هل توجد ثقة بأحزاب السلطة؟
بقلم – اسعد عبد الله عبدعلي
نجد نشاط ملحوظ للطبقة السياسية حاليا, في محاولة للتأثير على قناعات الجماهير, تلك القناعات التي تشكلت عبر خيبات متواصلة عاشتها الجماهير بمرارة, جراء الفشل المتلاحق لكل مؤسسات الدولة, فالأحزاب كل الذي يهمها من الشعب أصواته فقط, وهي مستعدة لتغيير جلدها, وفعل اي شي ممكن حتى لو تفتح دور للبغاء كي تفوز بأصواته, ثم تسحقه وتنكل به, وتسخر منه, طيلة فترة الحكم المتاحة, لذا نشهد تحالفات جديدة, وانشطارات كثيرة, وولادة أحزاب وكيانات جديدة, والهدف واحد, وهو المكر بالمواطن العراقي.
أولا علينا هنا أن نطرح مجموعة تساؤلات مهمة, كي نفهم هل هناك أمكانية لتواجد الثقة بالأحزاب:
- هل بقي أمل بالطبقة السياسية؟
مع تضخم وحش الفساد في ظل حكم الأحزاب, أصبح للجماهير قناعة بان الأحزاب شريك مهم للفساد العام, الذي ينخر في جسد الدولة من سنوات طويلة, كل هذا جعل قضية الثقة معقدة.
فالأمل ممكن في مٌن اخطأ مرة, ونحتمل أن يصحح خطئه ويصيب هذه المرة القادمة, وقد نضع لها عذرا بان الضغوط كانت شديدة مما جعلته يخطأ, لكن أن يخطأ على مدار 14 سنة, ويطالبنا بفرصة بعد ألف فرصة, فهذا هو الأمر المضحك المبكي, والذي لا ينتمي للمنطق أبدا, بل هو كلام الطواغيت والأنانيين, الذين يرون أن الكرسي حق ثابت لهم لا يمكن أزاحتهم منه.
فعملية زرع الأمل بالطبقة السياسية لا يفعلها الا ساذج, أو شخص يرى في الخراب والفساد مصلحة خاصة له, وألا فعموم الجماهير العراقية لا تنتظر من الطبقة السياسية اي انجاز.
أذن هذا الفرض بعيد جدا على الواقع, ولا يمكن أن يتحقق في ظل تواجد نفس الطبقة السياسية.
- هل من الممكن أن تصحو ضمائر الساسة؟
نحاول هنا أن نضع فرضا ونسير معه وهو: هل يمكن أن يتغير سلوك الطبقة السياسية, ويتحول همها وجهدها فقط لصالح الوطن؟ هل يمكن أن يصبح الوزير متفاني في عملية الانجاز وتحقيق مكاسب على الأرض , هل يمكن أن نجد البرلمانيين يجتمعون ويقرون القوانين التي تخدم المجتمع, ويراقبون بكل حرص أداء السلطة التنفيذية, فلا يمر دينار الا تحت رقابتهم, فيكون حرصهم للعراق فقط, وهل من الممكن أن نجد رئيس الوزراء يعمل بكل حرص واجتهاد في سبيل تنفيذ برنامج الحكومة, والذي يعالج أزمة السكن والبطالة والصحة والتعليم والخدمات, فيكون جهده للرقي بالمجتمع العراقي؟
هذا الفرض يدخل ضمن فئة المستحيلات, بعد أن خبرنا ساستنا وعرفنا طبيعتهم النفسية, فهم يعتقدون أن المنصب مغنم, وبعضهم يجد الاستيلاء على أموال الدولة من الحلال, لأنها تدخل ضمن مفردة المال السائب, وبعضهم تحركه قوى خارجية ترفض اي نزاهة أو شرف في العمل, بل أن هذه القوى تطالبهم وتجبرهم على الإفساد, وألا تمت تنحيتهم.
أذن هذا الاحتمال غير واقعي, ولا توجد أمكانية له كي يتحقق.
- هل ينسى الشعب المأساة ويعيد انتخابهم؟
هو تصور صعب, أن ينسى الشعب كل ما حصل له طيلة السنوات السابقة, ويهرول لانتخاب الطبقة السياسية نفسها, من المعروف أن الذاكرة العراقية قصيرة, فينسى من أساء له, وموقف واحد يجعله يغير قناعاته ويتصرف بسذاجة غير معهودة, ويحصل هذا عندما تلجا الأحزاب للإعلام, عبر الاهتمام بالمتلقي وكيفية التأثير عليه, مع عملية تركيز بالضخ, الى أن تتولد له قناعات جديدة.
أو آن تلجا الى أسلوب الهدايا والوعود بالتعيينات, كما حصلت طيلة المراحل السابقة, أو عبر المزايدات عبر دعوى الحق المتفرد, أو ركوب موجة التظاهرات فقط للمكر بالرأي العام, أو التحشيد للاصطفاف الطائفي, عبر خلق أحداث طائفية تعيد النفس الطائفي للواجهة, عندها نجد الجماهير تساند الأحزاب, وهذا الاحتمال قائم وممكن, لكن لن يكون تأثيره واسعا, كما كان في السابق, بسبب تواجد وعي مضاد.
- هل هناك قوى مؤثرة في اتجاهات الناخب العراقي؟
حول السؤال المفترض طرحه كل دورة انتخابية, هل هناك قوة مؤثرة على اختيارات الناخب العراقي, فيكون رأيها هو الفيصل في الاختيار, نعم توجد قوة مؤثرة جدا, وهي المرجعية الصالحة, وتتمثل بالسيد السيستاني, الذي بإمكانه أن ينهي وجود أي كيان سياسي بكلمة منه, بسبب التقدير الكبير الذي يلقاه السيد السيستاني من الجماهير المسلمة بل وحتى غير المسلمة, فان لكلمات السيد السيستاني التأثير الأكبر, ولو أفتى بالتصريح لأمكنه أن يغير المعادلة, وفتوى الجهاد الكفائي هي الدليل.
ويمكن اعتبار القوة الإقليمية متمثلة بإيران والسعودية, ممكن أن تؤثر على الناخب بطرق متعددة, لكن لا يصل تأثيرها كتاثير المرجعية لو أفصحت بفتوى.