أكد محمد غزال، رئيس حزب مصر 2000، أن الجغرافيا السياسية لم تعد مجرد علم نظري يدرس العلاقة بين المكان والسياسة، بل أصبحت أداة استراتيجية محورية في فهم السلوك الانتخابي وصياغة الخريطة السياسية في مصر، مشيرًا إلى أن إدراك الأبعاد الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية لكل منطقة يمثل مفتاحًا رئيسيًا لتحقيق العدالة في توزيع الدوائر وضمان تمثيل واقعي للمواطنين داخل البرلمان.
وأضاف “غزال” أن رسم حدود الدوائر بدقة يمنع تداخل المصالح، ويجعل كل دائرة معبّرة فعليًا عن كتلتها السكانية، وهو ما يرسّخ ثقة المواطن في النظام الانتخابي ويعزز مصداقية البرلمان كمؤسسة رقابية وتشريعية تعبّر عن كل فئات المجتمع.
وأوضح محمد غزال في تصريح لـه أن توزيع الدوائر الانتخابية يجب أن يستند إلى التوزيع الجغرافي الحقيقي للسكان، بما يحقق التوازن بين الريف والحضر، والصعيد والدلتا، والمدن الساحلية، مؤكدًا أن العدالة الجغرافية هي الضمان الأول لنزاهة العملية الانتخابية ولصيانة مبدأ المساواة بين المواطنين في التمثيل النيابي.
وأشار إلى أن الجغرافيا السياسية لا تقتصر على تقسيم الدوائر فحسب، بل تمتد لتوجيه الخطاب والبرامج الانتخابية ذاتها، موضحًا أن احتياجات المناطق الساحلية تختلف عن احتياجات محافظات الصعيد أو الدلتا، فبينما تحتاج الأولى إلى برامج تنمية واستثمار سياحي، تركز الثانية على تطوير البنية التحتية ودعم الزراعة والصناعات الصغيرة.
وقال: إن هذا الوعي الجغرافي يساعد الأحزاب على صياغة برامج واقعية وقابلة للتطبيق، كما يساهم في اختيار المرشحين الأنسب الذين يعكسون طبيعة المجتمع المحلي وثقافته، ويعززون الثقة بين الناخبين وممثليهم.
وفي سياق متصل، أكد علي أن سلوك الناخبين يتأثر بالعوامل الجغرافية والاجتماعية، فالمشاركة السياسية في المدن تختلف عنها في الريف أو المناطق الحدودية، كما أن الانتماءات القبلية والعائلية لا تزال تلعب دورًا مؤثرًا في بعض المحافظات.
وأضاف أن الظروف الاقتصادية والفرص التنموية داخل كل منطقة تشكّل عنصرًا حاسمًا في توجهات التصويت، مشددًا على ضرورة أن تراعي البرامج الانتخابية هذه المتغيرات لضمان التفاعل الحقيقي مع المواطن واحتياجاته اليومية.
وشدد على أن البرلمان القائم على فهم دقيق للجغرافيا السياسية سيكون أكثر قدرة على دعم التنمية المستدامة، من خلال تشريعات تراعي التوزيع الإقليمي للموارد والخدمات، وتعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة بين المحافظات.
وختم تصريحه بالتأكيد على أن الجغرافيا السياسية أصبحت اليوم ركيزة أساسية في بناء الديمقراطية الحديثة، وأن إدماجها في التخطيط الانتخابي هو الضمان الحقيقي لبرلمان قوي يعكس الواقع المصري بكل تنوعه، ويعمل بفاعلية على دعم مسيرة الدولة في الإصلاح والتنمية.
وقال: «حين ندرك أن لكل منطقة في مصر خصوصيتها واحتياجاتها، نصنع برلمانًا أكثر توازنًا وعدالة، ونُعيد للسياسة معناها الأصيل كأداة لخدمة الإنسان والتنمية».
