مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون
آخر الأخبار

محمد حسن حمادة يكتب:قامات طنانية…عم محمدي حلواني طنان

عندما بكى الإعلامي الشهير جابر القرموطي على الهواء بسبب عم محمدي!
أن تكتب عن شخصية بعينها بناءً على رغبتك فهذا هو المطلوب لكن أن تكتب أيضا بناءً على رغبة الناس فهذا لا يتحقق معي كثيرا، فلست من أنصار من يجارون الموجة، فلا أكتب إلا عن قناعة، ورغم أنني كتبت عن عم محمدي كثيرا لكن مازال الشباب يطالبونني بالكتابة عنه وعن عزيمته وإرادته متعه الله بالصحة والعافية ورزقه سعادة الدارين وما عليً إلا التلبية.

أرى عم محمدي صباحا بصورة شبه يومية وأنا أستقبل يوما جديدا متجه إلى عملي وهو متجه إلى عمله نعم متجه إلى عمله في هذه السن! وأي عمل يعمل به؟ يعمل في ( الفاعل).
نعم في ( الفاعل). ياالله في ( الفاعل! ) وحتى هذه السن؟ نعم حتى هذه السن! فحتى وقت قريب كان يحمل الطوب والرمل والزلط وشكاير الأسمنت على كتفيه وظهره إلى الأدوار العليا لكن الآن يكتفي بتعبئة الرمل والطوب والزلط لابنه، في هذه السن؟ نعم وحتى هذه اللحظة! لذلك أطلقنا عليه (حلواني طنان) فكما يقول الفنان علي الحجار في تتر مسلسل بوابة الحلواني: اللي بنى مصر كان في الأصل حلواني”. كذلك عم محمدي في طنان فلا يخلو بيت في طنان تقريبا إلا وتجد فيه بصمة عم محمدي، بمساهمته في رفع الرمال أو الطوب أو الزلط على كتفيه.

ألقي عليه السلام كعشرات غيري يقابلوه في الطريق ويرد على الجميع وعندما يرد وكأننا قد حصلنا على وسام من أرفع الأوسمة ونيشان من أغلى النياشين ولكني لا أكتفي بذلك بل أطلب منه الدعاء لي بظهر الغيب وبكل ود وبشاشة يستجيب، هذا الرجل من الرجال القلائل الذين حلمت بإجراء حوارا صحفيا معه ولكن خجلي وخوفي وحيائي منه أن لا أعبر عن مشواره وكفاحه في حوار حتى ولو كان هذا الحوار مطولا يجعلني أتقهقر، فكل صحف وكتب ومجلدات العالم لاتكفي لوصف ثانية واحدة في حياة هذا الرجل، يذكرني بجدي رحمه الله كنموذج للمثابرة والكفاح والإصرار على العمل حتى الرمق الأخير من حياته، أمد الله لنا في عمره هو وأمثاله، فلأمثال هؤلا نرفع القبعات ونقف احتراما وتبجيلا.

قد يهمك ايضاً:

عم محمدي حمودة الذي صار أيقونة في قرية طنان قليوب قليوبية كرمز للكفاح والزهد والإرادة والعفة والطهارة ونموذج للشباب إنسان بدرجة ملاك يمشي على الأرض، رؤيته كفيلة برسم الابتسامة على شفاهنا لأن وجوده يشعرنا أن الدنيا مازالت بخير، لذلك نقف له احتراما وتقديرا لكفاح رجل لايعرف إلا الجهد والعمل والإخلاص فيه بالرغم من أنه نيف على التسعين عاما، نقدر عم محمدي لأنه يأكل من كسب يده، من كد يمينه، وعرق جبينه فحاز كل هذا التقدير والاحترام، وفي الأثر: اليد العليا خير من اليد السفلى”. وروي عن النبي ﷺ أنه قال: ما أكل ابن آدم طعاما خيرًا له من أن يأكل من عمل يده، وكان داود عليه السلام يأكل من عمل يده”.

ضرب عم محمدي أروع الأمثلة في الزهد وعزة النفس فهو يأبي عدم الزيادة قرشا واحدا على أجره حتى لوحاولت بنفس راضية صافية زيادة في الأجر المتفق عليه يرفض باستماتة وشرف وكرامة وإباء وشموخ وشمم، لايأكل عند أحد حتى ولو أحضرت له كباب وكفتة وأطايب الطعام، ينجز عمله يحصل على أجره ويتوجه لبيته هذه عادته وهذا برنامجه اليومي لايحيد عنه أبدا إلا للمسجد لصلاة الفروض.

لي عظيم الشرف أنني كنت أول من كتب عن مشوار وكفاح عم محمدي ودعوت لتكريمه وبالفعل كرمته طنان بزيارة بيت الله الحرام ولكن مازال في نفسي شيء فما زلنا لم نوف الرجل حقه لماذا لايكرم من رئيس الجمهورية لماذا لاتكرمه مصر؟ فقررت البدء بحملة قوية حتى يصل صوتنا للسيد الرئيس فاتصلت بزملائي في جريدة البوابة وجريدة الوطن فلبوا نداء عمي محمدي وكتبوا عنه حوارات صحفية مطولة وقدموا له تقارير إعلامية ثم كانت مؤخرا قناة السي بي سي وبرنامج مانشيت للإعلامي جابر القرموطي الذي بكى على الهواء تعاطفا مع عم محمدي هذا النموذج الإنساني الفريد صاحب الإرادة الفولاذية، الرجل الذي لا يجيد إلا صناعة البناء والتشييد والتعمير، الرجل الذي حباه الله سبحانه وتعالى بالرضا والقبول والقناعة والزهد في هذه الدنيا حتى صار مثلا ونموذجا يحتذى به في الكفاح والإرادة والرضا وصار عنوانا لقرية طنان، القرية التي لا تشيخ ولاتهرم، القرية التي تتمرد على البطالة وتأبى الراحة والدعة، ومع كل هذا لم يصل صوتنا للرئيس ولكننا لن نيأس سنعيد الكرة من جديد حتى يكرم عم محمدي بما يليق به وبمشوار كفاحه فعم محمدي وأمثاله هم وجوه مصر الحقيقية وهم بانوها العظام وهؤلاء هم سر بركتها هذه الوجوه البعيدة عن الشو الإعلامي والكاميرات التي لايسعى وراءها الإعلام ولاتكتب عنهم الصحف، هذه الوجوه هي الأَوْلى بالتكريم، هذه الوجوه هي النماذج الحقيقية التي يجب أن تٌقدم للشباب بل لكل الأجيال كنماذج يحتذى بها، كرموا هذا الرجل وكل من تبقى من هذا الجيل العظيم، كرموا مصر الحقيقة الجميلة المنسية، كرموا مصر التي أهملها الزمن، كرموا رجال الزمن الجميل، كرموا هذه السلالة التي انقرضت، كرموا هذه الوجوه قبل فوات الأوان.