الكاتب/ اسعد عبدالله
التوقيت هو شهر نيسان من عام 1997 , حيث نسكن في حي فقير في اقصى شرق العاصمة بغداد, وفوق محنة فقر الحال وعسر الحياة يأتي (الرفاق البعثيون) ليعبثوا بأيام الحي, ويلاحقون الناس بسبب وبدون سبب! فقط لاظهار سطوتهم على المجتمع, لكن ليلة الأمس حدث امر افزع قلوبهم, حيث وجد الرفاق البعثيون كتابة على جدار المدرسة, مكتوبة باللون الأحمر, ونصها:
“اللعنة على صدام بن صبيحة وحزبه القذر”
عند الصباح فزع اهل الحي على اثر زعيق وصراخ الزمرة البعثية, حيث كان هناك حالة من الهلع في حينا بين أتباع النظام, وتم اعلان بيان عبر مكبرات الصوت الموجودة في بناية المنظمة البعثية التي تتوسط الحي, وكان البيان تهديدا لكل اهل الحي, واعتبار الكل متهمين بالجريمة البشعة بحق القائد الى ان يظهر الجاني!
بعدها قاموا بحملة مسعورة للتفتيش البيوت والبحث عن علبة صبغ باللون الاحمر..وتم الاستفسار من جميع محلات الأغراض الانشائية عن الأشخاص الذين اشتروا صبغ باللون الاحمر,. وخابت آمالهم فلم يجدوا شيئا مهما يمكن ان يوصلهم للجاني.
كان الوقت يمر ثقيل جدا على زمرة البعث, وكبير الرفاق يزمجر ويرعد وينظر شزرا للناس, والرفاق حوله يقلدوه بالسلوك والنظرات.
بعد اليأس من كشف المجرم الذي شتم الرئيس كان البعثيون في حيرة؟ ماذا يفعلون والناس متجمعة تنظر اليهم. ظهر البعثي العجوز الاصلع المتملق “ريسان” وهو يعرج واقترب من كبيرهم.. وقال: “لماذا لا نقيم صورة كبيرة للسيد الريس بنفس مكان الجريمة, وسيكون ردا ساحقا على اعداء العراق, خصوصا اننا في هذه الأيام المباركة التي شهدت ولادة الرئيس صدام”.
استحسن كبير الرفاق الفكرة الشيطانية, وقال له: “ولك ريسان انت شيطان, فكرة عظيمة بس انت بعثي قح”.
وقرر الموافقة على اقتراح “ريسان” وتم الاعلان عن اقامة صورة عملاقة للرئيس, في نفس مكان الكتابة الساخرة, وتم جلب رسامين وبنائين واستمر العمل من العصر الى ما بعد منتصف الليل حتى تم انجاز الصورة الكبيرة لصدام.
وكان صوت البعثيين يخترق البيوت : “غدا عند الثامنة صباحا على جميع اهلي الحي الحضور, اكرر اكرر عند الساعة الثامنة صباحا الحضور اجباري لكل اهل الحي, لافتتاح صورة الريس, ومن يتخلف عن الحضور يعتبر خائنا للوطن…”
حضر الاهالي رجالا ونساء خوفا من الاجراءات القمعية, ارتفعت الستارة لتظهر صورة الريس وهو يبتسم بسخرية من الشعب المقهور, وفمه يمتلئ بسيكارة امريكية, كان على الكل التصفيق لهذا الإنجاز غير المسبوق, وتسابق البعثيون والمنافقون في قراءة الكلمات واشعار المدح بحق صنمهم صدام.
وفجاءة ظهر كلب سائب متسخ كان نائم تحت احد الكراسي, اقترب هذا الكلب مخترقا كراسي الرفاق, حتى وصل للصورة ليرش وجه الرئيس صدام ببوله… ثم التفت الى كبير الرفاق البعثيين وهو حائر.. فتضاحك الحضور, وارتبك المنظمون, وتصايح القوم للامساك بالفاعل, ذلك الكلب الاجرب. فهرب الكلب والرفاق يركضون وراءه.. وعم الهرج والفوضى… وتفرق الناس وهم يتناقلون قصة الكلب الذي بال على الرئيس صدام.
التعليقات مغلقة.