مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

ملتقى السيرة النبوية بالجامع الأزهر: شخصية عمر بن الخطاب نموذج للصلابة في الحق والعبقرية في بناء الدولة

أحمد مصطفى:

عقد الجامع الأزهر اليوم الأربعاء، اللقاء الأسبوعي لملتقى السيرة النبوية، تحت عنوان: “من سير الصحابة.. عمر بن الخطاب دروس وعبر”، بحضور كل من أ.د صلاح عاشور، أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة الأزهر، وأ.د نادي عبد الله، وكيل كلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهرية، وأدار اللقاء الإعلامي عمر هاشم. 

 

في مستهل هذا الملتقى، أوضح فضيلة الدكتور صلاح عاشور أن تولي عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) الخلافة جاء في لحظة تاريخية فارقة؛ حيث كانت الجيوش الإسلامية مرابطة على جبهات متعددة، مما استوجب قيادة استثنائية، ومن هنا تجلت رؤية الخليفة أبي بكر الصديق في ترشيح عمر خليفةً له، إدراكاً منه لملائمته العالية لمتطلبات تلك المرحلة التي كانت تنشد الحزم والصرامة لضبط التوسع وحماية الدولة، وقد أثبتت الوقائع أن عمر كان الشخصية الأنسب، إذ أدار شؤون البلاد بعبقرية إدارية فذة، لم تقتصر على القيادة العسكرية فحسب، بل شملت بناء المؤسسات وترسيخ العدالة، مما مكن الدولة من استيعاب المتغيرات الكبرى بنجاح.

 

قد يهمك ايضاً:

إغلاق صناديق الاقتراع في جولة الإعادة بالمرحلة الثانية من…

“الوطنية للانتخابات” تعقد مؤتمرا ظهر غد لإعلان…

وأضاف فضيلته أن ملامح الشخصية القيادية للفاروق بدأت بالتبلور مبكراً حتى قبل إسلامه؛ فقد عرف منذ صباه بالقوة والفطنة، وكان من القلة النادرة في مكة التي أتقنت القراءة والكتابة، كما تميز بفصاحة اللسان وقدرة فائقة على الخطابة والتأثير، وقد صقلت تجاربه الحياتية هذه الموهبة الفطرية؛ فعمله في رعي الغنم ما بين الثامنة والثامنة عشرة غرس فيه قيم الصبر والجلد وتحمل المسؤولية، بينما منحه اشتغاله بالتجارة لاحقاً أفقاً واسعاً عبر السفر والاحتكاك بالثقافات، مما عزز خبراته الإدارية وقدرته على التنظيم.

 

من جانبه أوضح فضيلة الدكتور نادي عبد الله أن شخصية عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) كانت مزيجاً فريداً بين القوة في الحق والتواضع لله ولعباده الصالحين، فاستمد هيبته من صلابة تمسكه بالمبادئ لا من سطوة المنصب، كما أن فطرت السليمة والغيرة على القيم كانت متجذرة في نفسه حتى قبل إسلامه، وهو ما لمح فيه النبي ﷺ ملامح القيادة والنفع، فدعا الله أن يعز الإسلام بدخوله فيه، لما توسم فيه من خصال تجعل منه عزاً للأمة وعنواناً لنهضتها؛ فكانت دعوته ﷺ: «اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك: عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام»؛ فكان عمر هو الاختيار الإلهي ليكون حصناً للدين ومناراً للعدل.

 

وأوضح فضيلته أن إسلام سيدنا عمر (رضي الله عنه) شكل نقطة تحول في تاريخ الدعوة الإسلامية؛ إذ بسببه انتقلت الدعوة إلى طور الجهر والإعلان، بفضل قوته في الحق وصلابته التي لا تخشى في الله لومة لائم، وهذا النموذج (عمر بن الخطاب) هو المثال الذي يجب أن يُحتذى به في واقعنا المعاصر؛ بحيث يكون المسلم عزيزاً بدينه، ثابتاً على مبادئه، وصادقاً في مواقفه، بما يخدم رفعة الأمة وإعلاء كلمة الحق.

 

يذكر أن ملتقى “السيرة النبوية” الأسبوعي يُعقد الأربعاء من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر وبتوجيهات من فضيلة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، بهدف استعراض حياة النبي محمد ﷺ، وإلقاء الضوء على المعالم الشريفة في هذه السيرة العطرة، وبيان كيفية نشأته وكيف كان يتعامل مع الناس وكيف كان يدبر شؤون الأمة، للوقوف على هذه المعاني الشريف لنستفيد بها في حياتنا.