بقلم – الدكتور عادل عامر:
يتكون حق الامتياز (الفرنشايز) من ثلاثة محاور رئيسة هي المانح والممنوح وموضوع حق الامتياز متمثلاً في عملية توثيق الخبرات فى أدلة عمل لجميع مراحل الإنتاج والتوزيع والإدارة والتسويق …الخ. وحيث أن نظام حق الامتياز(الفرنشايز) أصبح يغزو معظم الصناعات الإنتاجية والخدمية كنظام للاستثمار، فقد أصبح من الضروري التعرف على هذا النوع من أساليب الاستثمار الذي انتشر بشكل كبير في كل من الدول المتقدمة والنامية على حد سواء.
وفي ظل نظام العولمة وتطبيق اتفاقيات الجات التي تعد من أهم سمات الاقتصاد العالمي الحديث، تتسابق الدول النامية في جذب واستقطاب الاستثمارات الأجنبية بهدف تفعيل وتنويع أوجه اقتصادياتها، وفي هذا السياق قامت المملكة العربية السعودية عند تعاملها مع موضوع الاستثمار التجاري والصناعي خاصة جوانب حق الامتياز (الفرنشايز) بالاعتماد على الأسس التالية:
1/1. جذب الاستثمارات التي تجلب التكنولوجيا المتقدمة التي تحتاج إليها المملكة.
2/1. اشتراط تشغيل نسب متصاعدة تدريجيا من العمالة الوطنية.
3/1. إمكانية امتلاك المستثمر الأجنبي حتى100 % من رأس المال.
4/1. التقليل من نسب السيولة المتسربة للخارج.
5/1. زيادة الاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة والمبنية على العلامات التجارية الناجحة.
6/1. العمل عل عدم الإضرار بالمنتجات الوطنية.
7/1. تحفيز الشركات المحلية لإعادة ترتيب أوراقها حتى تتمكن من المنافسة بما يرفع من القيمة المضافة للمنتج أو الخدمة التي تقدمها للمستهلك وهذا يساهم إيجابياً في تنمية الاقتصاد الوطني.
8/1. تشجيع أصحاب المشاريع الناجحة بالتفكير جديا في تطوير مشاريعهم على أسس واشتراطات حق الامتياز (الفرنشايز) لينطلقوا بهذه المشاريع إلى العالمية، مما يؤدى إلى تنوع مصادر الدخل الوطني وزيادته من خلال رسوم الامتياز المحصلة نتيجة منح الامتياز لمستثمرين في دول أخرى.
وقد أدى النجاح في تطبيق السياسات السابقة إلى تحقيق نجاحات اقتصادية من أهمها:
أ. منح بعض المطاعم السعودية الشهيرة لامتيازات داخل وخارج المملكة على غرار الشركات العالمية. وكذلك الخطوة الناجحة التي تقدمت بها ” شركة سعودية شهيرة في مجال تجارة التجزئة (السوبر ماركت) في منح حق الامتياز (الفرنشايز) للمستثمرين.
ب. زيادة فرص عمل الشباب السعودي نتيجة دخول الإمتيازات التجارية إلى أسواق المملكة، هذا وتجدر الإشارة إلى أن حق الامتياز (الفرنشايز) في الولايات المتحدة الأمريكية مثلا يعمل به أكثر من (8) ملايين شخص، وينتج عن توسعاته المتوالية أكثر من (000ر170) وظيفة جديدة سنويا، وذلك طبقاً لبيانات الهيئة الأمريكية لمتعاملي حق الامتياز (الفرنشايز) the American Association of Franchisees and Dealers (AAFD) (1)
ج. ساعدت نظم حق الامتياز (الفرنشايز) في تطوير اليد العاملة الوطنية من خلال التدريب الذي تتلقاه في المشاريع المقامة مما ساهم في رفع كفاءة القوى البشرية.
من المنطلقات السابقة سعت حكومة المملكة العربية السعودية بالبدء في إجراءات الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، وقد استعدت لذلك بالعمل على محاولة مواءمة الاقتصاد السعودي بالاقتصاد العالمي من خلال إحداث كثير من الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية وغيرها خاصة فيما يتعلق بالعمل على تبسيط الإجراءات الإدارية الداعمة لجذب الاستثمار وخلافه، بما يؤهل الاقتصاد السعودي للتوائم مع مناخ الاستثمار العالمي.
ويعتبر حق الامتياز (الفرنشايز) واحداً من أهم آليات الاستثمار اللامحدود في العصر الحاضر، ويمكن تمييزه عن غيره من نظم الاستثمار بأنه أسلوب عالمي وإداري حديث ذا طابع نفوذي بين شركتين، واحدة مانحة والأخرى ممنوحة. ولقد بدأ نظام حق الامتياز (الفرنشايز) يغزو الكثير من دول العالم معتمداً على ما يقدمه من معرفة تكنولوجية أو فنية تحت اسم أو علامة تجارية لشركة ناجحة، ويراعى في عملية نقل المعرفة الفنية لعلامة تجارية ما يتطلبه ذلك من عقد اتفاقيات محددة بين المانح والممنوح، لذا فإن الدخول في مثل هذا النوع من الأنشطة يتطلب المزيد من المعرفة القانونية والمالية والمعلوماتية التي يجب أن يتسلح بها الممنوح قبل توقيعه أي عقد للدخول في هذا النوع من أنشطة الاستثمار تفاديا لأية مشاكل أو عقبات قد ينتج عنها التزامات مالية ومادية هو في غنى عنها،
هذا وتجدر الإشارة هنا إلى أن الاستثمار عن طريق حق الامتياز (الفرنشايز) يتم في صناعات كبيرة كصناعة البترول والسيارات والأدوية وغيرها من الصناعات الكبيرة، وكذلك يتم في قطاعات إنتاجية وخدمية (متوسطة وصغيرة ) كثيرة جداً تعمل بنظام حق الامتياز (الفرنشايز) مثل المأكولات والمشروبات والأثاث والأجهزة الكهربائية والإلكترونية، وخدمات النقل، وخدمات الصيانة والنظافة والكمبيوتر والخدمات التعليمية والسفر والسياحة … إلخ من القطاعات المختلفة. ولما كان عنوان الدراسة “نظام الفرنشايز كأداة لاستثمارات صغيرة ناجحة” فإن هذه الدراسة سوف تركز في جانبها النظري والعملي على الصناعات الصغيرة دون غيرها كأداة لاستثمار ناجح وفعال.
الهدف هو نشر الثقافة الاستثمارية وتوعية رجال الأعمال الذين يرغبون في الاستثمار عن طريق نظام حق الامتياز (الفرنشايز) وتنبيههم إلى ما قد يتعرضون له من مشاكل ومعوقات في نظام حق الامتياز (الفرنشايز) بصفة عامة وعند كتابة العقد بصفة خاصة تفادياً لأية مشاكل قد تؤدى إلى فشل المشروع أو الوقوع في التزامات مادية ومالية لا يستطيع الوفاء بها في المستقبل.
اشتقت كلمة حق الامتياز (Franchise) من كلمة باللغة اللاتينية تعني السيطرة، ولقد استعملت هذه الحقوق منذ العصور الوسطى في تحصيل الضرائب لصالح الحكومات. وأول ظهور لحق الامتياز (الفرنشايز) بمعناه الحالي كان في الولايات المتحدة الأمريكية، وكان ذلك بعد انتهاء الحرب الأمريكية الأهلية وبالتحديد في عام 1871 حيث ظهر في عملية تسويق وتوزيع ماكينات سنجر للخياطة، حيث كانت المشكلة التي تواجه مصنعي ومنتجي ماكينات سنجر هي كيفية تسويقها وساعد على ذلك عدم وجود نظام سريع للاتصالات في ذلك الوقت فابتدع منتجو ماكينات الخياطة هذا المفهوم من أجل تعيين أشخاص يقومون بتوزيع الماكينات وعمل صيانة لها وبيعها. وفي نفس الفترة تقريبا قامت شركات تصنيع المشروبات بالولايات المتحدة الأمريكية بإعطاء حق الامتياز (الفرنشايز) لتوزيع منتجاتها لبعض الفنادق. وعندما انتشرت صناعة السيارات وتطورت وأصبح هناك إنتاج ومنافسة بين كثير من المنتجين أخذ أصحاب مصانع السيارات يفكرون في وسيلة تمكنهم من عرض منتجاتهم للجماهير وتسويقها وتوفير الخدمة والصيانة لها.
فما كان لهم من خيار سوى التقاط مفهوم حق الامتياز (الفرنشايز) حيث لا يستطيع الصانع أن يقوم بفتح مصنع أو ورشة صيانة وخدمة ومعرض في كل ولاية أو مدينه. فتطور هذا المفهوم عن طريق قيام مصنعي السيارات بمنح حق امتياز (فرنشايز) لبعض التجار في الولايات الأخرى، حيث يقوم بعمل معارض وورشة لعرض المنتجات وذلك تحت إشراف المصنع. إن الطرف المحلى يعرف السوق المحلية بالتأكيد ولكنه لا يعرف السوق العالمية وظروفها، مما يعنى أن فرص نجاح المشروع أقل في الأسواق البعيدة وكلفتها أكثر. ودفع ذلك المصنعين إلى السماح بالتصنيع بتلك الأسواق وتسويقها أيضا تحت شروط معينه وكان ذلك بعد الحرب العالمية الثانية.
حيث كان يقوم مانح حق الامتياز (الفرنشايز) قبل تلك الحرب بوضع الترتيبات اللازمة وإرسال مندوب أو ممثل من طرفه لدي الممنوحين وذلك للقيام بالرقابة والإشراف وكان يتحمل مصاريف مندوبيه، ولكن بعد الحرب العالمية الثانية أصبح لا يتحمل مصاريف ورواتب مندوبيه وبالتالي تخلص من أية أعباء أو التزامات مالية في هذا الصدد وأصبح أكثر حرية عن ذي قبل، وانتشر هذا المفهوم، وانتشرت المنتجات وأصبح ما يسمى بالسوق العالمي. وقد تطور في الخمسينات من القرن العشرين ولم يصبح قاصرا على السيارات بل تعدى إلى منتجات وخدمات أخرى كثيرة.
وفي العصر الحاضر ظهر ما يسمى بحق الامتياز (الفرنشايز) في الكثير من الدول المتقدمة كوسيلة لنقل التكنولوجيا المتطورة بين الشركات والمؤسسات التي تمتلك المعرفة الفنية الحديثة والشركات والدول التي تستعين بهذه التكنولوجيا في التنمية الاقتصادية لديها. إن حق الامتياز (الفرنشايز) يعتبر آلية أو وسيلة جيدة في الاستثمار لرجال الأعمال وصغار المستثمرين، فصناعة حق الامتياز (الفرنشايز) تنمو وتتطور بشكل كبير وذلك من خلال هيئات وجمعيات حق الامتياز (الفرنشايز) المنتشرة في كثير من دول العالم، وتتصدرها هيئة حق الامتياز (الفرنشايز) الدولية (International Franchise Association – IFA) واتحاد حق الامتياز (الفرنشايز) الأوروبي (European Franchise Federation – EFF) وهيئة حق الامتياز (الفرنشايز) البريطانية (British Franchise Association – BFA) وهيئة حق الامتياز (الفرنشايز) الألمانية (German Franchise Association – GFA) وهيئة حق الامتياز (الفرنشايز) الأمريكية لمتعاملي حق الامتياز (الفرنشايز) (American Association Franchise Dealers -AAFD). كما أن هذا النوع من الهيئات/ الاتحادات/الجمعيات بدأ ينتشر في كثير من دول العالم مثل المكسيك والبرازيل وبلغاريا واليونان وماليزيا وسنغافورة وبعض الدول العربية مثل لبنان ومصر وغيرها في كثير من دول العالم، إن هذه الهيئات أو الجمعيات غالبا ما تأخذ شكل منظمات غير هادفة للربح. هذا ونجد أن نظام حق الامتياز (الفرنشايز) قد دخل في الكثير جدًا من القطاعات الإنتاجية والخدمية مثل صناعة الوجبات السريعة، والسياحة، والإعلان، والنظافة، والسيارات، وخدمات الأطفال، والصيانة، والكمبيوتر، والملابس والمعدات الرياضية، وقطع الغيار، والأدوية، والخدمات المالية، وخدمات الإنترنت … الخ، من الصناعات والأنشطة المختلفة.
وفي عام 2000 وطبقاً لهيئة حق الامتياز (الفرنشايز) الأمريكية (AFA) بلغت مبيعات حق الامتياز (الفرنشايز) ما يوازي 40% من حجم مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة أو ما يوازي تريليون دولار أمريكي. كما أن، هناك 350.000 من الحاصلين على حق الامتياز (الفرنشايز) في الصناعات المختلفة وهم يندرجون تحت 75 صناعة مختلفة (بحسب التصنيف الأمريكي). وتقوم شركات الامتياز بتوظيف ما يزيد عن 8 مليون عامل أو ما يوازي 6% تقريبًا من حجم العمالة الكلي . وطبقًا لمؤسسة حقوق الامتياز الدولية فإن هناك حق امتياز (فرنشايز) جديد يمنح كل ثمانية دقائق في مكان ما داخل الولايات المتحدة وأن هناك واحد من بين كل اثني عشر تجارة تجزئة حاصل على حق امتياز (فرنشايز).
وفي بريطانيا طبقًا للتقرير السنوي الصادر عن هيئة حق الامتياز (الفرنشايز) البريطانية (BFA) فإن مبيعات حق الامتياز (الفرنشايز) بلغت 9.6 بليون جنيه إسترليني في عام 2003م كما أن صناعة حق الامتياز (الفرنشايز) تقوم بتشغيل 330 ألف عامل أو ما يوازي 1.2% من حجم القوى العاملة في بريطانيا. وتشير الإحصاءات أيضًا أن 96% من وحدات حق الامتياز (الفرنشايز) الجديدة والتي أنشئت خلال الخمس سنوات الماضية ما زالت تعمل بكفاءة وأن 95% منها ما زال مربحًا. هذا ويمثل قطاعي الخدمات التجاري والخدمات العقارية أكبر قطاعين في صناعة حق الامتياز (الفرنشايز) حيث يمثل كل منهما 22% من أنظمة حق الامتياز (الفرنشايز). وفي شهر يناير الماضي (2004) بلغ عدد طلبات المعلومات عن حق الامتياز (الفرنشايز) 112 طلبًا في شهر واحد.
أما في بعض الدول النامية مثل ماليزيا فإننا نجد أن صناعة حق الامتياز (الفرنشايز) تحتوى على 40 نشاطاً رئيساً ، وفي مصر 34 نشاطاً رئيساً ، أما في كل من سنغافورة وجنوب أفريقيا على وجه التحديد فإن بهما 16 نشاطاً رئيساً وهي: قطاع إنتاج السيارات وخدماتها، وخدمات الأنشطة التجارية، وخدمات الأطفال، وخدمات النظافة، والأغذية، والصحة، واللياقة البدنية، والجوالات والهواتف، والخدمات المتعلقة بالانترنت، وخدمات الإقامة، وخدمات التجزئة، وخدمات السيارات المستعملة، وخدمات الرياضة، وخدمات الترفيه، والسياحة والسفر، والتوزيع بالجملة، وفي كل من هاتين الدولتين فإن هناك أنشطة إضافية أخرى تدعى بالبلتنيوم، والذهبية، والفضية، والبرونزية، وهي تصنيفات داخلية وضعها الموقع المذكور أدناه لهاتين الدولتين، ويضاف إليها أيضاً الرخصة الرئيسة (Master Franchise) وهي تعني أن رأس المال المستثمر في المشروع لا يقل عن 250،000 دولار أمريكي. (وذلك طبقاً لموقع فرص حق الامتياز (الفرنشايز) في كل من سنغافورة وجنوب أفريقيا كما هو موضح في الحاشية (3)، و (4).
وفي المملكة العربية السعودية نجد أن هناك الكثير من المجالات التي تعمل بنظام حق الامتياز (الفرنشايز) بدأت تنتشر وتزداد بدرجة كبيرة خلال العقدين الماضيين حتى وصلت إلى 200حق امتياز (فرنشايز) بنهاية شهر يوليو2004 (وذلك طبقاً للبيانات الرسمية بوزارة التجارة والصناعة)، كما أنها أصبحت تغطي الكثير من الأنشطة مثل المطاعم ومحلات الملابس بأنواعها المختلفة (رجالي، نسائي، أطفال)
ومواد التجميل ذات الماركات أو العلامات التجارية المميزة، وكذلك مصانع تصنيع وبيع الدهانات الديكورية، والأجهزة الطبية، والأثاث المنزلي، ومعالجة المياه، ونظم الحمية وتخسيس الوزن، وصيانة أجهزة الإضاءة، والمراكز الترفيهية والتعليمية… الخ. وطبقا لصحيفة المدينة (عدد رقم 15114 السنة التاسعة والستون وتاريخ 9/9/2004م) فان حجم مبيعات الوجبات السريعة في المملكة يقدر بحوالي 700 مليون ريال، كما أن حجم الاستثمارات في السوق السعودي يقدر بحوالي خمسة مليارات ريال سعودي. ومما أدى إلى نجاح هذا النظام أن هذه النوعية من العقود لا يترتب عليها تنازل المانح عن حقوق ملكيته الصناعية أو معرفته الفنية بل يقوم أساساً على التعاون بين طرفي العقد في استغلال هذه المعرفة الفنية تحت إشراف ورقابة المانح، كما أن ممنوح حق الامتياز (الفرنشايز) يحصل علي نشاط تمت تجربته وحقق نجاحا وبالتالي لن يدخل في نشاط جديد ويتحمل مخاطرة الفشل أو النجاح.