مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

نشوة النَّار” قصّة قصيرة”

بقلم  – محمد المسلاتي – ليبيا
يجرّونها على الأرض ، كتلة صلصال تتلوَّى بين أيديهم ، تود أن تتملص منهم ، تهرب غيمة تحملها الريح بعيدًا ، يتماوج شعرها الفاحم ، تحسّ بأصابعهم تنغرس في لحمها تجسّ طراوته ، يتكاثرون حولها ، بالرغم من فضاءات المكان ، تختنق برائحة شبق أنفاسهم ، تسمعهم يزمجرون :-
– امرأة سيئة السمعة ،
– نجلدها، هذا لا يكفي ، نذبحها من الوريد للوريد .
– نرجمها حتى الموت .
– نحرقها لتذهب من النَّار إلى النَّار.
تعالت الهتافات متشنجة ، متهدجة بارتعاشاتهم المكبوتة .
– فلتحرق ، تُحرق ….
أصابعم تستطيل مخالبًا ، تتعمق في اللحم الطريّ ، حيّات تزحف فوق جسدها ثم تنحدر عبر تضاريسه ، تتنمل على جلدها ، تخنق مسامها ، الأصوات تتعاقب بحشرجة :-
– ساقطة ، متعجرفة ، مترفّعة على الجميع .
– أجل ، متعالية ،مغرورة بجمالها، أردتُ التحدّث إليها ، تجاهلتني مثل حشرة .
– أنا أيضًا فعلت معي بالمثل .
– أرملة جلبت العار لجميع الجيران.
يتمكنون من إلصاقها على عامود الكهرباء المهجور ، يتناوبون بالتوالي للفّ الحبل على جسدها، يحكمون الوثاق ، ثم يرخونه ، يمررونه في دوائر حلزونية ، يرسمون قوامها المشدود بكل تفاصيله ، يتأوّهون ، تستكين قربانًا يستسلم لمصيره ، كلما ألقوا كومة حطب تحتها يتطلعون إليها باشتهاءات ملمس ما كان محرمًا ، يضرمون النار، ترتفع ألسنتها المتراقصة ، تتطاير حولها نتف مشتعلة ، تتوزع فوق رؤوسهم فراشات مضيئة ، تحوم في الفضاء برهة ثم تخبو وتتلاشى هَبْوا ، تنتشر رائحة اللحم الملتهب ، تتقد أعينهم دوائر من جمر، يتقاسمون احتراقها ، يعلو صراخها متخللًا سحب الدخان ، ويخفت رويدًا ، ثمَّ يموت مكتومًا بصخب هياجهم فيما ترتعش أنوفهم ، تتشمّم بنهم التلذذ رائحة أنثى يبعثرها رماد الاحتراق ، ينظر كلُّ واحد منهم بحسد إلى توهج اللهب في عرس النار .