مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

محمد حسن حمادة يكتب: السر في الشمال النصر لن يأتي إلا من الشمال! كيف ألهتنا كرة القدم عن غزة؟

ما أحقرنا نحن العرب عشرات الآلاف من المشجعين يزحفون وراء أنديتهم يعبرون الحدود ويقطعون مئات الكيلومترات ويدفعون عشرات الآلاف لنصرة كرة القدم يملأون الدنيا ضجيجا رافعين أعلام أنديتهم ملوحين بعلامة النصر والإعلام يزحف خلفهم لتغطية أم المعارك الكروية سواء نهائي الكونفيدرالية أو نهائي دوري أبطال أفريقيا وعندما تحدثهم عن غزة يصيحون بأعلى صوت لبيكِ ياغزة لبيكَ ياأقصى! وأقصى مساندة منهم لافتة كبيرة بطول المدرج لدعم غزة وكأنهم بهذا يغسلون أيديهم من دماء أهل غزة ويقطعون علاقتهم بالقضية، كيف ألهتنا كرة القدم عن غزة؟

 

لن أدعي الملائكية فلست خارج هذه الدائرة فأنا أيضا ناصرت فريقي المفضل الأهلي واحتفلت بفوزه ببطولة دوري أبطال أفريقيا على وسائل التواصل الاجتماعي في عز المجازر والمذابح والموت والخراب والدمار ووسط بركان حمم الإبادة الجماعية وشاهدت أهل غزة يذبحون على خيمة لا على حجر كالقرابين!.  وكأن هذه الدماء التي سالت محتها فرحة الفوز بمباراة في كرة القدم! ونسينا أو تناسينا المباراة الحقيقية، مباراة الأبطال التي تجري على ملعب غزة!

 

عندما أعقد لنفسي كشف حساب يحاسبني ضميري ماذا فعلت للأقصى؟ فأرد: كتبت عدة مقالات وأجريت حوارا مع أحد المرابطين بالمسجد الأقصى! وبعض أهالينا في غزة أشادوا بمقالاتي كما قمت بصناعة فيديو يناصر القضية، مع بعض (بوستات) الشجب، والإدانة والاستنكار، وعلى تطبيقي (التيك توك وكواي) شيرت مجموعة من الفيديوهات تناصر أهالينا بغزة وفي أحدى المحافل ارتديدت الكوفية الفلسطينية، وفي كل حواراتي ومناقشاتي أدعم بشدة القضية الفلسطينية ويشهد الله في النسخة الأخيرة لمعرض القاهرة الدولي للكتاب كنت أنوي تسجيل فيديو من جناح فلسطين بالمعرض أدعم فيه أهالينا بغزة ولكن لم يتيسر لي، كما أحرص بشكل كبير على مقاطعة المنتجات والشركات التي تدعم الكيان الصهيوني كما أنني أدعو في كل وقت وصلاة بنصرة أهالينا في فلسطين”.

قد يهمك ايضاً:

أنور ابو الخير يكتب: الرئيس والشعب هو الأصل والمعيار

العمل التطوعي

هل هذا كافيا يافتى؟ للأسف أوهمني شيطاني بأنه ليس في الإمكان أبدع مما كان فاستسلمت لإغوائه ونجح بالفعل في تسكين ضميري، لكن يشهد الله في الساعات الماضية ومع تصاعد وتيرة الأحداث بغزة شعرت بخيبة أمل كبيرة وبتقصير شديد وبالخجل من نفسي ولوم ووخز شديدين من قلمي وهو يعاتبني لماذا لم تملأ الدنيا ضجيجا بقلمكَ؟ لماذا لم تصرخ بصوت أعلى؟ لماذا توقفت؟ فطأطأت رأسي خاسئا ذليلا باكيا معتذرا ويحي ماذا فعلت؟ كيف تخليت عن عروبتي وعن مقدسي؟ كيف تركت سلاحي (قلمي) في وسط المعركة؟ لماذا آثرت المكوث في مقاعد المتفرجين عكس الأيام الأولى من طوفان الأقصى؟ لماذا فتر حماسي؟ هذا التخاذل معلق في رقبتي إلى يوم الدين لن يزول بملء الأرض ذهبا!

فيثبطني شيطاني: ومن أنت أيها المغرور المدعي من تظن نفسكَ فلست هيكل أو أنيس منصور حتى تصور لكَ نفسكَ أن قلمكَ سيغير من الأمر شيئا!؟

نعم هذا صحيح ولكن هذا أضعف الإيمان وهذه أدواتي وما أقدمه حتى ولو كان متواضعا فأنا أبرئ به نفسي أمام ربي يوم العرض العظيم والأعمال بالنيات والله سبحانه وتعالى قد أقسم بالنفس اللوامة وأن تأتي متأخرا خيرا من أن لا تأتي وما لايدرك كله لا يترك كله، أعتقد أن هناك مثلي كثيرون خدرنا ضمائرنا وتلفحنا برداء الجبن ليأتي العقاب الإلهي سريعا فبين غمضة عين وانتباهتها وجدنا رفح في بطن الحوت لنردد في صوت واحد مع أهل غزة دعاء سيدنا يونس عليه السلام [لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين]. خشية من نفس المصير ورغم كل هذا التخاذل وهذه الانهزامية مازالت عيونهم ترحل إلينا كل يوم منتظرة العون والمدد بل ويرددون بصوت واحد السر في الشمال النصر لن يأتي إلا من الشمال!

التعليقات مغلقة.