نميرة نجم :لايوجد أي مبررا قانونيا أو إنسانيا أو أخلاقيا لقتل اسرائيل ١٧ الف طفلا فلسطينيا ووصفهم بالإرهابيين؟
سعاد احمد على
قالت السفيرة د. نميرة نجم محام فلسطين أمام محكمة العدل الدولية ،و خبير القانون الدولي العام و الهجرة ،و مديرة المرصد الإفريقي للهجرة بمنظمة الإتحاد الأفريقي ان وجهة نظرها الإنسانية والأخلاقية وضميرها وبدون الإحتكام الي أي قواعد للقانون، لا أجد أي مبرر لقتل أكثر من 17 ألف طفل فلسطيني ووصفهم بالإرهابيين ، أن آلة الدعاية الاسرائيلية وحلفائها التي تدعم الإبادة الجماعية تخبرنا أن المراهقين لا يمكن أن نطلق عليهم أطفالاً، وحتى لو اتبعنا هذا الهراء، فماذا عن الأطفال حديثي الولادة، والأطفال في عمر 3 و6 أشهر، والأطفال في عمر 3 و5 سنوات ، هل هم أيضاً إرهابيون كما يزعمون؟ كيف يمكن تبرير هذا؟ الأمر يتجاوز فهمي وربما يكون لدى أحدكم إجابة، والتي أود أن أستمع إليها ! ففي إحدى المقابلات التي شاهدتها، قال أحد المتحدثين السابقين باسم الجيش الإسرائيلي، إنهم لا يستهدفون المدنيين وأن حماس فقط تستخدم المدنيين كدروع بشرية، بينما عرض البرنامج على الشاشة صوراً ومقاطع فيديو على العكس من ذلك ،لذا، يُطلب منا أن نكون مصابين بالعمي عما نراه وأن نستمع فقط إلى هذا الخطاب الإحتلال الإسرائيلي لقبول أي مبرر لاستهداف الأطفال بالقتل ؟ جاء ذلك في محاضرة تحت عنوان “حكم محكمة العدل الدولية بشأن فلسطين: بين القانون الدولي والسياسة”ألقتها السفيرة نجم أول أمس بدعوة من جامعة امستردام بهولندا في إطار سلسلة مشاركة الممارسين بكرسي جان مونيه، المسمى أثينا بالجامعة ودعم مركز أمستردام للدراسات الأوروبية .
واضافت نجم في محاضرتها وإذا تحدث أي منا نيابة عن الإنسانية وتحدى مثل هذه الرواية، فإننا نطلق عليه معاداة السامية، حسنًا، أولاً وقبل كل شيء، الشعب اليهودي سامي وكذلك العرب. علاوة على ذلك، إذا نظرنا إلى الوراء في التاريخ، في هذا الجزء من العالم، كان المسلمون واليهود والمسيحيون من جميع الأديان يتعايشون دون مشاكل ، فماذا حدث! أيضًا، إذا فكرنا في معاداة السامية مقابل معاداة الإسلام… ما الفرق؟ نحن نحب الناس ونكرههم بناءً على معتقداتهم!.. لماذا يجب أن أهتم كثيرًا بما هو معتقدك، طالما أنك لن تهاجمني لأنني مختلف.. ألا يمكننا أن نعيش ونترك الآخرين يعيشون… هذا هو نفس التمييز على أساس اللون أو العرق.. إنه يمثل أيديولوجية التفوق العرقي في جوهرها.
لذا فإن الإجابة على سؤالي هي لا، ليس بسببك أو بسببي، بل بسبب المصالح التي تغذي مثل هذه المشاعر ، فالحروب تعني الهيمنة، والإيرادات المالية لصناعة الأسلحة، والفوضى في بعض أجزاء العالم التي تسهل نهب مواردها، والحرب في غزة ليست مختلفة. فقط ابحث على الإنترنت واكتشف الرابط بين مبيعات الأسلحة والقرارات السياسية، ومن هو من في هذا المجتمع ، إنها ليست مؤامرة، بل هي مصالح
و أشارت السفيرة انه بعد شهرين من بدء الحرب ضد غزة، صور رسم كاريكاتوري افتتاحي شخصين يقفان وسط الأنقاض المشتعلة يسأل أحدهما، “أين القانون الدولي؟”
ويشير الآخر إلى الحطام خلفه، قائلاً، “هناك تحت الأرض”.
هذه الصورة تحكي لنا الكثير عن اللحظة التي نعيشها. فالقوانين التي كان من المفترض أن تربطنا بالقيم الأساسية للإنسانية تنتهك يوميا، وتتراكم مثل الأنقاض التي بقيت من غزة.
وقالت محامية فلسطين اسمحوا لي أن أبدأ بسؤالكم جميعا.. هل تؤمنون بالمساواة بين البشر؟ أتمنى أن تؤمنوا بذلك لأن هذا هو جوهر الصراع الذي سأتناوله اليوم.. المساواة في السياق القانوني تعني أن الجميع متساوون أمام القانون.. في الحقوق والواجبات.. أليس ما نشهده اليوم يجعلنا نشك في هذا المبدأ الأساسي في مواجهة الفظائع التي لا لبس فيها والتي ارتكبت ضد سكان معزولين في غزة ماذا عن القانون نفسه!
وأوضحت خبير القانون الدولي العام إن اللجوء إلى القانون الدولي الذي يرسم نسيج العلاقات بين الدول منذ معاهدة إتفاقية ” وستفاليا ” أمر بالغ الأهمية للحفاظ على ما تبقى من هذا النظام، وإلا فإنه سوف ينهار دون أن يستفيد منه أحد ،وكان هذا هو المحفز وراء رفع ثلاث (3) قضايا تتعلق بفلسطين أمام محكمة العدل الدولية في العامين (2) الماضيين، وهي طلب الرأي الاستشاري لعام 2022 الذي قدمته الجمعية العامة للأمم المتحدة فيما يتعلق بالعواقب القانونية للاحتلال العسكري الإسرائيلي المطول للأراضي الفلسطينية ، والقضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل عام 2023 فيما يتعلق بتطبيق اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1951 في غزة؛ وقضية نيكاراجوا ضد ألمانيا عام 2024 فيما يتعلق ببيع الأسلحة من قبل الأخيرة لإسرائيل والتي قد تستخدم في الإبادة الجماعية المزعومة في غزة من قبل القوات المسلحة الإسرائيلية ، ومن الأهمية بمكان أن نأخذ لحظة للتفكير في سبب لجوئنا على نطاق واسع إلى القضاء، على الرغم من أننا جميعًا نعلم أنه قد لا يكون لديه الكثير من القوة لتنفيذ قراراته.
وأكدت عضو فريق دفاع فلسطين أمام محكمة العدل ان هذا نابع من اليأس والاستسلام لمجلس الأمن والنظام السياسي العالمي الذي تهيمن عليه دول تريد منح دولة واحدة الحصانة الكاملة، في حين تحرم شعباً بأكمله من حق الوجود على أراضيه في مستقبل قاتم وتحاول خنق حقه في تقرير المصير ، والمحكمة تزودنا بالإيمان والأمل في خضم الواقع الصعب من خلال حيادها ونطقها بالقانون.
وشددت السفيرة علي ان نقطة انطلاقنا ليست غزة، ولكن قبل غزة بفترة طويلة، لسنوات كان اللجوء إلى المحكمة محل نقاشات عديدة وما إذا كان الوقت مناسباً لذلك ، وكلما كان هناك بصيص أمل للسلام، حاول الفلسطينيون اغتنامه وتأجيل اللجوء إلى محكمة العدل الدولية ، ولكن منذ صدور الرأي الاستشاري بشأن الجدار في عام 2004، والذي أكدت فيه محكمة العدل الدولية بوضوح على حق الفلسطينيين في تقرير المصير وأن اتفاقيات جنيف تنطبق على كامل الأراضي الفلسطينية بما في ذلك الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية ، تدهورت الأمور بشكل كبير بالنسبة للفلسطينيين واستولت إسرائيل ومستوطنوها على المزيد من الأراضي، وتشرد المزيد من الفلسطينيين وواجهت غزة حصارًا لمدة 17 عامًا وأصبح حق تقرير المصير بعيد المنال.
واضافت محام فلسطين إن مثل هذا الوضع يستحق اللجوء إلى مبادئ القانون، ومن ثم محكمة العدل الدولية. وكان التدهور الشديد في الأراضي المحتلة من التمييز العنصري إلى المستوطنات، إلى الإذلال اليومي عند نقاط التفتيش والتعذيب والاعتقالات والتحرش الجنسي في السجون الإسرائيلية دون ارتكاب جريمة كافية لطلب من المحكمة إعلان احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية غير قانوني.
و شددت السفيرة علي ان هذه القضية من وجهت نظرها القانونية ثقتنا بالقانون الدولي والأخلاق ،فقد أعلنت محكمة العدل الحق الأصيل للشعب الفلسطيني في تقرير المصير وشجبت الفصل العنصري ضده في القوانين الإسرائيلية ،ومع ذلك، فإن عدم تنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية وقرارات الأمم المتحدة الأخرى قد يستحق رأيًا استشاريًا آخر ، وقد أعقب الرأي قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة يتضمن وصفة مفصلة للالتزامات القانونية ليس فقط لإسرائيل بل ولجميع الدول ، وتضمنت هذه القائمة الطويلة لقرارت محكمة العدل مطالبة إسرائيل بإنهاء الاحتلال خلال 12 شهراً، وسحب قواتها، ووقف التوسع الاستيطاني غير القانوني، وإعادة مستوطنيها إلى إسرائيل، ووضع حد للفصل بين الشعبين العربي واليهودي، والذي يراه الجميع بمثابة فصل عنصري، وإعادة كل الأراضي المصادرة بعد عام 1967، والسماح للنازحين بالعودة إلى ديارهم، وتعويض الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين عن الأضرار، وعدم إعاقة ممارسة الفلسطينيين لحق تقرير المصير، والالتزام بالتدابير المؤقتة التي أصدرتها محكمة العدل الدولية في قضية الإبادة الجماعية ، أما فيما يتعلق بالالتزامات ذات الصلة بالكافة بالنسبة لبقية العالم، فقد أصر القرار على تضمين جميع أنواع التدابير التي ينبغي للدول الامتناع عنها حتى لا تساعد في إطالة أمد الاحتلال الإسرائيلي ، بل إنه في الواقع، أوضح بالتفصيل كيف ينبغي أن تبدو حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات ضد إسرائيل من التزامات المعاهدات والتجارة والاستثمارات إلى التزامات الكيانات الخاصة بعدم المساعدة في استمرار الفعل غير المشروع ، وعلاوة على ذلك، فقد ذُكرت للمرة الأولى على الإطلاق العقوبات المفروضة على إسرائيل. وأقتبس هنا: “يدعو جميع الدول… بما يتفق مع التزاماتها بموجب القانون الدولي إلى: (ج) “تنفيذ العقوبات، بما في ذلك حظر السفر وتجميد الأصول، ضد الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين المتورطين في الحفاظ على الوجود الإسرائيلي غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك فيما يتصل بعنف المستوطنين”.
وركزت نجم علي ان هناك بعض النقاط التي يمكنني استخلاصها من هذا ، أولها دراسة إرادة الدول الخمس الدائمة العضوية عندما أنشأت محكمة العدل الدولية ، وخاصة عندما يتعلق الأمر بتفويض الرأي الاستشاري، فقد تكون هناك حاجة إلى النظر في الدراسات التي أجريت بشأن اعتراضات الدول الخمس الدائمة العضوية على اختصاص المحكمة، على الأقل في القضايا التي بحثتها وعملت عليها، كان من المعتاد أن يكون لدينا مذكرات تطعن في اختصاص المحكمة، بينما في الرأي الاستشاري بشأن قضية تغير المناخ، عندما تبنت الجمعية العامة الطلب بالتزكية، لم يطعن أحد في اختصاص المحكمة، ولكن العديد من كبار الدول الملوثين للبيئة وكوكب الارض بما في ذلك بعض الدول طلبت من المحكمة عدم تفسير الالتزامات كما هو منصوص عليه في أدوات القانون الدولي، بينما في الواقع هذا هو جوهر السؤال المطروح أمام المحكمة. لذا يتساءل المرء عما إذا كان القصد منذ البداية هو إبقاء هذا التفويض بالرأي الاستشاري على الرف بدلاً من تفعيله.
وشددت السفيرة إن محكمة العدل الدولية هي إحدى وسائل تسوية النزاعات ودياً، ولا ينبغي لها أن تخضع لكل هذه الضغوط الهائلة بسبب الديناميكيات السياسية ، بل على العكس من ذلك، إذا كانت الدول القوية لا تزال تريد التمسك بأرضية أخلاقية نسبية، فإنها تحتاج إلى دعم المحكمة، والاستمرار في مصالحها ، ولكن للتمسك بأرضية أخلاقية أعلى، نحتاج إلى موازنة المصالح مع الإنسانية.. فلا يمكن تشويه مقياس العدالة بشكل كامل
التعليقات مغلقة.