بقلم الإعلامية د/ هدير عبدالعظيم
لفلسطين خصوصية تاريخية وحضارية عميقة لا توازيها اي مكانة، فلسطين أيقونة مقدسة ورمزآ تاريخيآ عريقآ، فهي مهد الحضارات منذ فجر التاريخ، ومهبط الأديان السماوية، وكل مكان فيها يشهد علي الإرث التاريخي والحضاري الفريد، لأن فلسطين تضم بيت المقدس وقبة الصخرة المشرفة، والمسجد الأقصي أولي القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، في فلسطين كنيسة المهد التي ولد فيها سيدنا عيسي بن مريم(عليه السلام)، وهي مهبط الديانة الإبراهيمية وموطن الحضارة الكنعانية وفيها نزل الكثير من الرسل، لهذا كانت فلسطين علي مر الزمان في مرمي أطماع الشعوب لاحتلالها والسيطرة عليها.
نحن العرب جميعا تجمعنا علي حب فلسطين، فهي قضيتنا العربية الأولي التي ندافع عنها، هي قلبنا الذي رضخ تحت وطأة الاحتلال، ورغم ذلك كله فلسطين العربية تحاول قدر الإمكان ان تحافظ علي هويتها العربية والإسلامية، مهما حاولوا أن يطمسوا هذة الهوية، لأن فلسطين جمعتنا جميعا علي حبها، وسنظل نفتخر بشهدائها وأبطالها وانتصاراتهم، ونفتخر بصمود أهلها الذين يدافعون عن أرضها ومقدساتها بأرواحهم.
حتي تظل فلسطين محافظة علي كيانها ووجودها وهويتها الأصلية، ولم ولن يفقدوا أمل النصر الكامل وتحريرها، لهذا لها مكانتها الفريدة بين جميع الدول العربية والإسلامية، فهي جمعت القلوب علي حبها والدعاء لها في كل وقت وحين.
فلسطين صاحبة الهوية العربية والمكانة المقدسة بوصلة لكل عربي حر وشريف، تدافع عن شرف الأمة وتزرع في القلوب والعقول فخرآ وعزة وكرامة، فهي البلد الذي تفرح القلوب بقربها ويتمني كل عربي ومسلم ان يحظي بزيارة إليها ليري الخير فيها وياخذ من صمود أهلها.
أرواح الشهداء تحرس فلسطين وتصون ترابها من كل شيء، فهي أرض الشهادة والنصر والتضحيات، تفتدي بالدماء والأرواح فكم من أرواح صعدت إلي بارئها دفاعآ عنها، وكم من دماء روت ترابها الطاهر، دفاعآ عن حريتها وقدسيتها في وجه الاحتلال الغاشم الذي يحاول أن يسطو علي ترابها الطاهر.
في بيت كل فلسطيني شهيد او مشروع شهيد، فهم لايسألون عن حياتهم لانهم وهبوها لأجل ترابها الطاهر الشهداء فيها قناديل تضيء عتمة لياليها ودمائهم عطور زكية تتعطر بها قبة فلسطين، اطفالها تربوا علي معاني الشهادة ورضعوا حليب الفداء والنصر.
فطوبي للشهداء الذين يأخذون بيد الأمة جمعاء نحو النصر والفداء أيا قدس يا درة في الوجود ستبقين رمز الإباء والصمود ، هذة الأيام تعيش القدس علي وقع سمفونية وحشية بأيادي الكيان الصهيوني الغاصب، الذي يحاول ويخطط و يحلم أن يخرج أصحاب الأرض من أرضهم وبيوتهم، وافتكاك مزيد من الأرض وهرسلة الشعب الفلسطيني واقتلاع الأصل من مكانه بالقوة وتحريف التاريخ وتغيير الجغرافيا وفق حساباته ومصالحه،.
والقانون الدولي آخر اهتمامات الكيان الصهيوني ولا يأبه لا بالامم المتحدة ولا بمجلس الامن ولا الاعراف والمعاهدات الدولية. كيف لا؟ فهو الابن المدلل الذي استعملت من اجله الولايات المتحدة الامريكية حق الفيتو عشرات المرات رغم ما اقترفه من قتل وتهجير ومذابح للشعب الفلسطيني، الذي تنكر له شركاء الدم والدين والمصير قبل الأعداء.
فالكيان الصهيوني كل ما يعنيه هو الاستمرار في ربح الوقت والاستفادة من هذا النظام العالمي الأعرج وغير المتكافئ الذي منح الكيان الصهيوني عقودا من الحق في ممارسة الظلم واغتصاب الأرض.
وسيظلّ هتاف الشعوب العربية من أجل الحقّ الفلسطيني منقوصا وغير مؤثّر إذا لم تدعمه أنظمة حاكمة ونابعة من إرادة شعوبها، أوّل درس يمكن أن نتعلّمه من فلسطين هو الحريّة والحقّ في تقرير المصير،علينا أن نعي هذة المعادلة الرياضيّة، فلسطين تختنق كلّما اختنقت الحريّة في العالم العربي وتتتنفّس كلما اتّسع مجال الحرية والديمقراطية.
لم يتعوّد الشارع العربي انتظار أنظمته حتى يتحرّك احتجاجا للدفاع عن فلسطين وعن القدس الشريف بخاصّة أنه يعلم جيدا وسلفا مواقف أنظمته الحاكمة التي لا ترقى إلى أن تكون إلا مجرّد كلمات جوفاء مفرغة من المعنى تتلوّن بشعارات التضامن المزيّف.
في الحقيقة، يتحرّك الشارع العربي إيمانا منه أن القضيّة الفلسطينية هي آخر قضية استعمارية تتوفّر فيها عناصر المقاومة والدفاع عن الأرض والهويّة والدّين ولا ينتظر من حكّامه سوى الصمت العادي والمعتاد الذي لا يملك حولا ولا قوّة.
طبعا لا توجد غرابة في هذا الأمر خصوصا أن بعض الأنظمة العربية قد ركبت قطار التطبيع، وقدّمت لنا دروسا وعبرا في علاقة المسلمين مع اليهود وضرورة إحلال السلام في العالم برعاية أميركية وبروباغندا إعلامية بائسة ويائسة. أصبحت الشعوب العربيّة تتفاعل مع القضيّة بحماسة أكبر كلما قدّمت أنظمتها مزيدا من التراجعات، ولا أدلّ على ذلك من الوقفات التضامنية أمام السفارات والفارق الكبير الذي أحدثه الشارع العربي على وسائل التواصل الاجتماعي للترويج للانتهاكات الصهيونية تجاه الشعب الفلسطيني الأعزل في أكناف بيت المقدس.