مصر البلد الإخبارية تنشر قصيدة إيليا أبو ماضي “الطين”
قصيدة “الطين”
شعر/ إيليا أبو ماضي
نسي الطين ساعة أنه طين ؛؛؛ حقير فصال تيها و عربد
و كسى الخزّ جسمه فتباهى ؛؛؛ و حوى المال كيسه فتمرّد
يا أخي لا تمل بوجهك عنّي ؛؛؛ ما أنا فحمة و لا أنت فرقد
أنت لم تصنع الحرير ؛؛؛ الذي تلبس و اللؤلؤ الذي تتقلّد
أنت لا تأكل النضار إذا ؛؛؛ جعت و لا تشرب الجمان المنضّد
أنت في البردة الموشّاة مثلي ؛؛؛ في كسائي الرديم تشقى و تسعد
لك في عالم النهار أماني ؛؛؛ وروءى و الظلام فوقك ممتد
و لقلبي كما لقلبك أحلا ؛؛؛ م حسان فإنّه غير جلمد
…
أأماني كلّها من تراب ؛؛؛ و أمانيك كلّها من عسجد ؟
و أمانيّ كلّها للتلاشي ؛؛؛ و أمانيك للخلود المؤكّد !؟
لا . فهذي و تلك تأتي و تمضي ؛؛؛ كذويها . و أيّ شيء يؤبد ؟
أيّها المزدهي . إذا مسّك السقم ؛؛؛ ألا تشتكي ؟ ألا تتنهد ؟
و إذا راعك الحبيب بهجر ؛؛؛ ودعتك الذكرى ألا تتوحّد ؟
أنت مثلي يبش وجهك للنعمى ؛؛؛ و في حالة المصيبة يكمد
أدموعي خلّ و دمعك شهد ؟ ؛؛؛ و بكائي ذلّ و نوحك سؤدد ؟
وابتسامتي السراب لا ريّ فيه ؟ ؛؛؛ و ابتسامتك اللآلي الخرّد ؟
فلك واحد يظلّ كلينا ؛؛؛ حار طرفي به و طرفك أرمد
قمر واحد يطلّ علينا ؛؛؛ و على الكوخ و البناء الموطّد
إن يكن مشرقا لعينيك إنّي ؛؛؛ لا أراه من كوّة الكوخ أسود
النجوم الني تراها أراها ؛؛؛ حين تخفي و عندما تتوقّد
لست أدنى على غناك إليها ؛؛؛ و أنا مع خصاصتي لست أبعد
…
أنت مثلي من الثرى و إليه ؛؛؛ فلماذا ، يا صاحبي ، التيه و الصّد
كنت طفلا إذ كنت طفلا و تغدو ؛؛؛ حين أغدو شيخا كبيرا أدرد
لست أدري من أين جئت ، و لا ما ؛؛؛ كنت ، أو ما أكون ، يا صاح ، في غد
أفتدري ؟ إذن فخبّر و إلاّ ؛؛؛ فلماذا تظنّ أنّك أوحد ؟
…
ألك القصر دونه الحرس الشا ؛؛؛ كي و من حوله الجدار المشيّد
فامنع اللّيل أن يمدّ رواقا ؛؛؛ فوقه ، و الضباب أن يتلبّد
وانظر النور كيف يدخل لا ؛؛؛ يطلب أذنا ، فما له ليس يطرد ؟
مرقد واحد نصيبك منه ؛؛؛ أفتدري كم فيك للذرّ مرقد ؟
ذدتني عنه ، و العواصف تعدو ؛؛؛ في طلابي ، و الجوّ أقتم أربد
بينما الكلب واجد فيه مأوى ؛؛؛ و طعاما ، و الهرّ كالكلب يرفد
فسمعت الحياة تضحك منّي ؛؛؛ أترجى ، و منك تأبى و تجحد
…
ألك الروضة الجميلة فيها ؛؛؛ الماء و الطير و الأزاهر و النّد ؟
فازجر الريح أن تهزّ و تلوي ؛؛؛ شجر الروض – إنّه يتأوّد
و الجم الماء في الغدير و مره ؛؛؛ لا يصفق إلاّ و أنت بمشهد
إنّ طير الأراك ليس يبالي ؛؛؛ أنت أصغيت أم أنا إن غرّد
و الأزاهير ليس تسخر من فقري ؛؛؛ و لا فيك للغنى تتودّد
…
ألك النهر ؟ إنّه للنسيم ؛؛؛ الرطب درب و للعصافير مورد
و هو للشهب تستحمّ به ؛؛؛ في الصيف ليلا كأنّها تتبرّد
تدعيه فهل بأمرك يجري ؛؛؛ في عروق الأشجار أو يتجعّد ؟
كان من قبل أن تجيء ؛ و تمضي ؛؛؛ و هو باق في الأرض للجزر و المد
…
ألك الحقل ؟ هذه النحل تجي ؛؛؛ الشهد من زهرة و لا تتردّد
و أرى للنمال ملكا كبيرا ؛؛؛ قد بنته بالكدح فيه و بالكد
أنت في شرعها دخيل على الحقل ؛؛؛ و لصّ جنى عليها فأفسد
لو ملكت الحقول في الأرض طرّا ؛؛؛ لم تكن من فراشة الحقل أسعد
أجميل ؟ ما أنت أبهى من الور ؛؛؛ دة ذات الشذى و لا أنت أجود
أم عزيز ؟ و للبعوضة من خدّيك قوت ؛؛؛ و في يديك المهند
أم غنيّ ؟ هيهات تختال لولا ؛؛؛ دودة القز بالحباء المبجد
أم قويّ ؟ إذن مر النوم إذ يغشاك ؛؛؛ و الليل عن جفونك يرتد
وامنع الشيب أن يلمّ بفوديك ؛؛؛ و مر تلبث النضارة في الخد
أعليم ؟ فما الخيال الذي يطرق ليلا ؟ ؛؛؛ في أيّ دنيا يولد ؟
ما الحياة التي تبين و تخفى ؟ ؛؛؛ ما الزمان الذي يذمّ و يحمد ؟
أيّها الطين لست أنقى و أسمى ؛؛؛ من تراب تدوس أو تتوسّد
سدت أو لم تسد فما أنت إلاّ ؛؛؛ حيوان مسيّر مستعبد
إنّ قصرا سمكته سوف يندكّ ؛؛؛ و ثوبا حبكته سوف ينقد
لايكن للخصام قلبك مأوى ؛؛؛ إنّ قلبي للحبّ أصبح معبد
أنا أولى بالحب منك و أحرى ؛؛؛ من كساء يبلى و مال ينفد