شهد مجال الذكاء الاصطناعي تطورًا مذهلاً في السنوات الأخيرة، حيث تحولت نماذج الذكاء الاصطناعي من مجرد أدوات تتنبأ بالإجابات إلى أنظمة قادرة على التفكير المستقل وأداء المهام المعقدة بشكل فائق.
هذا التحول نحو “المساعدات الشخصية الفائقة الذكاء” لم يعد مجرد فكرة، بل أصبح واقعًا ملموسًا، مع ظهور مشاريع مثل “أوتو جي بي تي” (AutoGPT) و”إيجنت جي بي تي” (AgentGPT) و”بيبي إيه جي آي” (BabyAGI)، وقد بدأت الشركات العملاقة، مثل مايكروسوفت وغوغل، في تنفيذ خططها لتطوير هذه الأنظمة التي ستغير طبيعة التفاعل مع التكنولوجيا بشكل جذري.
لعبت تقنية الذكاء الاصطناعي دورًا هامًا في الحياة اليومية وتداخلت في العدد من مجالات الحياة، كان أبرزها المجال التقني والألعاب الإلكترونية وألعاب الفيديو وألعاب الورق والحظ، واتضح ذلك بشكل لا غبار عليه في الوقت الحالي، حيث ساهم تطور هذه التقنية في جعل الألعاب تبدو وكأنها واقعية من خلال تسلسل الأحداث في الألعاب المختلفة، وبرزت العديد من المواقع التي تقدم ألعاب التفاعل بين اللاعبين مختصرة الموقع الجغرافي لتبدو للاعبين وكأنها واقعية بما لا يدع مجالًا للشك، كألعاب الموزع المباشر مع موزعين ولاعبين حقيقين، نجدها حصرًا فقط على موقع كازينو العرب الذي يعتبر الموقع الأول الذي يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي للعب وزيادة فرص الفوز بالجوائز المالية والأموال الحقيقية.
كيف يعمل؟
هذا التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي يعزى جزئيًا إلى النماذج اللغوية الكبيرة، التي تمتلك قدرة فائقة على التكيف والتعلم. وعند دمج هذه النماذج في أنظمة المساعدات الشخصية الذكية، يمكنها أن تصبح القوة المحركة لأنظمة آلية مستقلة بالكامل، قادرة على التفاعل مع البرمجيات والأجهزة الأخرى والتحكم فيها. هذا التكامل يفتح الباب أمام العديد من الفرص الجديدة لأتمتة المهام المعقدة في الأعمال، مما يتيح للبشر التركيز على الأنشطة الأكثر إبداعًا وأهمية.
نماذج العالم الواقعي
من بين التطورات الأخرى التي تشهدها هذه الصناعة هو اعتماد “نماذج العالم الواقعي”، التي تمكّن وكلاء الذكاء الاصطناعي من فهم البيئة المحيطة بهم والتفاعل معها بوعي أكبر. على سبيل المثال، يمكن استخدام هذه النماذج في أنظمة القيادة الذاتية لإنشاء صور في الوقت الفعلي للطريق، بما في ذلك المركبات الأخرى والمشاة وعلامات المرور، مما يسمح للنماذج بالتنبؤ بالحالات المستقبلية واتخاذ قرارات استباقية بناءً على هذه التنبؤات.
سيناريوهات مستقبلية
تهدف هذه النماذج إلى محاكاة السيناريوهات المستقبلية المحتملة وتمكين وكلاء الذكاء الاصطناعي من اتخاذ قرارات واعية لتحقيق أهداف محددة، بينما تستمر هذه النماذج في التعلم والتكيف مع البيئة المحيطة. وهذا يمثل تحولًا كبيرًا من البرمجة التقليدية نحو أساليب أكثر شمولاً للتعلم والتفاعل.
أهمية هذا التحول تتضح من خلال الرسالة التي أرسلها بيل غيتس إلى ساتيا ناديلا في عام 2017، حيث تنبأ فيها بظهور وكلاء الذكاء الاصطناعي كبديل متطور للمساعدات الشخصية الرقمية مثل “سيري” و”أليكسا”. وذكر غيتس أن هؤلاء الوكلاء سيكونون قادرين على التنبؤ برغبات المستخدم واحتياجاته بشكل متقدم، مما سيغير جذريًا طريقة التفاعل مع الحواسيب الشخصية ويحدث ثورة في صناعة البرمجيات.
وبالفعل، بدأت شركات مثل مايكروسوفت وغوغل في تطوير هذه الوكلاء، معتقدين أن من ينجح في إنشاء المساعد الشخصي الفائق الذكاء سيستحوذ على السوق. هذه الأنظمة الجديدة قد تجعل المستخدمين يتخلون عن استخدام محركات البحث ومواقع الإنتاجية وحتى منصات التسوق مثل أمازون، حيث سيصبح بإمكانهم تلبية جميع احتياجاتهم من خلال هذا المساعد الشخصي المتطور.
هل تصبح البرمجيات أكثر ذكاءً مما تبدو عليه الآن؟
في نوفمبر 2023، أكد بيل غيتس في مدونته أن البرمجيات ستصبح أكثر ذكاءً في المستقبل القريب، مشيرًا إلى أن هذه البرمجيات الحالية محدودة في إمكاناتها وتحتاج إلى تطبيقات منفصلة لتنفيذ مهام مختلفة. لكنه يتوقع أنه خلال السنوات الخمس المقبلة، ستتطور البرمجيات إلى وكلاء ذكاء اصطناعي قادرين على فهم لغة البشر والتفاعل معها بشكل أفضل، وإدارة مختلف الأنشطة الرقمية بناءً على معرفة تفضيلات المستخدم الشخصية. هذه الأنظمة لن تكون مجرد روبوتات محادثة مخصصة لمهام محددة، بل ستتعلم من تفاعلات المستخدم وتتحسن بمرور الوقت، مما يوفر تجربة استخدام متكاملة.
من المتوقع أن تحدث هذه البرمجيات الجديدة تحولًا جذريًا في مختلف المجالات، خاصة في الرعاية الصحية والتعليم والإنتاجية والترفيه. يرى غيتس أن هذه البرمجيات ستحدث ثورة في الحوسبة وفي حياتنا اليومية، لتشكل نقلة نوعية عما نشهده حاليًا في المجال التقني.
ومع هذا التقدم السريع في الذكاء الاصطناعي، نتجه نحو مستقبل تصبح فيه التفاعلات مع الحواسيب عبر المحادثات أمرًا شائعًا ومألوفًا، مع اندماج كامل لهذه البرمجيات داخل مهامنا اليومية، مما يعزز من قدرتنا على الإنجاز وتحقيق الأهداف بكفاءة أكبر.
التعليقات مغلقة.