محمد حسن حمادة يكتب: “عفرين” قصة قصيرة
بينما تتقدم القوات التركية وتتوغل في (عفرين) الواقعة ضمن حدود محافظة حلب السورية لتأديب العناصر الكردية والحيلولة لإجهاض مشروع قيام دولة كردية، تمر الحملة العسكرية التركية علي بيت سليمان الحلبي الكردي الأصل المولود بقرية (كوكان) بالقرب من “عفرين”، لفت نظر أحد الجنود الأتراك لافتة مكتوب عليها بالعربية والإنجليزية والكردية هذا منزل البطل سليمان الحلبي الذي قتله الفرنسيون عام 1800 عقب إغتياله للجنرال كليبر الحاكم العام لمصر.
دلف الجندي التركي إلي داخل المنزل المتهالك ليجد في صحن البيت لفافة قديمة تحوي تاريخ البطل المجاهد سليمان الحلبي الذي أرسله والده المتدين محمد آمين للقاهرة للدراسة في الأزهر الشريف، حج مرتين مع الحجيج المصري، قطع دراسته بالأزهر مرتين وعاد إلى حلب عندما علم بمرض والده وبعد أن اطمأن عليه عاد للقاهرة لاستكمال دراسته في الأزهر الشريف.
وفي أثناء عودته مر ببيت المقدس، كانت الأنباء قد تواترت عن فشل ثورة القاهرة والمجازر والمذابح التي ارتكبها الفرنسيون في مصر لكل الأقطار العربية والإسلامية فأقسم سليمان الحلبي بأغلظ الأيمان بالثأر للشعب المصري.
في مارس عام 1800، صلى بالمسجد الأقصي ثم توجه لمدينة الخليل ليلتقي بإبراهيم بك ورجاله في نابلس ثم بعد ذلك توجه إلي غزة في ضيافة ياسين آغا أحد أنصار إبراهيم بك في الجامع الكبير سلمه سليمان رسالة من أحمد بك آغا المقيم في حلب تتعلق بخطة تكليفه بقتل الجنرال كليبر.
وصل سليمان الحلبي إلي القاهرة وظل يراقب كليبر لأكثر من شهر وفي 14 يونيو عام 1800، قرر تنفيذ مهمته السامية فتسلل إلي حديقة قصر كليبر وارتدي زي شحاذا يحاول تقبيل يد الحاكم العام لمصر فمد كليبر يده إلي سليمان الحلبي فقبض عليها بقوة وطعنه أربع طعنات قاتلة مات كليبر علي إثرها ولاذ الحلبي بالفرار ولكن استطاع رجال الجنرال مينو القبض عليه وعقدت له محاكمة صورية سريعة حكم فيها علي سليمان الحلبي بحرق يده اليمني ووضعه علي الخازوق حتي الموت.
أقدم سليمان الحلبي علي وضع يده في النار دون أن ينبس ببنت شفه وحتي عندما وضُع علي(الخازوق) لم يتأوه بأهٍ واحدة، كما كان بطلاً طيلة الأربع ساعات ونصف التي قضاها بعد تنفيذ عقوبة الخازوق ولم يستطع الفرنسيون التشفي فيه حتي قضي نحبة.
هكذا كنا جسدا واحدا إذا اشتكت القاهرة آنت القدس وإذا أصاب إسطنبول مكروها أصيبت دمشق بالصداع، فخطة قتل كليبر وضعت في القدس بعقل عثماني وبتنفيذ سوري للثأر لمصر وللشعب المصري من إنتهاكات نابليون ولحملته الفرنسية هكذا كنا.
إغرورقت عين الجندي التركي بالدموع وصار يبكي بكاءً هيستيريا ولم ينقذه من لعنات التاريخ إلاصوت قائده يخبر جنوده بأن مجلس الأمن يدعو لعقد اجتماعا طارئا لبحث انتهاكات القوات التركية في سوريا بناءً علي طلبٍ فرنسي فهكذا صرنا…