أحمد مصطفى:
عقد الجامع الأزهر الشريف اللقاء الرابع للملتقى الفقهي “رؤية معاصرة” تحت عنوان “عدة المرأة بين الشرع والطب”، وحاضر فيه الدكتور رمضان الصاوي، أستاذ الفقه ونائب رئيس جامعة الأزهر، والدكتور محمود صديق، نائب رئيس جامعة الأزهر، وأدار اللقاء الدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر، وذلك تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، ومتابعة الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر.
في بداية الملتقى، أكد الدكتور رمضان الصاوي أن العدة مدة تتربص فيها المرأة إما لبراءة الرحم أو للتعبد أو للتفجع. فبراءة الرحم ظاهرة إن كانت المرأة من ذوات الحيض، حيث تبدأ فيها عدتها طهرًا ثم حيض، ثم طهر، وحين تتلبس بالحيضة الثالثة تنتهي عدتها، رغم أن براءة الرحم تظهر في الطهر الأول بعد الحيض. أما جانب التعبد، فهو ظاهر في جميع العدة؛ فالمرأة التي توفي عنها زوجها قبل أن يدخل بها، فعليها عدة أربعة أشهر وعشرة أيام. وكذلك الأيسة والصغيرة التي لم تحض عليهما عدة أيضًا، ولو كانت لبراءة الرحم فقط، لتم إعفاؤها من هذه العدة، لكن العدة هنا للتعبد. والأمر الثالث هو التفجع؛ فالمرأة التي توفي عنها زوجها، سواء دخل بها أم لم يدخل، فهذه العدة تسمى عدة التفجع، وبهذا تجتمع الأحكام الثلاثة في عدة واحدة.
وأشار نائب رئيس الجامعة إلى أنه لا يجب على الرجل عدة، لكن يجب عليه التربص في حالتين: الحالة الأولى إذا طلق امرأة وأراد أن يتزوج بمن لا يحل له الجمع بينها وبين زوجته كعمتها أو خالتها أو أختها أو ابنة أخيها أو ابنة أختها، لقول النبي ﷺ: “لا تُنكَحُ المرأةُ على عمتِها، ولا العمةُ على بنتِ أخيها، ولا المرأةُ على خالتِها، ولا الخالةُ على بنتِ أختِها، لا الكبرَى على الصغرَى، ولا الصغرَى على الكبرَى، إنكم إذا فعلتُم ذلك قطعتُمْ أرحامَكُم”. والحالة الثانية: إذا طلق إمرأته طلاقًا رجعيًا، وعنده من الزوجات أربع، وأراد أن يتزوج بأخرى، فالمرأة الرجعية في معنى الزوجة حتى تنتهي عدتها. فإذا تزوج خامسة يكون بذلك قد جمع بين أكثر من أربعة. والنبي ﷺ لما جاءه غيلان بن سلمة مسلماً، وكان تحته عشرة نسوة، قال له: “أمسك أربعاً وفارق سائرهن”.
وبيّن أستاذ الفقه الأحكام المتعلقة بالمعتدة قائلاً: إنه لو طلقت المرأة طلاقًا رجعيًا، يستطيع الزوج أن يراجعها في أي وقت، وفي هذه الحالة لا تغادر بيته، ولها السكنى ولها النفقة. وإن كانت المرأة مطلقة طلاقًا بائنًا، فلها السكنى، أما المتوفى عنها زوجها فلها السكنى فقط لأنها استحقت ميراثها منه، وبالتالي لم يعد لها مجال في هذا المال الذي أصبح حقًا للآخرين ميراثًا. مشيرًا إلى حكم خطبة المعتدة قائلاً: إذا كانت المرأة معتدة من طلاق رجعي، فلا يجوز أن تخطب لا تعريضًا ولا تصريحًا، لأنها في معنى الزوجة، ويستطيع الزوج أن يراجعها في أي وقت شاء ما دامت في العدة.
وتابع: وبالنسبة للمرأة المعتدة من طلاق بائن أو المتوفى عنها زوجها، فيجوز خطبتها تعريضًا لا تصريحًا، وذلك لأن علاقة الزوجية بينها وبين زوجها قد انتهت بالوفاة، وحرم التصريح لئلا تجرح شعور أهله، وصرح التعريض. مشيرًا إلى أن المطلقة طلاقًا بائنًا فقد انتهت علاقة النكاح، ولا يستطيع زوجها ردها إلا إذا تزوجت بزوج آخر، ويجوز خطبتها تعريضًا لنفس العلة الموجودة في المتوفى عنها زوجها.
كما بيّن المواضع التي يمكن أن تتحول فيها العدة، وهي: إذا كانت المرأة في العدة طلقت طلاقًا رجعيًا، ثم توفي زوجها أثناء العدة، تتحول عدتها من مطلقة إلى متوفى عنها زوجها من يوم الوفاة، وتعتد وترث. والحالة الثانية: إذا كانت المرأة صغيرة أو أيسة ومعتدة، ثم نزل عليها الدم بعد أن بدأت في عدتها بشهر أو بشهرين، فعليها أن ترجع إلى الحيض والطهر، لأنه الأصل، وأن المرأة إذا بدأت في الحيض وفي عدتها، ثم بعد ذلك انقطع الدم عنها، فهذا تقدم الحكم والكلام فيه بأنها تتربص تسعة أشهر ثم تعتد بثلاثة بعدها.
التعليقات مغلقة.