ملتقى السيرة النبوية بالجامع الأزهر: غزوة بني قريظة تمثل درسا تاريخيا في غدر اليهود
أحمد مصطفى:
عقد الجامع الأزهر أمس الأربعاء، اللقاء الأسبوعي لملتقى السيرة النبوية، تحت عنوان: “قبسات من سيرة النبي: غزوة بني قريظة نموذجا” وذلك بحضور كل من؛ أ.د حسن القصبي، أستاذ الحديث وعلومه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة، وأ.د أسامة مهدي، أستاذ الحديث وعلومه المساعد بكلية أصول الدين بالقاهرة، وأدار الحوار الدكتور سعد المطعني، الإعلامي بإذاعة القرآن الكريم.
في مستهل الملتقى، أكد فضيلة الدكتور حسن القصبي، أن غزوة بني قريظة تعد حدثًا مهمًا في تاريخ الإسلام، والتي دارت أحداثها بعد غزوة الأحزاب (الخندق) مباشرةً، ومن يتأمل أحداث غزوة بني قريظة يجد أن الصفات التي سطرها القرآن الكريم عن اليهود، من غدر وطريقة تعامل، لم تتغير إلى يومنا هذا، كما أن من يتدبر القرآن الكريم، سيكتشف أن الله أخبر نبيه بأوصاف يهود المدينة وهو لا يزال في مكة، ﴿وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا﴾، فكما أن هذه الغزوة جاءت لتزيل الخطر الذي كان يهدد أمن واستقرار مجتمع المدينة من قبل بني قريظة، فطبائعهم المتأصلة في الغدر والخيانة، كانت تشكل خطرا حقيقيًا، وهذه الطباع لا تختلف كثيرًا عن ما نشاهده اليوم ولا يتغير في الصهاينة، إذ يعكسون ذات الصفات في تعاملاتهم ومواقفهم، كما أنها من أخطر الغزوات التي مرت على المسلمين، لأنها غزوة قامت على تحالف بين اليهود وكفار قريش، في محاولة للقضاء على المسلمين.
وحث الدكتور حسن القصبي على ضرورة تدبر ودراسة الأسباب التي قامت عليها غزوة بني قريظة، لاستخلاص الدروس في مواجهة أعدائنا اليوم الذين لا يختلفون عن بني قريظة، فقد جاءت أسباب هذه الغزوة لتؤكد أن المسلمين لم يكونوا معتدين قط، حيث كان هناك عهد وميثاق بين المسلمين وبني قريظة يضمن التعايش السلمي والدفاع المشترك عن المدينة المنورة. إلا أن بني قريظة قاموا بنقض هذا العهد خلال غزوة الأحزاب (الخندق)، وتحالفوا مع قريش وقت حصارهم للمسلمين، مما شكل تهديدًا خطيرًا للمسلمين من الداخل، حيث كانوا يخططون للهجوم عليهم من الخلف بينما كان المسلمون منشغلين بالدفاع عن الخندق.، وبسبب هذا النقض الصريح للعهد والخيانة في وقت الحرب، قرر النبي محمد صلى الله عليه وسلم محاصرة بني قريظة مباشرة بعد انتهاء غزوة الأحزاب، ولم تنعم المدينة المنورة بالاستقرار إلا بعد جلاء بني قريظة عنها.
من جانبه أكد فضيلة الدكتور أسامة مهدي، أستاذ الحديث وعلومه المساعد بكلية أصول الدين بالقاهرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم، أسس مجتمع المدينة على قيم التعايش، بين المسلمين وغيرهم، من خلال وثيقة تاريخية تعرف ب “صحيفة المدينة” أو “دستور المدينة”، التي لم تكن مجرد اتفاقية بين طرفين، وإنما كانت دستورا ينظم العلاقة بين جميع سكان المدينة، ويجعلهم يدافعون عن المدينة دفاعًا مشتركا أمام أي خطر يهددها، ولكن طباع اليهود المعهودة من الغدر والخيانة، هي التي كانت سببا في غزوة بني قريظة، من أجل التخلص من الخطر الذي يشكلونه على المدينة، وكانت أهم نتائج غزوة بني قريظة أن الله سبحانه وتعالى أكرم المسلمين بالخلاص من شر اليهود وفتنتهم داخل المدينة المنورة .
وبين فضيلة الدكتور أسامة مهدي أن اليهود ما زالوا في كتبهم وأحاديثهم يسيئون للمسلمين ويشنّعون عليهم بظلم وبهتان، في محاولة دنيئة لتشويه صورتهم، ولكن الحقيقة هي أن هذا ادعاء باطل يهدف إلى الانتقاص من قدر المسلمين، بينما هم أنفسهم يقتلون ويذبحون الأبرياء، ويمارسون أبشع أنواع الظلم التي عرفتها البشرية عبر تاريخها الطويل.
يُذكر أن ملتقى “السيرة النبوية” الأسبوعي يُعقد الأربعاء من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر وبتوجيهات من فضيلة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، بهدف استعراض حياة النبي محمد ﷺ، وإلقاء الضوء على المعالم الشريفة في هذه السيرة العطرة، وبيان كيفية نشأته وكيف كان يتعامل مع الناس وكيف كان يدبر شؤون الأمة، للوقوف على هذه المعاني الشريف لنستفيد بها في حياتنا.