أحمد مصطفى:
يواصل الجامع الأزهر عقد الحلقات والملتقيات الفكرية والدعوية، برعاية فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وتأتي أهمية تلك الملتقيات من عدم اقتصارها على الموضوعات والقضايا الدينية والفقهية، ولكنها تركز على العديد من القيم الأخلاقية والروحية التي توجه مسار علاقة الفرد بربه وعلاقته بغيره في المجتمع من أجل تعزيز السلم والتعايش المجتمعي.
وتناولت الملتقيات الدعوية بالجامع الأزهر، خلال اليوم السادس عشر من شهر رمضان المبارك، أهمية الجود والأحسان والعطاء، وحسن الظن بالله، وتربية الأبناء على جبر الخواطر وكافة القيم الدينية القويمة.
عُقد ملتقى “رياض الصائمين”، بعد صلاة الظهر مباشرة، بالظلة العثمانية، ، بعنوان “جبر الخواطر”، بحضور الشيخ/ يوسف محمد منسي، الواعظ بمجمع البحوث الإسلامية، والشيخ/ محمود عبدالجواد، الواعظ باللغات الأجنبية بالجامع الأزهر، وقد ناقش الملتقى مفهوم الجبر والذي يعني الترميم والالتئام وأنه مُشتق من اسم الله الجبار، كما تناول الملتقى العديد من نصوص القرآن الكريم وشواهد السنة النبوية التي تطبق قيمة جبر الخواطر حيث أنزل الله سورة النساء جبرًا لخواطرهن وحفظًا لحقوقهن، ففي قوله “ولِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا” يخص الله النساء كما خصص الرجال، كما يعلمنا النص القرآني جبر خواطر من ليس لهم نصيب في الميراث وحضروا القسمة بقوله تعالى “وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا”، وهو أمر خارج حدود تقسيم التركة ولكن يعلمنا الشرع أن نجبر بخواطر بعضنا البعض. وفي الختام أكد الملتقى أنه في ظل مجتمعات لم تعُد تشعر إلا بالمادة ولا تعترف إلا بها ولا تشعر بالآلام الناس وبدمائهم التى تُسفك ولا تشعر بما يشعر به الأخرين من جوع أو عطش أو فقد أو فراق، وأكد المحاضرون على أهمية التمسك بنصوص القرآن الكريم والسنة ونوجهها تجاه جبر الخواطر فنجد أن الإسلام جاء لجبر خاطر الإنسانية وأن رسولنا صلى الله عليه وسلم هو جابر خاطر الإنسانية وأن الأمة المحمدية وجودها ضرورى في كل مجتمع وفي كل زمان لأنها لم تقف عند حدود المادة وإنما تجاوزتها إلى حدود النفس والروح تنظر إلى الأرواح والنفوس فتطيبها وتجبر بخاطرها. كما أوضحوا أن خُلق جبر الخواطر يمكن يُكتسب ويُعلم حتى يكون ملكة في النفس يجب غرسه في نفوس الأطفال كما يتم تعويدهم على النفقة والصلاة والصدق والصبر.
كما عقد الجامع الأزهر ظهرًا ملتقى “رمضانيات نسائية”، بعنوان “رمضان شهر الجود والإحسان” بحضور أ.د/ اعتماد عبد الصادق عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية سابقًا، د.زينب علي فريد، عضو مركز الفتوى، د.سناء السيد، الباحثة بالجامع الأزهر، أكد المحاضرون على أن شهر رمضان المُبارك تُفتح فيه أبواب الخير وتكثرُ فيه صور الجود والعطاء، وينبغي ألا يقتصر العطاء على رمضان فحسب، بل من المفترض أن يكون تكاتف المسلمين وإعانة بعضهم بعضًا مبدأ عاما مهما ابتعدت بينهما الأجناس والأرحام، واستشهدوا في ذلك بحال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وآل بيته الأطهار، والصحابة الكرام مع خلق الجود والعطاء، فكان سيدنا عبد الرحمن بن عوف مُلقب بالغني الشاكر، ولقبت السيدة زينب أم المؤمنين رضي الله عنها بـ “أم المساكين”. كما ذكروا العديد من صور الجود والأحسان في ضوء قوله تعالى: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) ومنها: الصدقة، الكلمة الطيبة، الابتسامة، إماطة الاذى، وإطعام الطعام.
وفي هذا الإطار أيضًا، عُقد الملتقى الفقي بعنوان “حسن الظن بالله”، عصرًا بالجامع الأزهر، بحضور كل من د.عبد الرحمن ياسين المحمدي، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر، الشيخ زكريا جمال متولي، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، الشيخ محمود عبدالجواد، أحمد الواعظ باللغات الأجنبية بالجامع الأزهر، أوضح المحاضرون أن حسن الظن بالله يعني أن يثق الأنسان ويعتقد اعتقاد جازم بما وعد الله به، ويعتقد أن بعد كل انكسار يأتي جبر من الله، وبعد كل عسر يأتي اليسر من الله، وبعد المرض يأتي الشفاء وبعد الفقر يأتي الغنى، وبعد الموت يرزقنا الله بجنة عرضها السموات والأرض أعدها الله للمتقين. وأكدوا على أن الله يعامل عبده وفقًا لظن العبد بربه فإذا ظن العبد في الله ظنًا حسنًا بأنه سيفك كربه ويفرج همه ويشفي مرضه حقق الله له ذلك، وإذا ظن العبد بربه ظن سوء عامله الله بظنه فيه. وأن حسن الظن بالله يعني التوكل عليه والرضا بقضاءه وقدره وأن تتوقع كل شئ جميل بالله وهو من أهم عبادات القلوب ونتاج العقيدة السليمة والمعرفة الحقيقية بأسماء الله وصفاته الحسنى لأنه اذا تعرف العبد حق المعرفة على أسماء الله وصفاته الحسنى كان أكثرايمانًا بضرورة حسن الظن في الله.
ويواصل الجامع الأزهر عقد المقارئ التعليمية لتجويد وترتيل القرآن الكريم من خلال قراء متخصصين، وتتيح تلك المقارئ الفرصة للسيدات والرجال والوافدين لتعلم القرآن الكريم مباشرة وأونلاين، وفق أعلى معايير الإتقان، وعلى يد نخبة متخصصة من علماء وحفاظ القرآن الكريم بالأزهر الشريف.