مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

ملتقى التفسير: قصة يونس عليه السلام دليل على أن المداومة على ذكر الله في الرخاء تحول أسباب الهلاك إلى وسيلة للنجاة والعون الإلهي

أحمد مصطفى:

عقد الجامع الأزهر اليوم الأحد، ملتقى التفسير ووجوه الإعجاز القرآني الأسبوعي تحت عنوان: “مظاهر الإعجاز في حديث القرآن عن قصة سيدنا يونس” وذلك بحضور كل من أ.د عبد الشافي الشيخ، أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر، وأ.د مصطفى إبراهيم، الأستاذ بكلية العلوم جامعة الأزهر، وأدر الملتقى الدكتور رضا عبد السلام، رئيس إذاعة القرآن الكريم سابقًا.

 

في بداية الملتقى، أشار فضيلة الدكتور عبد الشافي الشيخ إلى الحديث الذي جرى بين سيدنا إبراهيم عليه السلام وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في رحلة الإسراء والمعراج، فقال سيدنا إبراهيم: “يا محمد، أَقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلامَ، وأخبرهم أن الجنَّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ، عَذْبَةُ الْمَاءِ، وَأَنَّهَا قِيعَانٌ، وَأَنَّ غِرَاسَهَا سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ”، وفي هذه الوصية الغالية، يوجه إبراهيم الخليل أمة النبي محمد إلى الإكثار من هذه الكلمات الطيّبات، التي تعد غراس الجنة التي ينبغي للمؤمنين أن يكثروا من زرعها بالذكر والتسبيح والتحميد والتكبير، وهذا التسبيح فيه حصن ونجاة وسعة رزق للمؤمن، لما له من أجر عظيم عند المولى سبحانه وتعالى. 

وبين فضيلة الدكتور عبد الشافي الشيخ أن قول الحق تبارك وتعالى في سياق قصة نبي الله يونس عليه السلام: “فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ”، يؤكد على أن ارتكانه إلى جنب الله تعالى و إكثاره من التسبيح في أيام الرخاء هو ما هيأ له عناية الله في الشدة، فـفوض الله له من أمره وسخر له الحوت والبحر، فجعلهما سبباً لنجاته بدلاً من أن يكونا سبباً لهلاكه، فالتسبيح والذكر الدائم هو بمثابة رصيد إيماني عظيم ينجي العبد وقت الشدائد، وهو ما تجلى في دعاء يونس عليه السلام في بطن الحوت: “لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ”، فاستجاب الله له ونجاه، وهذا دليل أن الله سبحانه وتعالى يسمع دعاء الإنسان في أي مكان.

 

قد يهمك ايضاً:

خطيب الجامع الأزهر: الإحسان يقتضي أن يؤدي كل منا وأجبه على…

المشرف العام على أروقة الأزهر يسلم شهادات تخرج دارسي أسيوط

من جانبه أشار الدكتور مصطفى إبراهيم إلى الإعجاز العلمي في القرآن الكريم بخصوص قصة نبي الله يونس عليه السلام، حيث ورد قوله تعالى: “فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ”، هذه العملية كانت بسيطة نظراً لحجم الحوت الكبير، وقد وقعت بعد أن ألقي يونس من “الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ” إثر القرعة التي وقعت عليه، من أجل تخفيف الحمل على السفينة حتى لا يهلك من فيها، وقد هيأ الله بطن الحوت لإقامة نبيه يونس فيه، فمكث داخله ونادى ربه قائلاً: “لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ”، وذلك “فِي الظُّلُمَاتِ” الثلاث (ظلمة بطن الحوت، وظلمة الليل، وظلمة البحر)، ثم أمر الله الحوت أن يلفظه على الشاطئ (العراء)، كما في قوله: “فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ”، حيث كان النبي يونس يعاني من بعض الأمراض نتيجة وجوده في بطن الحوت، ثم من الله على سيدنا يونس بعد أن لفظه الحوت، فأنبت الله عليه شجرة من “يَقْطِين”، من أن تظلله بأوراقها الناعمة والكثيفة التي لا يتجمع عليها الذباب، وأن يتغذى بثمرتها التي تتميز بكونها سريعة النمو وذات نسبة ماء عالية، لتساعده على التعافي وإرواء ظمئه وهو في حالته السقيمة والواهنة التي خرج بها من بطن الحوت.

وأوضح فضيلة الدكتور مصطفى، بعد أن لفظ الحوت نبي الله يونس عليه السلام على الشاطئ وهو في حالة شديدة من الهزال والإعياء، كما ذكر القرآن الكريم: “فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ” اختيار الله سبحانه وتعالى نبات اليقطين، لم يكن محض صدفة، بل هو إعجاز طبي وغذائي مذكور في قوله تعالى: “وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ” حيث يتميز اليقطين بالعديد من الفوائد التي كانت مناسبة تماماً لحالة يونس عليه السلام؛ فهو يساعد على تنمية أنسجة الجلد وإعادة صبغاته، ويعمل على علاج التهابات الجهاز التنفسي ونوبات الربو، وغني بالفيتامينات الضرورية لنمو العظام والأسنان، بالإضافة إلى كونه ملين للمعدة ومزيل لالتهابات الكلى، وهو ما أثبتته الأبحاث الطبية الحديثة ليؤكد أن نبات اليقطين هو علاج ودواء وغذاء في آن واحد. وبعد أن تماثل للشفاء، أرسله الله سبحانه وتعالى إلى قومه الذين آمنوا به، وقد كان عددهم كما ذكر القرآن الكريم: “مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ”.

 

يذكر أن ملتقى “التفسير ووجوه الإعجاز القرآني يعقد الأحد من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر وبتوجيهات من فضيلة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، ويهدف الملتقى إلى إبراز المعاني والأسرار العلمية الموجودة في القرآن الكريم، ويستضيف نخبة من العلماء والمتخصصين.