تناول مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء التقارير الصادرة عن المنظمات الدولية بشأن التلوث البلاستيكي، والتي أشارت إلى أن المواد البلاستيكية ساهمت في دفع النمو العالمي في مختلف القطاعات، ولكن على حساب متزايد بيئيا واقتصاديا واجتماعيّا، حيث يمثل التلوث البلاستيكي في الوقت الراهن أزمة منهجية وعابرة للحدود، تؤثر بشكل غير متناسب على الدول النامية التي تفتقر إلى القدرات الكافية لإدارة النفايات.
وأشار المركز إلى تقرير للمنتدى الاقتصادي العالمي والذي أكد أن الإنتاج العالمي للبلاستيك يبلغ أكثر من 460 مليون طن من البلاستيك سنويًّا ويُقدّر أن 20 مليون طن منها تتسرب إلى المحيطات والنظم البيئية، وتجاوزت التجارة في المواد البلاستيكية 1.1 تريليون دولار، أي ما يعادل 5% من تجارة السلع العالمية.
فيما ذكر تقرير للأونكتاد أن هذا الخلل المتزايد يهدد الصحة العامة، وأنظمة الغذاء، والنظم البيئية، والتنمية المستدامة طويلة الأجل، لا سيما في الدول الجزرية الصغيرة والدول الساحلية.
وبالنسبة للرسوم الجمركية وفق مبدأ الدولة الأولى بالرعاية على منتجات البلاستيك والمطاط، فنجد أنها تراجعت من 34% إلى 7.2% خلال العقود الثلاثة الماضية، مما جعل البلاستيك المعتمد على الوقود الأحفوري زهيد التكلفة بشكل مصطنع. في المقابل، تواجه البدائل الطبيعية مثل الورق، والخيزران، والألياف الطبيعية، والأعشاب البحرية، رسوما جمركية بمتوسط 14.4%.
كما تؤدي هذه الفروقات في المعاملة الجمركية إلى تثبيط الاستثمار في المنتجات البديلة، كما تعرقل الابتكار في الدول النامية التي تسعى إلى تصدير بدائل أكثر أمانا واستدامة للبلاستيك القائم على الوقود الأحفوري.
ويلفت تقرير الأونكتاد الانتباه إلى أن البلاستيك رغم ارتباطه المباشر بالأزمات الثلاث الكوكبية – التلوث، وفقدان التنوع البيولوجي، وتغير المناخ – فلا يزال يفتقر إلى معاهدة دولية شاملة تحكم تركيبه وتصميمه وإنتاجه وتجارته والتخلص منه، ويبرز التقرير أنه مع اشتقاق 98% من البلاستيك من الوقود الأحفوري، يتوقع أن ترتفع الانبعاثات والأضرار البيئية في غياب استجابة متعددة الأطراف ومنسقة، حيث ظلت الجهود المبذولة لمواجهة هذه القضايا مجزأة ومحدودة منذ أواخر الثمانينات، لكن المفاوضات الجارية حاليا لإبرام صك قانوني ملزم دوليا لمكافحة التلوث البلاستيكي تبشر باستجابة عالمية شاملة تغطي دورة حياة البلاستيك بأكملها.
وأشار التقرير إلى أن العديد من الدول تعتمد على تدابير غير جمركية للحد من تدفق المواد البلاستيكية الضارة، مثل الحظر، ومتطلبات وضع العلامات، والمعايير الفنية للمنتجات. إلا أن غياب التناسق بين هذه اللوائح يزيد من تكاليف الامتثال ويبطئ من وتيرة التجارة في السلع الأكثر أمانا واستدامة.
أما فيما يتعلق بالتجارة العالمية لبدائل البلاستيك، فقد بلغت 485 مليار دولار في عام 2023، مع نمو سنوي في الدول النامية بنسبة 5.6%. وتشمل هذه البدائل المواد القابلة للتحلل أو التسميد أو التدوير والمستخلصة من مصادر معدنية أو نباتية أو حيوانية، مثل الزجاج، والأعشاب البحرية، والألياف الطبيعية.
ويوضح التقرير أن الرسوم الجمركية المرتفعة، ومحدودية الوصول إلى الأسواق، وضعف الحوافز التنظيمية تُعيق التوسع في استخدام هذه البدائل المستدامة، لذا تمثل المعاهدة العالمية المقبلة بشأن البلاستيك فرصة محورية لدمج التجارة والتمويل والأنظمة الرقمية في استجابة عالمية متكاملة؛ ففي غياب تنسيق الممارسات التجارية، ستستمر تدفقات البلاستيك والتلوث المصاحب لها في الازدياد.
واستعرض التقرير العناصر التي يجب أن تشملها المعاهدة الناجحة والتي تتضمن ما يلي:
– إصلاح الرسوم الجمركية والتدابير غير الجمركية لدعم البدائل المستدامة.
– الاستثمار في إدارة النفايات وبنية الاقتصاد الدائري
– أدوات رقمية لتعزيز التتبع والامتثال الجمركي
– اتساق السياسات عبر منظمة التجارة العالمية، واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية بازل، والأطر الإقليمية.
من ناحية أخري أشار مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، إلى أن تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي حول النتائج المتوقعة بشأن محادثات معاهدة البلاستيك العالمية قد أوضح أنه مع تزايد القلق العالمي من التلوث البلاستيكي، تعقد الأمم المتحدة مؤتمر اللجنة الدولية للتفاوض”INC-5.2″ في جنيف بين 5 و14 أغسطس 2025، بهدف وضع اللمسات الأخيرة على معاهدة عالمية ملزمة قانونا لإنهاء التلوث البلاستيكي، تُشبه في أهميتها اتفاق باريس للمناخ، وتتناول الدورة الكاملة للبلاستيك من التصميم إلى التخلص النهائي.
حيث أوضح التقرير أن التوقعات تشير إلى أن نفايات البلاستيك قد تصل إلى 1.7 مليار طن بحلول عام 2060، ما قد يكلّف الاقتصاد العالمي نحو 281 تريليون دولار أمريكي للفترة ما بين 2016-2040.
وأوضح التقرير أن المفاوضات السابقة، مثل اجتماع بوسان في عام 2024، لم تنجح في حسم بعض النقاط الخلافية، أبرزها: هل يجب أن تركز المعاهدة على تقليل النفايات فقط أم تشمل دورة حياة البلاستيك بالكامل؟ وهناك أيضا خلاف حول الحد من إنتاج البوليمرات الأساسية وآليات تمويل تنفيذ المعاهدة.
وفي مؤتمر اللجنة الدولية للتفاوض، سوف يتم مناقشة النسخة الحالية لمسودة المعاهدة المقترحة إلى جانب الترتيبات المالية اللازمة لضمان تنفيذ فعال للاتفاق الجديد، مع التركيز على دعم الدول التي تفتقر إلى البنية التحتية لمعالجة النفايات.
وأشار التقرير إلى ما ورد في تقرير المخاطر العالمية لعام 2025 والذي يبرز أن التلوث، وخصوصا التلوث البلاستيكي، يُعد من بين أخطر التهديدات على البيئة خلال السنوات العشر القادمة، حيث أن معظم هذا التلوث ناتج عن المنتجات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، مثل الزجاجات والأكياس والأكواب.
كما يشير إلى أن النفايات والأنشطة الصناعية والبناء والزراعة تُعدّ المصادر الرئيسة للتلوث البري، والذي غالبا ما ينتشر عن طريق جريان مياه الأمطار ومياه المدن، حيث يُعدّ تدفق المياه من اليابسة إلى البحار أكبر مصدر لتلوث البلاستيك البحري، حيث تُشكّل الجسيمات البلاستيكية الدقيقة نسبة كبيرة منه، وتشير بعض التقديرات إلى أن أكثر من 90% من البلاستيك في المحيطات هي جسيمات بلاستيكية دقيقة.
وأفاد أن التلوث البلاستيكي لا يهدد الحياة البحرية فقط، بل يساهم أيضا في فقدان التنوع البيولوجي وتدهور النظم البيئية، كما أن إنتاج واستخدام وإدارة نفايات البلاستيك تُسهم في نحو 4% من الانبعاثات العالمية للغازات الدفيئة، وتؤثر الجزيئات الدقيقة بشكل متزايد على صحة الإنسان من خلال دخولها إلى السلسلة الغذائية.
ورغم أن بعض الدول بدأت في فرض حظر على البلاستيك ذو الاستخدام الواحد، إلا أن التأثير ما زال محدودا بسبب غياب التحرك العالمي المنسق، ومن هنا، تُعد المعاهدة الجديدة ضرورية لإيجاد التزام عالمي مشترك وتفعيل اقتصاد دائري يُعيد استخدام البلاستيك ويُقلل من إنتاجه.
وشدد التقرير على أن المعاهدة يجب أن تكون شاملة وعادلة، لأن العديد من الدول لا تمتلك البنية التحتية اللازمة لمعالجة النفايات البلاستيكية، كما أن أنماط الإنتاج والاستهلاك العابرة للحدود تعني أن البلاستيك غالبا ما ينتهي في دول لا تملك القدرات اللازمة للتعامل معه.
وأشار المنتدى الاقتصادي العالمي أنه يعمل من خلال مبادرة الشراكة العالمية للعمل ضد التلوث البلاستيكي على دعم الدول عبر تقديم المشورة الفنية وبناء القدرات، لتحويل التزامات المعاهدة إلى خطط عمل وطنية، تضمن تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع.
التعليقات مغلقة.