كتب – د.صبري زمزم:
إذا كان العنوان هو أول عتبات الديوان فإننا لا بد أن نتوقف أمامه بالتحليل لنستشرف ما فى الديوان
من معان وأغراض فبدأ الشاعر العنوان ( أنا والقسمة والمكتوب ) بضمير الذات للمتكلم ليصدر نفسه ويجعلها بطلة الديوان فالبطولة هنا بالمعنى الدرامي والسردى للشاعر باستخدام كلمة أنا، ثم (و القسمة والمكتوب )
نلاحظ وجود كلمتين تكاد تكونان.
مترادفتين القسمة والمكتوب وهما تساويان كلمتى القضاء والقدر
وأعتقد أنه كان يمكن الاكتفاء
بإحداهما فيقول (( أنا والقسمة )
أو ( أنا والمكتوب ) أما الواوان فى العنوان فهما حرفان متشابهان فى النطق ولكنها مختلفان فى النوع وفى المعنى فإذا كانت من ثم فى الواو الثانية والقسمة والمكتوب ) هي واو العطف التي عطفت القسمة والمكتوب وجعلت لهما حكما واحدا و موقعا واحدا و موقعا إعرابيا واحدا وهو الحرف الذي يفيد مطلق الجمع بين المتعاطفين بلا ترتيب لأن الفاء وثم ها حرفا الترتب في العطف.
وماذا عن الواو الأولى في (أنا والقسمة والمكتوب ) هذه ليست واو العطف فلا يمكن أن يجمع الشاعر نفسه مع القسمة و المكتوب فى حكم واحد ولا معنى واحد، حتى نحكم بأن الواو للعطف، ولكن الواو هنا لها معنى آخر، فالمعنى البسيط المستفاد من العنوان هو (أنا فى مواجهة القسمة والمكتوب ) أو (أنا في معية القسمة و المكتوب) ومن ثم يتبين لنا من خلال المعنى أن الواو هنا هى واو المعية كما نقول :
استيقظت و طلوع الشمس أى مع طلوع الشمس أو سرت والنيل
أى مع النيل لذا وجب الوقوف أمام معنى العنوان أى أنه موقف الشاعر من القسمة والمكتوب وهنا يتبادر إلى ذهن القارئ عدة افتراضات لهذا الموقف هل هو موقف المسلم بالقسمة والمكتوب أو المعترض أو المحتج أو الرافض لهما، الناعى لحظه العاثر .
كل هذه التساؤلات تدفعنا للإسراع فى قراءة الديوان لنستبين موقفه من القسمة والمكتوب أو من القضاء والقدر. وعند ما نطالع الديوان نجده متعدد الأغراض أي متعدد الموضوعات ومن ثم متعدد الانفعالات الوجدانية والعقلية والنفسية. فلم يقتصر على موضوع واحد يتعلق بالقسمه والمكتوب بل وجدنا في هذا الديوان تنوعا وكانناةأمام بستان وارف الظلال، كثير الأشجار متعدد الأزهار متنقلا بنا من غصن إلى غصن ومن زهرة إلى زهرة لنترتشف رحيقا مغايرا كل مرة : ما بين ما هو عاطفى للحبيبة وهو ما اعتدنا عليه في الشعر العربي عموما من خلال قصيدته الافتتاحية العيون، وطلة المحبوب ولكن عرج على عاطفة أخرى تجاه ابنته الطفلة الصغيرة، من خلال قصيدة “حبيبة بابا” أوالتي تذكرنا بأغنية حبيبة بابا رشا لمحمد ثروت،
أنا طول عمرى باعشقها
وانا دايما فخور بيها
دى خفتها وشقاوتها
ما فى شىء يضاهيها
وتتنوع الموضوعات العاطفية عنده
ما بين الغزل والوصف وآلام الهجر والغدر وآهات الشكوى وأنات العتاب
لو كنت مرة حسيت
ما تقول أنا إيه ذنبى
ما تقولى فاتتى لمين
الصبر يا ربى
وفي قصيدة أخرى ينصح الحبيبة قائلا
سيبي حبل الود سارح
مهما شفتى من قساة
سبيى قلبك يوم يسامح
تلقى ألف طوق نجاة
وتتوالى قصائد العتاب وتنوع
ثم ينتقل بنا إلى قيمة العمل
ودوره فى حياتنا الخاصة والعامة
من خلال قصيدته العمل
لو هنبني يوم للوطن وللعروبة
مش هنبقى فى يوم مداس
بالعمل والجد فعلا
ده العمل هو الأساس
و الحسن الوطني عنده في هذا الديوان عال وراق
تبقى دى مصر العظيمة
كل حاجة فيها غير
فيها كل جمال ماضينا
و احنا فيهازى طير
عشت لينا يا أميرة
عشت لبنا بألف خير
ومن أجمل قصائد التأمل قصيدة
ساعة غروب.
العتمة قالت للنهار
فاضل ساعات
والكون يسلم ضحكته
کده من سكات
وأغزل خيوط الليل ألم
وأنسبح آهات
والناس تفكر فى الله جاي
وفى اللي فات
دى الناس بتعشق عتمتى والذكريات
لملم ضياك وارحل بنورك
من الساحات
لم النهار ضيه اللى فارده في الدروب
غير كلامه وقافيته ساعة الغروب
وقال يا عتمة هترحلى
ديه ساعات يادوب
والفجر يجى ويبتسم
والغيم يادوب
يملا النفوس بهجة
وفرح يسعد قلوب .
و تحت عنوان تحیا مصر
يصرخ صرخة جريئة
مدوية من آلام داخلية
وفى الوقت نفسه يكتشف
آلاما خارجية تهدد العرب جميعا
فیقول للعرب جميعا
ارفعوا رايات جهادنا
وادعوا بقراءة وخشوع
انصروا مسرى رسولنا
انصروا مهد يسوع
ثم يشخص الداء ہم فى قصيدة بلا هوية حين ينهيها بقوله :
كل واحد همو حاله والوطن هو الضحية
امتى هتفوق من اللى حاصل امتى هتعود الهوية
ولا ينسى أن يهدي إلى الأم قصيدة سماها زهرة الصبار
ولو قالوا هنوصفها تتوه الكلمة والأفكار
مفيش ولا وصف ينصفها
دى جواها الحنان أنها
يغيب الوصف والمعنى
و تغرق دفة الأشعار
من أجمل قصائد الديوان قصيدة) ١٧ شارع وائل) يستعرض فيها ذكرياته مع بيت العيلة، ويسرد ذكرياته فيها طفلا وصبيا وشابا
وطبلية بتجمعبا – فطار وسحور ) او ناس عايشة بذكراها – كضى النور ) (و ذكرى تدور تجيب ذكرى – وأحلى شعور )
ويختم الديوان بقصيدة يضرب بها كرسى فى الكلوب وفى العنوان الذى وضعه لديوانه
“أنا والقسمة والمكتوب”
حيث يختم بقصيدة “ملعون أبو الظروف”
كنا أمة ليها هامة
كنا أول الصفوف
فجأة غابت الريادة
والحجج هى الظروف
ملعونة دى المهانة
وملعون أبو الظروف
وكانت هذه الزفرة النهاية التي تجيب عن موقفه الذي تساءلنا عنع من عنوان الديوان( أنا والقسمة والمكتوب)
وكان قد نوقش الديوان في منتدى حكايا الكتب برئاسة د.حنان إسماعيل
وحضور الإعلامية جيهان الريدي والشاعر م.عبده حسين إمام في دار
يسطرون.