مفتي الجمهورية يلقي خطبة الجمعة في أكبر مساجد “إسلام أباد”
كتب – محمد عبد الوهاب:
في إطار زيارته الرسمية إلى باكستان، ألقى فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية- خطبة الجمعة في أكبر مساجد “إسلام أباد”، وقد خصص موضوعها عن قيمة عظيمة من قيم الإسلام وهي “الرحمة وأثرها بين الناس والمجتمعات”.
وقال فضيلة المفتي في الخطبة إن الله سبحانه وتعالى إنما أرسل النبي صلى الله عليه وآله وسلم رحمة بالناس جميعًا، فكان ذلك ترسيخًا لمبدأ الرحمة كأساس قامت عليه دعوة الإسلام، يقول تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين) الأنبياء: 107.
وأضاف مفتي الجمهورية أن الرحمة يجب أن تدخل في كل مناحي الحياة، وفي كافة تعاملاتنا ومن المهم كذلك أن يتحلى بها رجل الدين والدعاة، لذا نحن حريصون في الأزهر الشريف على تعليم طلاب العلم في أول ما يتعلمون حديث الرحمة، وهو قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء».
وأوضح فضيلته أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد عد الراحمين من أهل الجنة، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «أهلُ الجنَّة ثلاثة: إِمام عادِل، ورجلٌ رحيمُ القلب بالمساكين وبكلِّ ذِي قربى، ورجلٌ فقير ذو عِيال متعفِّف»، وهذا يدل على مدى أهمية هذا الخلق الجليل في إشاعة المودة والمحبة بين الناس جميعًا كبيرهم وصغيرهم.
وأشار مفتي الجمهورية إلى أن قيمة الرحمة قد تجسدت في كافة تعاملات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقد وصفه الله سبحانه وتعالى بأنه (بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)، لذا نجد أن السيرة النبوية المطهرة قد زخرت بمواقف كثيرة جدًّا تظهر رحمات النبي ورفقه بالإنسان وحتى الحيوان.
وأضاف فضيلته أن السنة النبوية مليئة بالكثير من الأحاديث الشريفة التي تحثنا على الرحمة والتراحم فيما بيننا، ومن تلك الأحاديث ما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “لن تؤمنوا حتى ترحموا. قالوا: كلُّنا رحيم يا رسول الله، قال: إنه ليس برحمةِ أحدِكم صاحبَه، ولكنها رحمة الناس، رحمة العامة”. أما
رحمة النبي بالحيوان فذكر فضيلة المفتي رحمته صلى الله عليه وآله وسلم بالحيوانات في مواقف كثيرة نقلتها لنا كتب الحديث وكتب السيرة النبوية المشرفة، في معجزات باهرات، فها هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسير يومًا في بستان أحد الأنصار، فيراه جمل من بعيد فيحن إليه الجمل، وأتاه مسرعًا واقترب منه وهو يبكي ومال على النبي صلى الله عليه وآله وسلم كأنه يحدثه، فمسح رسول الله عنقه وجانبه فسكن الجمل. فقال النبي: من صاحب الجمل؟ فقال شاب من الأنصار: هو لي يا رسول الله، قال النبي: “أما تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكها الله لك إنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه”.
بل أخبرنا أن الرحمة بالذبيحة سبيل إلى رحمة الله لنا، فعن معاوية بن قرة عن أبيه – رضي الله عنه – أن رجلًا قال: “يا رسول الله إني لأذبح الشاة وأنا أرحمها، فقال : والشاة إن رحمتها رحمك الله”.
وعن رحمة النبي بالضعفاء، ذكر فضيلة المفتي حديثًا عن أبي مسعود البدري الأنصاري رضي الله عنه قال: “كنت أضرب غلامًا لي، فسمعت من خلفي صوتًا: «اعلم أبا مسعود، للهُ أقدر عليك منك عليه»، فالتفتُّ فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقلت: يا رسول الله، هو حُرٌّ لوجه الله، فقال: «أما لو لم تفعل للفحتك النار –أو- لمستك النار» (صحيح مسلم).
ولفت مفتي الجمهورية أن قيمة الرحمة والتراحم قد سار على نهجها الصحابة الكرام بعد انتقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وتجسدت بعد ذلك طوال التاريخ الإسلامي في صورة عملية متطورة ومنظمة، حيث ظهرت في صورة “الأوقاف” التي كانت تخصص للفقراء والمرضى والأيتام والأرامل وذوي الحاجة حتى الحيوانات.
واختتم فضيلة المفتي خطبته بحث الناس على التراحم فيما بينهم، مشيرًا إلى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء الرحم شجنة من الرحمن فمن وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله».