مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

محمد حسن حمادة يكتب حصريا لمصر البلد: سوق السعادة

2

جال في كل مكان يبحث عن سوق السعادة بعدما راودته رؤيا في منامه تكررت كثيرا لكن هذه المرة كانت بصورة أوضح ودون رموز، شاهد في منامه شيخا معمما عمامتة خضراء ولحيتة بيضاء كثة بجلباب أبيض ووجه بشوش يضيء نورا تبدو عليه ملامح الصلاح والتقوي يمد إليه يده ويأمره بالنهوض ليذهبا معا إلي سوق السعادة فيندهش محمد حسان ويسأل الشيخ وهل هناك سوق للسعادة فيومئ إليه الشيخ برأسه نعم هلمً إليً، فيصطحبه إلي مكان أشبه بروضة من رياض الجنة، وماهي إلا ومضة استفاق محمد علي إثرها وخريطة المكان برأسه والحلم مطبوع في ذاكرته.

طرق أبواب الشيوخ والمفسرين يطلب منهم تفسير رؤيته فقالوا له جميعا علها أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين، ولم نسمع من قبل عن سوق للسعادة، فجالس العطارين والعرافين فلم يأولوا رؤياه، ولما أعيته الحيل جاور بائعي الزهور ريثما يجد سوق السعادة حتي أشفق عليه أحدهم ورق لحاله فنصحه بقراءة كتاب طوق الحمامة لابن حزم الأندلسي فقد يجد فيه بغيته ولكنه لم يجد شيئا فعاد لناصحه حتي يعرف منه سر وصفته هذه فقال له: عليك بالحب فلن يداويك إلا قلب”.

مل من البحث عن السعادة، وأيقن أنها مطلب صعب المنال وأنها من رابع المستحيلات، فذهب لأستاذه وبعدما روي له مأساته نصحه: قبل أن تبحث يابني عن السعادة عليك أن تبدأ بخطوة مهمة أن تتخلص أولا من الكآبة وتنفض غبار التعاسة، قبل أن تفكر في تركيب ضرس جديد فكر أولا في خلع ضرسك المريض الذي يؤلمك، بع رداء الحزن أولا حتي تشتري ثوب الفرح ومن ثم تجني السعادة، واعلم ياولدي أن السعادة لا تتمثل في فانوس سحري بمجرد أن ( تدعكه ) ستأتيك، فالسعادة لها مقدمات وأركان وضوابط وأصول، ماذا قدمت حتي تنال السعادة؟

السعادة ليست في اتجاه واحد وزاوية واحدة فالسعادة تجدها في رضا والديك، في دعوة صالحة منهما تخرج من قلبيهما تخترق الحُجب وتصل إلي عنان السماء،

السعادة الحقيقية أن تصنع المعروف فتجد لذة غامرة في عمل الخير، أن تكون متصالحا مع نفسك، أن تترفع عن الصغائر، أن تكون معطاءً ولاتنتظر المقابل.

قد يهمك ايضاً:

أنور ابو الخير يكتب : توحش المصلحجية

الصحة النفسية ….الرهاب الاجتماعى …حلقة 39

السعادة الكبري ياولدي أن تكون شمعة تحترق للآخرين، السعادة أن تضىء الطريق لغيرك، أن تقبض علي زمام حريتكَ، أن تعيش حرا كريما في وطن حر كريم، لاذليلا في وطن ذليل كسيح مسلوب الإرادة مكبل بالقيود والأغلال.

وبلهفة وشوق يترجي معلمه دلني علي سوق السعادة ياأستاذي؟

الأمر ليس بهذه البساطة ياولدي فحتي تصل لسوق السعادة لابد أن تسلك درب الآلام.

وأين هو درب الآلام ياأستاذي!؟

عندما ينكسر قلبك ويتحطم فؤادك، عندما تتذوق مرارة الحنظل وتنسكب منك العبرات وتذرف الدموع والآهات، وتعيش بجبال التيه وتتجرع من كأس الخيانة والخذلان وتفقد الأحباب والخلان، عندما توقن أنك عابر سبيل وأن هذه الدنيا الفانية ماهي إلا جسر للعبور إلي الضفة الأخري الباقية، عندما تشعر أنك وحدك ومن ثم تلجأ إلي الله وترضي بقضائه وقدره، وعندما ترضي بالقضاء سيرفع عنك البلاء، وتعلم أن ماأنت فيه ما هو إلا نوع من الاصطفاء ووقوع الاختيار عليك لهو عين السعادة ودليل علي رضا الرب وأن رحلة العمر لم تنته بعد، فجمال الدنيا ياولدي أن تكون في شد وجذب معها تعاركها وتعاركك تنازعها وتنازعك تنتصر عليك وتهزمك فتنهض من جديد فتركلك ثانية فتعاود النهوض وتأبي الاستسلام، لكن إذا صفت لك ياولدي فاعلم أنها النهاية، إذا صفت لك ياولدي فاعلم أنها النهاية.

مقطع من روايتي عندما يشعلون النار في ميدان التحرير.

التعليقات مغلقة.