مرصد الإفتاء تعليقًا على إصدار “غزوة الثأر للعفيفات”:داعش يبحث بين النساء والأطفال وذوي الإعاقة عن البقاء بعد أن فقد مقاتليه
كتب – محمد عبد الوهاب:
في خطوة جديدة تحمل دلالة على تراجع المقاتلين في صفوف تنظيم داعش الإرهابي وانحسار دوره نشر التنظيم إصدارًا جديدًا عبر وكالة أعماق التابعة له يحمل عنوان “غزوة الثأر للعفيفات”؛ يحث فيه نساء التنظيم وذوي الاحتياجات الخاصة – ممن فقدوا أيديهم أو أرجلهم في المعارك – على المشاركة في القتال وحمل السلاح.
حيث أكد مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء في تعليقه على الفيديو أن التنظيم الذي كان يمتهن المرأة ويهمش دورها ويحصره في أعمال المنزل وتربية الأطفال أصبح يطالبها اليوم – من خلال الفتاوى – بالمشاركة في القتال، حيث أظهرها في هذا الإصدار وهي تشارك الرجال القتال في سوريا من خلال بعض اللقطات، بجانب ظهور أحد المقاتلين من ذوي الإعاقة الذي فقد إحدى ساقيه في المعارك.
مشيرًا إلى أنه لأجل هذا التجنيد فقد دأب التنظيم على استخدم سلاح الفتوى؛ لإضفاء شرعية دينية على مشاركتها الرجال في المعارك، واستخدم عنوان “غزوة الثأر للعفيفات” لإثارة مشاعرهن وشحذ هممهن للمشاركة وأن القتال هذه المرة جاء ثأر للنساء.
وأوضح المرصد أن التنظيم من أجل إضفاء الصبغة الشرعية على دعوته لمشاركة النساء في القتل قد استند إلى بعض الفتاوى التي تحث النساء على المشاركة في المعارك، مشيرًا إلى فتوى صدرت في العام 2000 من قبل التنظيم تحث النساء على القيام بعمليات انتحارية، فهذه الطريقة قد ظهرت في بداية الألفية في حرب روسيا والشيشان، بين عامي 2000 و2004م في ظاهرة ما يعرف بـ “بالأرامل السوداء”.
مضيفًا أن بعض الدراسات أشارت إلى ظاهرة استغلال التنظيم للفتوى كإحدى أهم أدوات التجنيد لضم الكثيرين إلى صفوف التنظيم، والذي أصبح يعاني قلة المقاتلين في صفوفه، للدرجة التي لجأ التنظيم لتجنيد النساء والأطفال وحتى ذوي الإعاقة.
وتابع المرصد أن فتاوى مشاركة المرأة في العمليات القتالية ليس الضابط فيها شرعيًّا، والتي تنوعت بين الوجوب والجواز والتحريم، إنما الضابط فيها حاجة التنظيم إلى مقاتلين في صفوفه من عدمه، فإذا ألزمت الحاجة التنظيم للمشاركة النسائية أصدر فتوى تبيح لها ذلك، مثلما حدث في العام 2000 حينما قرر بعض الأزواج حث نسائهم على القيام بأعمال انتحارية، وأيدتها فتوى أخرى في العام 2015م من “أبو بكر البغدادي” زعيم التنظيم تجيز تدريب النساء للمشاركة مع أزواجهن في المعارك في حال نقص أعداد المقاتلين.
لكن فتوى وجوب مشاركة المرأة في القتال تراجعت من درجة الواجب والإلزام إلى الجواز ثم كراهية المشاركة مع تزايد أعداد المقاتلين داخل صفوف التنظيم، كما في العام 2016، فالتحاق أعداد جدد من المقاتلين في هذا العام حمل التنظيم على إصدار فتوى تحرم على المرأة المشاركة في القتال خشية الفتنة.
لكن مع كثافة الضربات والهزائم التي مُني بها التنظيم وفقدانه الكثير من الأعداد والأرض جعل العمل بهذه الفتوى لم يدم طويلاً، إذ إن حاجة التنظيم لأعداد جدد من المقاتلين قد ألجأته لإعادة تدوير أو نشر فتوى أخرى في العام 2017 توجب على المرأة المشاركة في القتال بجانب الرجل، مستشهدين على ذلك بفعل نساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، حيث جعلت الفتوى أمر قتال المرأة واجبًا بعد أن كان اختياريًّا.
من ناحية أخرى أشار المرصد إلى أن الإصدار الجديد حرص على إظهار ذوي الاحتياجات الخاصة والأطفال؛ ليعطي رسالة لأتباعه بأن الإعاقة لا تعني انتهاء القتال، وإنما عليهم مواصلة حروبهم حتى ولو أصيبوا خلال المعارك حتى يضمن الدعم المستمر داخل صفوفه وحتى يحث أصحاب العاهات منهم على مواصلة القتال داخل صفوفه إلى آخر قطر دم.
أما فيما يخص الأطفال فقد حرص على إبراز أبناء المقاتلين في الفيديو في إشارة إلى أنهم هم من سيواصل المسيرة، ولعل تجنيد النساء والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة داخل صفوف التنظيم يعد رافدًا مهمًّا للتنظيم بعد انفضاض الناس عنه.
واختتم المرصد بيانه في تعليقه على هذا الإصدار بأن مثل هذه الإصدارات كاشفة عن تراجع القوة القتالية للتنظيم، بجانب كشفها طريقته في استخدام الفتوى كأداة للتجنيد يُوجِّه بها أتباعه حيث تقتضي مصلحة التنظيم وليس المصلحة الشرعية.