مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

من وحي الأزمة.. ثم ماذا؟

من وحي الأزمة.. ثم ماذا؟

قد يهمك ايضاً:

بقلم د/ أحمد سعد عقل

أيام تمر عصيبة على العالم أجمع، اهتزت فيها عروش، وتزلزلت دول، وانهار قادة، وتعددت السيناريوهات، وتضاربت التصريحات، حين أطل على العالم بوجهه القبيح هذا الشبح المرعب، شبح ڤيروس كوڤيد – 19، المعروف إعلاميا بكورونا، وما تمر ساعة من ليلٍ أو نهار إلا وهي أصعب من سابقتها، ينتظر العالم فيها أخبارًا عن ماهية هذا الكائن، وكيفية السيطرة عليه والحد من انتشاره، ويجتهد العلماء في شتى بقاع المعمورة؛ عساهم يجدون مخرجًا من تلك الأزمة التي تهدد العالم بأسره، أو دواءً يصلح أن يكون بداية انفراج لها. هنا تقف الأقلام عاجزة، والعقول حائرة في وصف هذا العالم من قبل هذه الأزمة وبعدها، كان العالم يتجه اتجاهات شتى في مناحي الحياة المختلفة، والكل يسعى لمجد لا يضع حدا لمنتهاه، فلاعبو الكرة يتنافسون ويلهثون خلف قطعة من جلد (فاخر بالطبع) مملوءة بغاز مخصوص؛ ليعلن في نهاية الوقت المقرر للمبارة حكمها الفوز لفريق على آخر، وعلى إثر صافرة الحكم تعيش الكرة الأرضية حالة من صراع لا منتهٍ بين مشجع لمنتصر،وآخر لم يحالف فريقه المفضل التوفيق، ويبررون كلٌ حسب هواه ورؤيته أسباب النتيجة. ثم ماذا . . .؟ وهؤلاء الفنانون (أصحاب الفن الهابط منهم، ناشرو الرذائل، هادمو ثوابت الأمم) الذين ملأوا الدنيا بما يسمونه زورا وبهتانا فنًا، وخداعهم للمجتمعات، في سلسلة من الأشكال المتكررة من الفن الهابط، الضار بالمجتمعات والأمم أكثر مما يقدم قيمـًا تحيي الفضائل بين الناس وتعمل على دعم اقتصاديات الدول، ومعاونة الحكومات في تنفيذ مشروعات التنمية، وأصبح الفن سلاحًا هو الآخر تباد به الدول وتنتهى بسببه الشعوب، وكل نداءات العقل التي تدعو إلى تحويل الطاقات إلى محركات للتنمية، وبواعث على نهضة الأمم تقابل – ممن يسمون أنفسهم باطلاً بالنخبة – بالرفض والوسم بالرجعية والتختلف والرغبة في عودة المجتمعات إلى عصور الظلام. وفي الحقيقة هم من يأخذون بأيدي عميان الأمم إلى دركات التخلف والانحطاط. ويعلو صوت أمثال هؤلاء، فتحل أزمة كهذه فيبحث الناس عمن كانوا يهدونهم الطريق، فيجدون سرابا لا خير فيه. ثم ماذا . . . ؟ والناظر المدقق في تحولات البنية الاجتماعية والثقافية للشعوب، يجد العجب، مما ينبئ بكارثة محتملة تجتاح العالم بأسره بسبب ما قدمت أيدي البشرية وجنت على نفسها في العقود الأحيرة هذه؛ فدول تفقد ملامحَها الاجتماعية والثقافية والدينية؛ لمجرد أن العالم يتطور ولابد أن نواكب المستجدات، ونعمل على تغيير الصورة لدى العالم الآخر عن دولنا وممالكنا. وأخرى تهيمن على العالم علميًا وبالتالي ثقافيًا وفكريًا ووتفرض سطوتها ونفوذها في ربوع الأرض.وأخرى لا تعبأ بما يحدث حولها؛ فتكون نهايتها السحق والمحو بما لا هوادة فيه في عالم صار البقاء فيه حتما للأقوى. ثم ماذا … ؟ الآن يتطلع العالم كله إلى منقذ للبشرية من هذا الوباء الفتاك، العدو الخفي، أيا كان سببه، وأيا كانت طبيعته، وأيا كان السيناريو الأصدق في ماهيته. فيترقبون عالِمًا، أو فريقَ بحثٍ علمي، أو جامعةً عريقة؛ لتنجوَ سفينةُ العالم من هذا الطوفان العاتي الذي لا يبقي ولا يذر، وأدرك الناسُ الآن أن الخلاص ليس في اللهث وراء اللاعبين، ولا في التمتع بزيف الفنانين، ولا بخداع أمم أنها تملك نواصي الوجود، فالكل في انتظار هذا المخلص الذي يأتي بنظرية علمية، أو تجربة معملية، أو حلٍ حتى سحري لحل طلاسم هذا اللغز الذي جعل شكل العالم مختلفا عن ذي قبل، وحول الشوارع إلى ساحات خاوية، وأصاب الجميع بالذعر والهلع في سابقة لا تتكرر كثيرًا، ولم يحدث مثلها في التاريخ الحديث. لعل الإجابة عن سؤالنا: ثم ماذا . . .؟ تكون قد داعبت الأذهان، وحركت العقول، ونبهت الأفهام. فاعتبروا يا أولي الألباب.

اترك رد