من خشوع الحرم إلى أجواء الساحل

بقلم : د إبتسام عمر عبد الرازق 

شارك الفنان أحمد سعد متابعيه عبر وسائل التواصل صورًا وفيديوهات من داخل المسجد النبوي، وكتب معلقًا: “الحبيب ﷺ لما يجمع الأحباب… استعدادًا إلى الحج” وأكد أن إزالة الوشم الذي كان يغطي أثر جراح قديمة كان خطوة تعبّر عن مرحلة جديدة في حياته”

ما فعله الفنان أحمد سعد – من حيث ذهابه إلى الحج ثم عودته سريعًا لإحياء حفل غنائي – يثير تساؤلات من الناحية الشرعية والأدبية، وتفصيل الحكم فيه يحتاج إلى تفريق بين ما هو مباح، وما هو أنسب روحًا وأدبًا بعد أداء فريضة الحج.

الحج فريضة مستقلة: أداء الحج ركن من أركان الإسلام، وإذا تم بشروطه وأركانه، فإن الحج مقبول بإذن الله, لا يُشترط أن ينعزل الإنسان عن حياته أو عمله بعد الحج.

الغناء ليس محرمًا بإطلاق: جمهور العلماء فرّق بين الغناء الملتزم بالآداب (الخالي من الفجور والإيحاءات والكلمات الباطلة) وبين الغناء الذي يدعو للفسق أو يحتوي على منكرات, فإذا كان الغناء من النوع الذي لا يخالف أحكام الشريعة، فالأصل فيه الإباحة بضوابط.

لكن… من حيث الأولى والأفضل:

أداء الحج يطهر القلب ويقرب العبد إلى الله، فيُستحب أن يظهر أثر هذه الرحلة على العبد: في هيئته، سلوكه، واختياراته, الرجوع السريع لحياة اللهو أو “الشهرة السطحية” مباشرة بعد الحج قد لا يتناسب مع الروح التي خرج بها من الحرم

” قال النبي ﷺ: إن من إجلال الله: إكرام ذي الشيبة المسلم…”

أي أن ما بعد الحج ليس كقبله، والتغيير مطلوب، لا فرض، لكنه علامة القبول.

وخلاصة الموقف الشرعى ما فعله ليس حرامًا في حد ذاته (ما لم يكن الحفل يحتوي على محرمات)، لكن من الأفضل أن يظهر أثر الحج على حياته تدريجيًا في اختياراته، ومظهره، وسلوكه, وقد يكون إحياء حفل غنائي بعد الحج مباشرة غير مناسب من الناحية الأدبية والذوقية والروحية، ويُفهم منه غياب التأثر الحقيقي برحلة روحانية عظيمة.

وفى النهاية , ليس المطلوب أن نخرج من الحج شيوخًا أو رهبانًا… لكن أن نخرج بقلوب أنقى، وضمير أكثر يقظة، ووجهة حياة أقرب إلى الله.

اللهم لا تحرمنا زيارة بيتك الحرام وأكتب لنا زيارة بيتك الحرام

اللهم ارزقنا زيارة بيتك الحرام مع من نحب مرات عديدة