مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

من الحسين إلى ابن الزبير: قراءة في تاريخ شعار (لا ملك إلا لله)” قراءة للشريف محمد بن علي الحسني

شدّد الشريف محمد بن علي الحسني، رئيس الرابطة العلمية العالمية للأنساب الهاشمية في قراءته التاريخية، على أن الإمام الحسين، حين وُطئت مواثيق الصحيفة البيضاء، لم يكن في موقفه الرافض لتحويل الخلافة إلى مُلكٍ مستبد فردي إلا امتدادًا لمسار أصيل في الإسلام، وسرعان ما لحقه فيه الصحابي الجليل عبدالله بن الزبير، الذي ارتفع صوته من مكة بشعار خالد: “لا ملك إلا لله”.

وأوضح الحسني أن هذا الشعار لم يكن تعبيرًا عقائديًا منعزلًا عن سياقه، بل كان موقفًا واعيًا راسخًا، ينبني على الإخلاص للعهد، والتمسّك بالشورى، والتمرد على كل إرادة تُلبس التسلط ثوب الدين.

ونوّه الحسني بأن الصحيفة التي وُقعت بين الإمام الحسن ومعاوية تضمّنت بندًا صريحًا يمنع معاوية من أن يُعهد بالحكم لمن بعده، ويجعل أمر الأمة شورى.

 وحين توفي الإمام الحسن، رأى الحسني أن معاوية قد تمادى في نقض الميثاق بمحاولته توريث يزيد، وهو ما اعتبره الإمام الحسين خيانة صريحة للعهد، فامتنع عن البيعة، معلنًا موقفًا قاطعًا. ومن ثم، بدأت تظهر 

 كما أشار الحسني  الى النقوش الأولى على طريق الحاج، حاملة الشعار الجليل: “لا ملك إلا لله”، في تعبير احتجاجي يعكس وعيًا دينيًا وسياسيًا متقدًا.

واستعرض الحسني كيف أن عبدالله بن الزبير، عقب وفاة يزيد، أصبح ملاذًا للأمة، فبايعه الناس طوعًا، ورفض مبايعة عبد الملك بن مروان، واتخذ من مكة مقرًا لخلافته، وقد تجلّى ثباته في كلمته التي أطلقها قبل استشهاده: “لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل”.

قد يهمك ايضاً:

بيئة بلا حدود” و”كتاب البيئة والتنمية”…

وقد رأى الحسني أن مشهد استشهاده بجوار الكعبة كان ملحمة من الصمود والعزة، رسّخت مكانته في وجدان الأمة.

كما لفت النظر إلى أن الشعار ذاته “لا ملك إلا لله” ظهر في نقوش عبدالله بن مطيع، ليؤكد أن هذا الموقف لم يكن فرديًا، بل تيارًا واسعًا في الأمة رفض بوضوح مبدأ التوريث السلطوي. 

وبيّن الحسني أن هذا الشعار يرتكز إلى أصل قرآني في قوله تعالى: “إن الحكم إلا لله”، وأنه رغم ما أحدثه بعض الخوارج من تحريف لمضمونه، فإن رجالات الصحابة، أمثال الحسين وابن الزبير، ثبتوا على معناه الصحيح، إذ عبّر 

 كما ذكر عن رفض الاستبداد، دون خوض في الفوضى أو التمرّد غير المشروع.

ورأى الحسني أن الحسين وابن الزبير لم يكونا من دعاة الخروج العبثي، ولا ممن يتشوّفون للسلطة، بل انطلقا من مبدأ راسخ في حماية الشورى والدفاع عن الحق، دون أن يسعيا إلى الزعامة، وإنما طُلبت الإمامة منهما من أهلها. وعلّق على استشهادهما بالقول إن الدماء الطاهرة التي سُفكت لم تكن خسارة، بل كانت بيانًا خالدًا أن السيف لا يُخرس صوت الشريعة، وأن الكلمة حين تنبع من الصدق، تُجبر التاريخ على الإنصات.

وخلص الحسني في قراءته إلى أن الطريق الممتد من كربلاء إلى مكة لم يكن إلا سيرة من النور، كتبها الحسين وابن الزبير بأفعال لا بأقوال، وثبّتا بها 

 كما أكد ان  أصدق وثيقة للشرعية الإسلامية، في زمنٍ كثرت فيه التأويلات وادّعاءات الطاعة وعبّر عن يقينه بأن الشعار الذي خُطّ على الحجارة وسُقي بدم الشهداء، سيظل يتردد في أسماع الأمة إلى الأبد: “لا ملك إلا لله”… لا للأهواء، نعم للشورى، وعدل الرسالة .