محمد حسن حمادة

 

في كل حواراتي التي سجلتها مع أبطال أكتوبر سواء من طنان أو من خارجها هناك شبه إجماع على هذه النقطة: أن الملائكة كانت تحارب في صفوف الجيش المصري”. وبعضهم أقسم لي بأغلظ الأيمان أنه: رأى الملائكة رأي العين تحارب في صفوف الجيش المصري”. ومنهم من أكد لي أنه: قبل أن يصوب الرصاصة للجندي الصهيوني يسقط صريعا قبل أن تصيبه”. والبعض الآخر يروي: أن الرصاصة الواحدة كانت تصيب أكثر من جندي من الجنود الصهاينة”. وبعضهم كان يتطرق إلى هذه النقطة حتى دون أن أسأله! أما النقطة الثانية التي اتفقوا عليها جميعا فهي “هيئة هذه الملائكة”. فجميعهم وصفوا ملابس الملائكة وقالوا: بأن هذه القوة الخفية كانت ترتدي ملابس بيضاء ووجوههم أيضا بيضاء جميلة”. فهل انحازت اليد الإلهية للجنود المصريين؟

 

بدأت هذه الرواية قبيل حرب أكتوبر المجيدة حيث رأى فضيلة شيخ الأزهر العارف بالله الإمام عبد الحليم محمود في المنام رسول الله ﷺ يعبر قناة السويس وهو يرفع راية “الله أكبر” ومعه علماء المسلمين وقواتنا المسلحة”. فاستبشر خيرا وأيقن بالنصر، وأخبر الرئيس السادات رحمه الله بتلك البشارة، بل واقترح عليه أن يأخذ قرار الحرب مطمئنا إياه بالنصر”.

المثير ماتناقلته جريدة الأهرام في عام 2012. على لسان أبطال المقاومة الشعبية بمدينة السويس الباسلة الذين رووا قصصا عن الملائكة التي حاربت مع الجنود المصريين أثناء حرب أكتوبر حيث يقولون وهنا أعرض نص حوار جريدة الأهرام أن: عددا من الجنود الإسرائيليين ممن تحدثوا معهم أثناء انسحابهم من المدينة، كانوا يتحدثون باللغة العربية، أكدوا أنهم شاهدوا جنودا يتسمون بالبنيان العملاق والوجه الأبيض الوسيم، ويستطيعون حمل أكثر من سلاح لقتالهم، والأخطر من هذا أن هؤلاء الجنود كانوا يرتدون ملابس بيضاء واسعة حتى إن الإسرائيليين اعتقدوا أنهم سلاح جديد بالجيش المصري له قائده وأسلحته الخاصة، حيث شعر أبطال المقاومة الشعبية في كثير من الأحيان بأن الله معهم”.

 

قد يهمك ايضاً:

أنور ابو الخير يكتب : الصندوق الأسود

مؤامرة على الأجيال أم أزمة أخلاق؟

وإليكم شهادة أخرى للواء أركان حرب محمد الفاتح كريم مساعد وزير الدفاع الأسبق وأحد قادة حرب أكتوبر، أنقلها لكم بالنص فقد سئل عن واقعة حدثت خلال إحدى المعارك التى دارت بين كتيبته وبين قوات العدو الصهيونى: ما قصة الرهط (الإسرائيلى) الذي هرب مذعورا؟ فكان جوابه: هذا الرهط كان بالفعل متوجِّهًا إلينا، ولكنه وهو في طريقه لنا أحسَّ بأن هناك دعمًا مصريًّا، ففَرَّت الدبابات الصهيونية هاربةً! فعاد السائل يسأله: إذن هذا الدعم كان سببًا في نجاتكم واقتحام الجبل؟ فقال: لم يكن هناك دعم! هم ظنوا ذلك، وما حدث أن ما شاهدتْه دبابات العدو كانت بقايا الكتيبة اليمنى التي حاصرها العدو أثناء ذهابنا لاقتحام الجبل، وقد فَضَّل قائدها الاشتباك مع العدو عن الوقوع في الأسْر، فحدثت معركة حامية بينهم، وعندما جاء رهط دبابات العدو لم يشاهد إلا الدبابات المصرية التي كانت تحاول الاشتباك مع القوات التي كانت تحاصرها، فظنوا أنهم في طريقهم لدعمنا، ففروا هاربين. وهي آية من آيات هذه الحرب”. فكان السؤال التالي: هل لهذا السبب أطلقت عليها “حرب الملائكة”؟ فَرَدَّ قائلا: يحاسبني الله عز وجل على ما أقوله لك، فقد شاهدتُ بعيني قوات تحارب في صفنا، وأعدادا غفيرةً ليست قليلةً، وكانت ترتدي ثيابًا بيضاء، ولست وحدي الذي شاهدهم، بل كان معي جنودي، وعندي الدليل على ذلك، فبعد أن قمنا بتعطيل رهط دبابات العدو حدثت اشتباكاتٌ مع قوات صهيونية أخرى وكما أشرت فإن تسليحنا كان خفيفًا جدًّا عبارة عن مسدسات ورشاشات متوسطة ولأنه ليس باليد حيلة إلا الدفاع عن أنفسنا فكنا نضرب رصاصنا، ونحن نعلم أنه لن يصيب أحدا، ولكنها المعجزة حيث كنا نشاهد جنود العدو يتساقطون قتلى وجرحى، ولا نعرف من الذي يضربهم إنها الملائكة التي

حاربت معنا كما حاربت مع نبينا ﷺ في غزوة بدر، وهو الموقف الذي تكرر بعد ذلك أثناء وجودنا في الجبل وقت الثغرة”.

 

أزيد حضراتكم من الشعر بيتا وأسوق لكم شهادة أخرى أنقلها لكم نصا للواء يسري عمارة، آسر العقيد عساف ياجوري، القائد الصهيونى الشهير فقد صرح عمارة في لقائه بطلاب مدرسة ابن سينا الإعدادية ببور سعيد يوم الإثنين الموافق 25 أكتوبر 2010. إذ يورد في شهادته: عند بداية الحرب وأثناء عبور الجيش المصري للقناة، شاهد جنودا يقفون وسط المعركة وقد أداروا ظهورهم للعدو ووجوههم إلى المقاتلين المصريين يهيبون بهم أن يتقدموا، كما كانوا يقرأون القرآن فوق التباب العالية والسواتر الترابية شرق القناة وسط زخات المدافع والطلقات، وكأنهم يصدون عن جنودنا هذه الطلقات بظهورهم دون أن يصابوا أو يقتلوا”. 

 

ليس معنى ذلك أنني أسلب الجيش المصري نصره العظيم ولا نطمس بالطبع الجهود العسكرية الجبارة التي بُذلت ولا نغفل دور العلم والدراسة والتخطيط الحديث وتصويب أخطاء نكسة يونيو1967. والإعداد النفسي الجيد للمعركة والتدريبات الشاقة وشجاعة الجندي المصري وحماسته وغيرها من الأسباب الدنيوية فأعطينا العلم حقه وللعقل فرصته ولكن لا نستطيع أيضا أن نغفل أهم وأعظم الأسلحة التي ينتصر بها المسلمون ألا وهو “سلاح الإيمان” والجانب الروحي الناتج عن الجانب العقائدي مما ولد الإيمان بعدالة القضية، كما أتفهم وجهة نظر بعضهم عندما يزدري هذا الجانب ويتهم المؤمنين بهذا الجانب الروحي بالترويج للخرافة والتفكير اللا عقلي والنهج اللا منطقي كما أسمع همهمات بعضهم وهم يردون في نفس واحد أين كانت الملائكة وقت حدوث الثغرة؟ ولماذا لم تحرر سيناء بالكامل دون اللجوء لكامب ديفيد؟ ولماذا لم تسترد الملائكة الجولان والضفة الغربية وغزة وتحرر بيت المقدس من دنس الصهاينة؟ ثم يبرز لي أحدهم شاهرا سيفه ظنا منه أنه سيهزمني بالضربة القاضية ويقول لي: الملائكة كائنات نورانية لا ترى بالعين المجردة فكيف عاينوها؟ من الثابت بالقرآن والسنة النبوية الشريفة أن الله سبحانه وتعالى أمد نبيه وصحابته المؤمنين بملائكة من السماء في غزوة بدر وباشروا قتال المشركين بالفعل كما يقول سبحانه وتعالى في سورة الأنفال “إذْ يُوحِي رَبُّكَ إلَى الملائكةِ أنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الذينَ آمِنوا. سَأُلْقِي في قُلُوبِ الذينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فاضْرِبُوا الأعْناقِ واضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلًّ بَنَانٍ”. وقال أيضا في سورة آل عمران “بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ”. وفي سورة الأنفال في الآية التاسعة يقول رب العزة “إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ ۝ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ”. لكن ماذا سيكون ردة فعلهم عندما يعلمون أن الجانب الإسرائيلي تناول هذه القضية وخاصة الحاخامات وأيضا قادة إسرائيل الكبار فشارون حين حوصر في الثغرة قال بنص العبارة: لقد حاصرني رجال يلبسون ملابس بيضاء” بل الأدهى من ذلك أن إسرائيل وثقت هذه الأسطورة بأعمال درامية ضخمة مثل أفلام حرب الغفران أو الانتصار أو دموع في سيناء وزعموا بأن “الملائكة قد حاربت في صفوفهم وليس في صفوف القوات المسلحة المصرية بعد الانتصار الكاسح الذي حققته القوات المصرية والسورية في أول أيام الحرب من أجل إنقاذ اليهود من العرب”!؟ للحديث بقية.