مكتبة الإسكندرية تختتم فعاليات مؤتمر العلاقات المصرية الإفريقية
كتب – حمدى شهاب:
شهدت مكتبة الإسكندرية مساء اليوم ختام مؤتمر “العلاقات المصرية الإفريقية: مسار وتحديات”، الذي نظمه قطاع الإعلام والاتصال بمكتبة الإسكندرية بالتعاون مع معهد البحوث والدراسات الاستراتيجية لدول حوض النيل بجامعة الفيوم، لمناقشة مستقبل العلاقات المصرية الإفريقية، وسبل تفعيل الاستثمارات المصرية في إفريقيا، وقوة مصر الناعمة في إفريقيا.
وألقى الكلمة الختامية للمؤتمر الدكتور سيد فليفل؛ رئيس لجنة الشئون الإفريقية بمجلس النواب المصري، تحدث فيها عن سبل استدامة الدور المصري في إفريقيا. وأكد على أهمية استعادة الرؤية المصرية حول الهوية، والتأكيد على الاعتزاز بهوية مصر الإفريقية في جميع المنابر الإعلامية والتعليمية والثقافية.
ولفت إلى أهمية وجود مجلس أعلى للشئون الإفريقية، يرأسه رئيس الدولة، لافتًا إلى أن المجلس سيعمل على تحديد الأهداف العامة وتنسيق الجهود مع الفرق الفرعية.
وتحدث الدكتور سيد فليفل عن أهمية تفعيل الدور المصري في الاتحاد الإفريقي، والتعريف بمؤسساته في الإعلام والمدارس والجامعات. كما أشار إلى أهمية خلق فرص للشباب من أجل الاستثمار في إفريقيا من خلال مشروعات مشتركة في كل دولة.
وشدد على أهمية ربط رؤية مصر 2030 بخطة التنمية الإفريقية 2063. وأضاف: “لم نناقش أجندة 2063 مناقشة علمية على مستوى الدولة، ولم نرتب أنفسنا لها، كما أن الإعلام لم يتداول إلا ملخص صغير من خطة التنمية”. ولفت إلى أن الخطة تهدف إلى تحقيق الوحدة السياسية للقارة، والتكامل الإقليمي، وتعزيز الديمقراطية، وتحقيق الأمن والسلام، والتأكيد على الهوية الإفريقية، مشددًا على أن مصر لديها المقومات التي تساعدها على تحقيق النمو في جميع المحاور السابقة.
وضم المؤتمر ثلاث جلسات، جاءت الأولى بعنوان “الأدوات الاقتصادية والتنموية في إفريقيا”، تحدث فيها الدكتور أحمد قنديل؛ الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، والسفير محمد حجازي؛ مساعد وزير الخارجية الأسبق ومستشار وزير التنمية المحلية، وترأسها الدكتور عزمي خليفة.
قال الدكتور أحمد قنديل إن أكثر من 600 مليون إفريقي محرومين من الكهرباء أي ما يمثل نصف سكان قارة إفريقيا، منهم 61 مليون نسمة في إثيوبيا، و13 مليون شخص في دولة جنوب السودان، مشيرًا إلى أن 848 مليون إفريقي لا يتمتع بوسائل الطهي النظيف، كما يموت 700 ألف شخص سنويًا بسبب الأمراض والمجاعات.
وأضاف أن هذه الدول تسعى إلى توفير احتياجاتها من الكهرباء، وهي الفرصة الذهبية بالنسبة لمصر لتوطيد علاقاتها مع هذه الدول ومساعدتهم في إقامة مشروعات عن طريق وسائل متنوعة ومتجددة، بعيدًا عن المحطات المقامة على نهر النيل التي تؤثر على حصة مصر في نهر النيل.
وأوضح “قنديل” أن هناك تحديات كبري تواجه المستثمرين المصريين وغيرهم في أفريقيا، ومن أبرزها عدم القدرة على الحصول على التمويل اللازم، وعدم توافر الأراضي، وعدم الاستقرار السياسي الذي تشهده أغلب الدول الإفريقية، وارتفاع معدلات الضرائب، وانتشار ظاهرة الفساد، وضعف البنية التحتية، وارتفاع معدلات الجريمة، بالإضافة إلى عدم توافر العمالة المدربة.
وقال السفير محمد حجازي إن معارك الدبلوماسية المصرية للحفاظ على وجودها ومصالحها لا تقل أهمية عن أي معارك تقودها كافة المؤسسات بالدولة، مؤكدًا أن النيل هو محور الحياة بالنسبة لمصر وأن هناك ارتباط وجودي وتاريخي بينهما، كما أنه يمكن أن يكون مقدمة لتعاون كبير بين مصر ودول إفريقيا.
وأوضح حجازي أن سبل التعاون مع دول حوض نهر النيل يمكن أن تتحقق عن طريق خلق رابطة جغرافية مائية وإنشاء طرق سكك حديدية وطريق برية تجمع هذه الدول، ليكون ذلك بمثابة ممرًا للتنمية والتنسيق بين السدود بطول النهر، وهو ما يحقق هدف الدول الإفريقية في حدوث تنمية مع الحفاظ على حقوق مصر في الوقت ذاته.
وجاءت الجلسة الثانية للمؤتمر بعنوان “مبادرة الاتحاد الإفريقي (إسكات البنادق) .. سبل التفعيل”، بحضور اللواء علاء عز الدين منصور؛ المدير الأسبق لمركز الدراسات الاستراتيجية بأكاديمية ناصر العسكرية، والدكتور مساعد عبد العاطي؛ المستشار بالنيابة الإدارية وعضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للقانون الدولي. وترأس الجلسة اللواء الدكتور محمد عبد المقصود؛ رئيس محور دعم القرار بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، مجلس الوزراء.
وقال اللواء الدكتور محمد عبد المقصود إن السنوات الماضية شهدت تراجعًا ملحوظًا في الاهتمام المصري بالقارة الإفريقية، مما جعل مصر تفقد المكانة التي اكتسبتها على مدار سنوات طويلة، وما يتم الآن هو إعادة صياغة لهذا الدور لتعود ريادتها في القاهرة مرة أخرى، مطالبًا وسائل الإعلام المساهمة وفقًا لهذا الإطار.
وقال اللواء علاء عز الدين، إن قارة إفريقيا تتعرض منذ زمن طويل لمحاولات السيطرة على ثرواتها وخيراتها من كل الدول والقوى العظمى، وزاد هذا الضغط من أمريكا والدول الأوروبية عقب تفكك الاتحاد السوفيتي، فوقع على عاتق هذه الدول ضغوط متزايدة للمحافظة على ثرواتها.
وأضاف أن أفريقيا تحتل المرتبة الثانية من احتياطي النفط في العالم كما أن 95% من إنتاج الماس في أفريقيا، مشيرًا إلى أن أمريكا تحرص على التواجد الاستراتيجي في إفريقيا ومنافسة الصين للحصول على الطاقة بأقل تكاليف سياسية بدلاً من الاعتماد على الدول الخليجية.
وأكد عز الدين أن إفريقيا هي العمق الاستراتيجي لمصر التي تحقق لها الأمن المائي والحفاظ على أمن البحر الأحمر، مشددًا على أهمية التواصل المصري الأفريقي لدحر الجماعات الإرهابية الموجودة في بعض الدول الإفريقية والمواجهة الأمنية لها من المنبع.
وتحدث الدكتور مساعد عبد العاطي، عن الوضع القانوني لمياه نهر النيل، مؤكدًا أن الأنهار الدولية لها تشريعات وقوانين دولية تحكم العلاقة بين دول المنبع ودول المصب، والرأي الذي اعتنقته دولة إثيوبيا في فترة من الفترات بأن النهر الدولي يخضع لسيادة الدول هو رأي خاطئ.
وأشار إلى أن حقوق مصر في نهر النيل محفوظة وفقًا للعديد من الاتفاقيات الدولية والخطابات والبرتوكولات الموقعة بينها وبين إثيوبيا، منذ سنوات طويلة، وبالتالي لا يمكن لأي دولة من دول حوض النيل أن تغض الطرف عن حقوق مصر التاريخية المشروعة المكتسبة.
وأوضح عبد العاطي أن سد النهضة أقيم عن طريق انتهاك جميع القوانين الدولية، بداية من اشتراطها إخطار مصر قبل إنشاءه، منتهزين فرصة انشغال مصر بالوضع الداخلي إبان ثورة 25 يناير، حتى تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة مصر، وبدأ في انتهاج سياسة التفاوض مع الجانب الإثيوبي.
وجاءت الجلسة الثالثة للمؤتمر بعنوان “آفاق التواصل الإعلامي والثقافي بين مصر ودول القارة”، تحدثت فيها الدكتورة أماني الطويل؛ مساعد مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، والأستاذ رمضان قرني؛ مدير تحرير مجلة «آفاق أفريقية» بالهيئة العامة للاستعلامات. وترأس الجلسة الدكتور عدلي سعداوي؛ عميد معهد البحوث والدراسات الاستراتيجية لدول حوض النيل بجامعة الفيوم.
وقالت الدكتورة أماني الطويل إن مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية يعمل من خلال أبحاثه ومطبوعاته على تقوية التفاعل المصري الإفريقي، خاصة في الجانب الاقتصادي وتشجيع الاستثمار في القارة الإفريقية.
وفي كلمته، أكد الأستاذ رمضان قرني على أهمية صياغة رسالة إعلامية مصرية جديدة موجهة لإفريقيا، وخلق أدوات نفاذ تعزز التعاون والتفاعيل بين الطرفين. ولفت إلى أهمية عامل الديمومة والاستمرارية، وأن تكون إفريقيا حاضرة في المشهد الإعلامي المصري على مدار العام.
وأضاف: “بعض الأفارقة يعتقدون أن اهتمامنا بالقارة سببه قضية المياه فقط، ويجب أن نعمل من خلال الإعلام على مواجهة تلك النظرة السلبية، وأن نخلق رصيد إيجابي لدى المواطن الإفريقي”.
وشدد في الختام على أن المدخل الرئيسي لتفعيل استراتيجية الدولة تجاه إفريقيا هو قدرة المؤسسات الإعلامية على نقلها والترويج لها وتعزيزها.